هل عند ريح الصبا من رامة ٍ خبرُ … أم طاب أن صاب روضاتِ اللوى المطرُ
علامة ٌ لك من أمّ الوليد أتت … تعلو الرياحُ بها والمزن تنحدرُ
كأنّ ما هبَّ عطرياً مجاسدها … منفوضة ً وكأنّ البارقَ الأشرُ
هوى ترامت به الأيام تبعدهُ … و قربته لك الأياتُ والذكرُ
و نازلٌ باللوى يسليك صورتهُ … تيهُ الطريق وينسيك اسمهُ الحذرُ
سرى إلى الشرق مشتاقا وما فقدتْ … عينٌ له بلوى خبتٍ ولا أثرُ
يجشمُ البدرَ أن يشقى برؤيته … و يلبسُ الليلَ زوارا فيعتكرُ
ما استوطن البيدَ لولا أنه رشأٌ … و ما امتطى الليلَ لولا أنه قمرُ
يا منة ً للكرى لولا حلاوتها … ما ذمَّ وهو وفاءٌ في الهوى السهرُ
مدَّ الظلامُ بها قبلَ الصباح يدا … بيضاءَ بانَ بها من أمسه السحرُ
في الضاربين على البلقاءِ بادية ً … يسبى لها الحرَّ من أبنائه الحضرُ
تصبى الأحاديثُ عنها وهي نازحة ٌ … و السمعُ يعلق ما لا يعلق البصرُ
سمراءُ غارتْ عليها وهي تشبهها … في القدّ واللون تحميها القنا السمرُ
تلينُ خلقاً ويحفو خلقها فكأنْ … في جسمها الماءِ ألقي قلبها الحجرُ
سعدية تدعى أن الوفاءَ لها … من صلب حاجبَ حبلٌ ليس ينبتر
فما لها وفؤادي في خفارتها … و الشوقُ يرعاه ظلما ليس ينتصرُ
لو شاء يعدُ جواري وهو مطرحٌ … من شاء قال التميميون قد غدروا
ما أنكرتْ أم خير وهي معرضة … أغيرَ أنْ لونتْ من لمتي الغيرُ
وَ في الصبا للهوى إذ كان حالفه … لا يحلقُ الحبُّ حتى يحلقَ الشعرُ
أرى المنى بعدُ تملى لي سوالفها … و قد المشيب الذي استقبلتُ مزدجرُ
أشتاق حاجاتيَ الأولى َ وتجذبني … إلى اتباع النهى حاجاتيَ الأخرُ
ما أشرفَ الحلمَ لولا ثقل محملهِ … و أجملَ الصمتَ لولا قولهم حصرُ
و ما أعزَّ الفتى في ظلَّ عفتهِ … لو شوور الحزمُ أو لو صحت الفكرُ
ما لكَ في الحرصِ إلا فضلُ ذلتهِ … و الرزقُ يفعل فيه ما اشتهى القدرُ
خلقانِ في هذه الدنيا معاسرة ٌ … ما طولبتْ وبها إن توركت يسرُ
قنعتُ منها بما بلَّ الصدى كبراً … من همتي ظنَّ قومٌ أنه صغرُ
أسوفُ العيشَ حسنَ الظنَّ أجبرهُ … على فسادٍ وجبرُ الظنَّ منكسرُ
مرقعا بالمنى أرجو غدا فغدا … تأتي الحظوظُ وحظي بعدُ منتظرُ
رضا بنفسي أو ودَّ امرئ ثقة ٍ … أغنى به وغنيُّ المالِ مفتقرُ
و إن مدحتُ ففخرٌ لا أعابُ به … و لا يكذبُ إخباري به الخبرُ
إذا غلوتُ بقولٍ فيه لم ترني … إلى المروءة فيما قلتُ أعتذرُ
حدثْ بفضلِ بني عبد الرحيم وما … طابوا على قدمِ الدنيا وما كثروا
و استشهد الصحفَ الأولى بما نقلت … عنهم وما قصت الآثارُ والسيرُ
المكتفين إذا غابوا بشهرتهم … عن الشهادة والكافين ما حضروا
أبناء ذروة هذا الملك قد فرعوا … سنامه يطلبون النجمَ ما انحدروا
تملكوا قربَ الدنيا وشرعتها … لا يردُ الناسُ إلا كلَّ ما صدروا
لا تستخفهم الأحداثُ إن طرقت … عن الحلومِ ولا يطغيهم البطرُ
إذا بلوتَ تقاهم أو بصائرهم … في نعمة ٍ شكروا أو نكبة ٍ صبروا
تكلموا وأرمَّ الناطقون لهم … لا يؤمرون ولا يعصون إن أمروا
يدعون في السنواتِ الشهبِ جامدة ً … فيفعلون بها ما يفعلُ المطرُ
غاض الفراتُ وضنَّ المزنُ وانبعثتْ … في المزنِ تعصرُ أيديهم فتنعصرُ
لو ركبوا في أعاليهم أناملهم … يومَ الوغى حضرتْ أطرافها الحمرُ
إن كنتَ فيمن طواه البينُ ممترياً … منهم فعندك من منشورهم خبرُ
هذا الحسينُ حياة ٌ خلدتْ لهمُ … ليسوا بأول موتي بابنهم نشروا
صلى َّ فزادتعلى السباق حلبته … محلقُ العرفِ جارٍ خطوهُ حضرُ
كالسهم أحرزَ ذكرا يومَ ترسله … لم يعطهِ أبواه القوسُ والوترُ
عصارة فضلتْ في الطيب طينتها … و الخمرُ أطيبُ شيء منه يعتصرُ
لا يعدمَ الصاحبَ ابنُ الليل قوسهُ … طولُ السرى وتنقى َّ عظمه السفرُ
فوزَ في البيدِ لا ظلٌّ يفء له … ظهراً ولا يتقيه من ندى سحرُ
ترمى به غرضَ الأخطارِ حاجتهُ … يحلو له الملحُ أو يصفو له الكدرُ
يحسُّ أو يتراءى كلَّ مخلفة ٍ … لا سمعَ يصدقهُ فيها ولا نظرُ
يرى سماوته في الماءِ ينكرها … من طول ما اختلفتْ في عينه الصورُ
حتى إذا ملت الأقدارُ شقوته … و حان من سعيه أن يدرك الظفرُ
آنسَ من جوده نارا مبشرة ً … ببردِ عيشته من حيثُ تستعرُ
فجاء يقتافها حتى أصاب قرى … يأخذُ منه اشتطاط النفسِ أو يذرُ
بينا تكونُ البدورُ الطائفاتُ به … و لائدا وتذكى للقرى البدرُ
فلا خلا منه ربعُ الفضلِ يعمرهُ … بالمال يقسمُ والأقوالِ تدخرُ
و بيضة الملكِ يحميها فما كربت … مذ قام يشعبها بالرأي تنفطرُ
تيمنوا باسمه حتى لقد وثقوا … لو سار في غير جيشٍ أنهم نصروا
طلقُ النقبة ِ لم يعقلِ سعايته … عن مطلبٍ رجبٌ يخشى ولا صفرُ
غررَ في العزَّ حتى نال غايتهُ … و جانبُ العزَّ مركوبٌ له الغررُ
لو عيبَ ما عابه شيءٌ يزنُّ به … من النقيصة ِ إلا أنه بشرُ
حلا له الحمدُ حتى ما له ثمنٌ … يغلو عليه وحتى ما لهُ هدرُ
لو وهبَ المرءُ يوما نفسهُ سرفا … لم يهبِ النفسَ إلا وهو مختصر
عجمتُ أيامَ دهري صعبة ً بكمُ … فسالمتني وفي أيامها خورُ
و كان لي عندَ حظي قبلَ ودكمُ … ثأرٌ فقمتُ بكم كالسيف أثئرُ
فلتأتينكمُ عني وبي أبدا … غرائبٌ وهي في أوطانها فقرُ
تسري مراكبَ للأحساب تعرضها … على العيون شياتٌ كلها غررُ
إذا تحلتْ فمعناها قلائدها الن … ضارُ أو لفظها أقراطها الدررُ
مما ولدتُ وإن خالفتُ منصبها … كسرى أبي وأبوها نسبة ً مضرُ
تسركم وتسوء الحاسدين لكم … و نفعُ قومٍ لقومٍ غيرهم ضررُ
في كل يومٍ جديدِِ العهد مبتكرٍ … تسوقها لكم الروحاتُ والبكرُ
لها بأحسابها طولٌ وما قطعتْ … سيرا وفيها عن استحقاقكم قصرُ
و قد سمعتم سواها قابلين له … فكيف يحلو لجاني النحلة ِ الصبرُ
و إن تشابهتِ الألفاظُ واتفقتْ … فرمة الحبل شكلا حية ٌ ذكرُ