هجر الوساد فبات غير موسَّد … وَأَذَابَهُ وِرْدُ الحِمَامِ المورَدِ
شَرعَ المكارِهَ منَ تَوَجَّهَ غَادِياً … يا للرجال لما يروح ويغتدي
وبياض يوم قد سحبت وليلة … قَدْ بِتُّهَا غَرَضَ الْهُمُوم العُوَّدِ
وَكَأنّ هَمِّي والظَّلاَمَ تَوَاعَدَا … عندي فكل قد وفا بالموعد
جاشت جنودهما علي فلم أنم … وبَدَا وَقَدْ بَلَغَتْ بغير تَبَدُّدِ
إِنَّ الَّتِي سَبَعَتْ عدوه أصْبَحَتْ … عمَّا لَقِيتَ كَغَائبٍ لمْ يَشْهَدِ
ملأت حشاك وربما ملأ الحشا … وجدٌ بحمدة مثلهُ لم يوجد
إذ أنت مشتغلُ الفؤاد بذكرها … صب وإذ هي من بنات المسجد
لَوْ أنَّ أرْمَدَ لاَ يُجلَّى نَظْرَة ً … تَبْدُو له كَانَتْ شِفَاء الأَرْمدِ
أيام يحسدها الثنا جاراتها … وَسْطَ النِّسَاءِ وَمِثْلُهَا فَلْيُحْسَدِ
… خَاه لا فِي الَّتِي … تَصِلُ النِّسَاءَ لَهُ هَوى المتأوِّدِ
…شفق من هواك ولم أخف … عجل المنايا والردى في المرصد
…يخزنك الثرى … ريا كغصن البانة المتأوِّد
لا تَبْعَدَنَّ وأيْنَ مَنْ فَارَقْتُه … أَمْسَى بِمِثْلِ سَبِيلِها لمْ يَبْعَد
إنَّ الَّتِي كَانَتْ هَوَاك فَأصْبَحَتْ … تحت السفائف في الثرى المتلبِّد
لَيْسَتْ بسامِعة ٍ وَإنْ نَادَيْتَهَا … منك السلام كذلك الميتُ الرَّدى
أَحُمَيْدُ إِنْ تَرِدِ المُصَابَ فَإِنَّنا … رَهْنُ النُّفُوسِ بمثل ذاك المورد
وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ وَإِنْ بعُدَ المَدَى … عَنَقٌ تَتَابَعَ كُلُّهُمْ فِي مِقْوَدِ
أصْبَحْتُ بَعْدَكَ كالمُصَابِ جَنَاحُهُ … يبكي لجانبه إذا لم يسعد
حران فارق إلفه ونأى به … دَهْرٌ يَعُودُ عَلَى سَوَادِ الْمَوْجِدِ
مِمَّا يُعَزِّي الْقَلْبَ بَعْدَكِ أنَّنِي … في الْيَوْمِ جَارُكِ ياحُمَيْدَة ُ أوْ غَدِ
نَفِدَ الزَّمَانُ وَمِنْ حُمَيْدَة َ لَوْعَة ٌ … بين الجَوانِحِ حَرُّهَا لَمْ يَنْفَدِ
يُبْدِي الضَّمِيرَ إِذَا عَرَفْتَ لَهُ بِهِ … لوناً كخافية الغراب الأسود
بيضاء لَبَّسَهَا الحَيَاءُ عَفَافَهُ … فضل القناع إذا خلت لم توصد
فَأتَتْكَ فِي جَدَثِ الضَّرِيحَة ِ خُلَّة ٌ … يا خُلَّة ً لكِ في الضَّرِيحِ المُلْحَدِ
فالآن أغدو ما يكون بغيره … غَلَبَتْ وطُول صَبَابَة ٍ وتبلُّدِ
قَدْ كُنْتُ أَذْكُرُ منْ عُبيْدة َ بصة ً … وأعف عن شغب اللسان وفي اليد
وأرى حراماً أن يحل محلها … مني امرؤ بصداقة وتودد
وَلَقَدْ أقُولُ غَدَاة َ يَنْأى نَعْشُهَا … صَلَّى الإِله عَلَيْكِ أمَّ مُحَمَّدِ
فلقد تركت كبيرة ً محزونة ً … وَأخَا إِخَاء عَيْنُهُ لَمْ تَجْمُدِ
بردت على كبد المصاب وأصبحت … مِنِّي نَوَافِذُ حَرِّهَا لَمْ تَبْرُد