مَنْ معيدٌ ليَ مِنْ عَهد الأُلى … زَمَناً فيه حَلا ثم خَلا
ولياليَّ بجمع ومنى … هطلَ الغَيثُ لها وکنهملا
علِلاني يا خليليَّ بما … مرَّ من أيام جَمْعٍ عَلِّلا
وبما كان بأيام الصّبا … أينَ أيامك يا سعد الألى
خَفِّفا عن دَنِفٍ حِمْلَ الأسى … فلقد أَثْقَلَه ما حملا
كان لي صَبرٌ فلّما رحل … الركبُ بالأحباب عني رحلا
نزلوا بالشّعب واختاروا على … بُعْدِهم مني فؤادي منزلا
وبنفسي من رماني عامداً … ما رَمَتْ عيناه إلاّ قَتَلا
وتظَلَّمْتُ من الحبِّ إلى … جائرٍ في حكمه ما عدلا
رمية ٌ منك أصابت مقتلي … هي من عينيك يا ريم الفلا
فاتَّقِ الله بأحشاءِ شجٍ … ما اتقى منك العيون النجلا
خضب العينين منه بدمٍ … في خضاب الليل حتى نصلا
ساهر لو عرض الغمض على … جفنه طيب الكرى ما قَبلا
خلّياني بعدَ سكّان الغضا … أَنْدُبُ الرّبع وأبكي الطللا
يا لها من وقفة في أرْبُع … أرخصتْ من أدمعي ما قد غلا
حدَّثَ الواشين جَفني في الهوى … عن دمِ الدمعِ حديثاً مرسلا
سرُّ وجدانٍ بدا لي صونه … باحتِ العينَ به فابتذلا
ولحاني صاحبٌ يحسَبُني … أسْمَع النُّصحَ وأرضى العذّلا
جادل العاذلُ حتى إنّه … كان لي أكثر شيء جَدَلا
لو رآى الحبَّ عَذولٌ لامني … عَرَفَ العاذلُ ما قد جَهِلا
يا خَليليَّ إذا لم تَعْلَما … ما أقاسي من غرامٍ فاسألا
إنَّما أحبابنا يوم النّوى … قطعوا في هجرهم ما وصلا
نقل الواشي إليهم سَلْوَتي … كَذِبَ الناقلُ فيما نقلا
هل سألتم عن فؤادي إنَّه … ما سلاكم في الهوى حتى کنسلى
لستُ أنساكم بذكرى غيركم … كيف أبغي بسواكم بدلا
إنْ علا جدُّ امرئٍ في جدّه … فعليُّ الجدّ بالجدِّ علا
تسبقُ الأقوالَ أفعالٌ له … وإذا قال بشيء فعلا
سيّد لو أمَرَ الدهر بما … شاءَ من أمر المعالي امتثلا
وجد الدهر مزياه حلى ً … فتحلّى منه في تلك الحلى
قرأ المجدُ على أخلاقه … سورة َ الحمد قديماً وتلا
وصعابٌ المعالي لم تقدْ … قادها من غير كرهٍ ذللا
طيّب الذات رفيعٌ قدرُه … ما يريك النجم إلاّ أسفلا
سيّدٌ أشرفُ من في هاشم … شبَّ في حجر العلى واكتهلا
من أناسٍ بلغوا غاياتهم … من نوالٍ ونزالٍ وعُلى
سادة ٍ قَد أَوْضحَ الله بهم … لجميع العالمين السبلا
أنزلَ الله على جدّهمُ … سيّدِ الرسل الكتابَ المنزلا
سادة لولا هداهم بَقَيْت … هذه الناس جميعاً هملا
ما رأينا أحَداً من قبله … لاح كالبدر هزيزاً رجلا
لاح للأبصار يبدو واضحاً … وتجلّى وبه الكرب انجلى
وضحَ الصُّبحِ إذا الصبحُ أضا … أو حسامٌ مشرفيّ صقلا
أوبخفى عن عيونٍ أبصرتْ … بوجود کبن ذكاء ابنَ جلا
أَنا مِنْ آلائه في نِعمة ٍ … بالغٌ في كلِّ يوم أملا
ونوالٍ من يدٍ مبسوطة … للعطايا أرسلتها مثلا
إنّما أيديه أيدي ديمة ٍ … روَّضَتْ روضي إذا ما أمحلا
وصلاتٍ من نداه اتَّصلتْ … والنَّدى أَعْذَبُه ما اتّصلا
منهلٌ مستعذبٌ مورده … لا عَدِمْنا منه ذاك المنهلا
لا أبالي إنْ يكن لي مورداً … مرَّ يا سَعْدُ زماني أم حلا
فجزاه الله عنّا خير ما … جُوزيَ المنعمُ فيما نوّلا
إنْ يرمْ فيه مقالاً شاعرٌ … قال فيه شعره مرتجلا
دامت الأيامُ أعياداً له … وعليه السَّند وافى مقبلا