مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ … فلا تضنِ محبَّك في دلالك
كئيبٌ من جفونك في سقام … فعالجه وإلاّ فهو هالك
يرومُ وصالكَ الدَّنفُ المعنى … ولو أَنَّ المنيَّة في وصالك
تَحرِّمُ وَصْل من يهواك ظُلماً … وتبخلُ فيه حتى في خيالك
وما ينسى لك المشتاق ذكراً … أيخطر ذكرها يومأً ببالك
لقد ضاقت مذاهبه عليه … وسُدَّتْ دون وِجْهَتِه المسالك
مللتُ وما مللتَ عن التجافي … فَلِمْ لا مِلتَ يوماً عن ملالك
فيا ظبي الصريم وأنت ريمٌ … لكَمْ قُنِصَتْ أُسُودٌ في حبالك
وإنَّك إنْ حَكَيْت الصَّبَحَ فَرقاً … حكى حظّي الشقيّ سواد خالك
أقولُ لعاذل بهواك يلحو … أَصَمَّ الله سمعي عن مقالك
وبين الوجد والسوان بعد … كما بين اتصالك وانفصالك
تحلُّ دَماً من العاني حراماً … فَهَلاّ كان وَصلُك من حلالك
وهبنا من زكاة الحسن وصلاً … أما تجب الزكاة على جمالك
وإنّا في هواك كما ترانا … عطاشى لا تُؤَمِّلنا ببالك
يُؤَمِّلنا المنى فيك المنايا … ويوقعنا غرامك في المهالك
وما طمع النفوس سوى تلاقٍ … وقد أطعمتُ نفسي في نوالك
منعتَ ورودَ ذاك الثّغر عني … فواظمأ الفؤاد إلى زلالك
أربعَ المالكة ّ بعد ليلى … ضلالاً إنْ صَبَوْتُ لغير ضالك
سُقِيتَ الريَّ من ديمَ الغوادي … تجر ذيولهن على رمالك
أُقاسي من ظبائك ما أقاسي … وأعظمُ ماأكابد من غزالك
ويا قلباً يذوب عليك وجداً … أرى هذا الغرام على وبالك
يحمّلك الهوى حملاً ثقيلاً … وما کحتملت قلوب كاحتمالك
ألا فکنشد بذات الضال قلبي … فعهدي أنَّه أضحى هنالك
ولا تسلك بنا سبل اللواحي … فإنّي في سبيلك غير سالك
لقد أرشَدْتَ بل أضْلَلْت فيه … فلم أعرف رشادك من ضلالك
شجيتُ وأنتَ من وجدي خليٌّ … وها حالي ثكلتك غير حالك
فلا تَحْتَلْ على صَبري بشيءٍ … من العجز اتكَّلت على احتيالك
ولا تعذل أخا دنفٍ عليه … متى يصغي لقيلك أو لقالك
يزين صباح ذاك الفرق منه … باسودَ من سواد الليل حالك
وما لك بالغرام وأنْتَ عدل … تجورُ على المحبِّ مع کعتدالك
أَيَمْلِكُ بالهوى رقّي وإنّي … شهاب الدين لي بالفضل مالك
أمحمود الفضائل والسجايا … حَمِدْتُ من الأنام على فعالك
لقد أُوتيتَ غاية كل فضل … بخوضك في العلوم وباشتغالك
إذا افتخرت بنو آلٍ بآلٍ … ففخر الدين أنت وفخر آلك
وأعجبُ ما نشاهد في أحاجي … بديهتك العجيبة وکرتجالك
وكم أخرستَ منطقيا بلفظ … فأفصحَ عن عُلاك لسانُ حالك
وفي مرآك للأبصار وحيٌ … ينّبئُنا فديتُك عن جلالك
وتصقع بالبلاغة والمعالي … أَشدّ على عدوّك من نبالك
فيا فرع النبوّة طِبْتَ أصلاً … ثمار الفضل تُجْنى من كمالك
ظفرنا من نداك بما نرجّي … على أَنْ ما ظَفِرنا في مثالك
وحسُبُك أَنْتَ أَشرفْ مَن عَليها … تشَّرفتِ البسيطة ُ في نعالك
وكم لله من سيف صقيلٍ … بجوهره العناية في صقالك
لنا من اسمك المحمود فألٌ … يخبِّرُ سائليك بسعد فالك
وما أنا قائلٌ بنداك وبلٌ … لأنَّ الوَبْلَ نوعٌ من بلالك
إذا الأَيام يوماً اظمأَتْنا … وردنا من يمينك أو شمالك
وإنْ بارزت بالبرهان قوماً … تحامى من يرومك في نزالك
وكلٌّ منهمُ وله مجالٌ … فما جالت جميعاً فقي مجالك
تجيبُ إذا سئلتَ بكلِّ فنٍّ … وتعجزهم جواباً عن سؤالك
وإنَّك أكثر العلماء علماً … ولستَ أقلَّهم إلاّ بمالك
نعم هم في معاليهم رجال … ولكن لم يكونوا من رجالك
كمالُكَ لا يرام إليه نَقصٌ … وأينَ البَدْر تمّاً من كمالك
وما تحكي البدورُ التِمُّ إلاّ … بوجهك وکرتفاعك وکنتقالك
سجاياك الجميلة خبَّرتنا … بأنَّ الحسن معنى من خصالك
خلالٌ كلُّها كرمٌ وجودٌ … تجمَّعتِ المكارم في خلالك
وما في الناس من تَلْقاه إلاّ … ويسألُ من علومكَ أو نوالك
وتولي في جميلك كلَّ شخصٍ … كأنَّ الخلقَ صارت من عيالك
لقد أمنتني خوفَ الليالي … وإنّي إنْ بقيت ففي خلالك
تعالى قدْرُك العالي مَحلاًّ … وعندي أنَّ قَدْرَك فوق ذلك
وصَفْتُك بالفضائل والمعالي … ولم تَكُ سيّدي إلاّ كذلك