مَرَّ جُنحٌ مِنَ الظَلامِ وَقَلبي … لَم يَزَل يَستَمِرُّ في خَفَقانِه
وَهفا النَومُ عَن جُفوني فَروحي … في وُجودٍ ضَلَّ الهدى عَن مَكانه
أَنا في مُخدعٍ تَكادُ لَآها … تي تَسيلُ الدُموعُ من جدرانِه
ضَيِّقٍ مُظلِمٍ فَلَو أَقبَلَ النو … رُ إِلَيهِ لخافَ لَونَ دهانِه
وَأَمامي القَندنيل يَلمَعُ نوراً … فَإِخالُ الجَحيمَ في لَمَعانِه
وَأَراهُ يسآلني عَن شُجوني … لَو حباهُ الإِلهُ نطقَ لِسانِه
يشعُر القَلبُ من دَمي بِدَبيبٍ … كَدَبيبِ البُركانِ في هَيَجانِه
وَأَرى بَينَ إِصبَعيَّ لفافاً … تَتَلاشى أَعمارُنا كَدُخانه
ساهِرٌ في كَآبَتي وَحَبيبي … بِسَلامٍ يَنام عن أَشجانِه
فَبنان الرقاد تسكبُ سِحراً … وَتُذيبُ الأَحلامَ في أَجفانِه
أَنصفَ اللَيلُ ما لِقَلبي يُناجي … في سُكون الدُجى هَوى سكّانِه
مسَّهُ عارِضُ الجنونِ فَلَولا … أَضلُعي لاِستَطارَ عن جُثمانِه
أَسمَعُ اللَيلَ في الفَضاءِ يُغَنّي … وَحَفيفُ الأَوراقِ مِن أَلحانِه
تِلكَ أُنشودَةُ الحَياةِ يُغَنّي … ها لِسانُ الدُجى عَلى عيدانِه
وَأَرى ظُلمَةَ الدَجنَّةِ إِبلي … ساً نجومُ الفَضاءِ من أَعوانِه
موكبُ من عرائِس الجِنِّ يَمشي … لِلِقاءِ الشَيطانِ في إِيوانِه
هُم يَقولونَ ما بِهِ وَهواه … حسبُما يَبتَغي وَطوعُ بنانه
حينَ نادى جَنانُه رحمَةَ الحُ … بِّ اِستَجابَ الهَوى نِداءَ جَنانِه
إِي وَلكِن لَو يُدرِكونَ أُموراً … قَد رماها الفُؤاد في كِتمانِه
لَو هُمُ يَعلَمونَ ماذا يُقاسي … عاشِقٌ يستَجيرُ في لبنانِه
لَو دَرَوا أَنَّ في الطَبيعَة عَدلاً … قَطع الظُلمُ كَفَّتَي ميزانِه
لاِستَباحوا كُفرانَه وَاِستَحَلّوا … أَن يَظَلَّ الحَزينُ في كُفرانِه
رَبِّ عَفواً لَقَد فَقَدتُ شُعوري … فَشُعوري يَهيمُ في تيهانِه
كُن شَفيقاً عَلَيَّ وَاِرحَم فُؤادي … إِذ تَراهُ قَد ضَلَّ عَن إيمانِه
إِنَّ قَلبي مَأوىً لكُلِّ عَذابٍ … قَد أَواهُ الضَنا بِلا اِستِئذانِه
فَكَأَنّي وُجِدتُ في الكَون حَتّى … أَشربَ الكَأسَ مِن يَدي شيطانِه
يا صَديقي إِن شِئتَ تِبيانَ قَلبي … فَجَبيني يَنبيك عَن تبيانِه
رَسم القَلبُ طيفَه فيهِ فَاِنظُر … يَعرفون الكِتاب من عُنوانه
يا صَديقي أُنظُر لِبُستانِ عُمري … كَيفَ دَبَّ الذُيولُ في أُقحُوانِه
فَشَبابي أَخنَت عَلَيهِ صُروفٌ … أَفقَدَتهُ النضار من ريعانِه
صِرت في وِحدَتي أُخاطِب موسه … راشِفاً في الظَلامِ سِحرَ بَيانِه
كانَ مِثلي فَغَيَّبَ القَبرُ مِنهُ … جَسداً بالياً قُبَيلَ أَوانِه
شاعِرَ الدَمعِ هَل مِن الدَمعِ بدٌّ … في وُجودٍ أَلعينُ من غدرانِه
أَفعمَ الكَون بِالعَذابِ حَياتي … فَلِهذا تاقَت إِلى أَكفانِه