من حق ركبك أن يهز النيلا … ويشوق عصرك بهجة ً والجيلا
أرضيت إلا بالعيون ركائباً … وقنعت إلا بالقلوب سبيلا
حيث وفود النيل منك موقراً … يزري بأبهة الملوك جليلا
لما مشى بين المواكب لم يدع … لمتوجٍ عرشاً ولا إكليلا
تمشي الجموع إلى إمام هداتها … وتؤم شيخ حماتها المأمولا
قل للكنانة جد جدك فانظري … أترين إلا سيفك المسلولا
خوضي الغمار إلى الفتوح نرى لها … غرراً تضيء بها الدنى وحجولا
دلف الفوارس في لوائك حسراً … ومضوا رعيلاً للوغى فرعيلا
يتقارعون على الشهادة أيهم … يمسي لطه في الجنان نزيلا
أمعاود الأوطان بعد فراقها … أنويت إلا فرقة ً ورحيلا
ما زلت مغترب الأسنة والظبي … فمتى تريد من الجهاد قفولا
بعد القرار فسر بقومك هادياً … واطو المدى ميلاً إليه فميلا
قصرت مسافته فما برح الألى … ركبوا الهوى حتى تباعد طولا
حملوا الحماية فالبلاد مروعة ٌ … والشعب ينظر نعشه المحمولا
لو كنت شاهدهم غداة مشوا بها … وجوانب الوادي تموج طبولا
أيقنت أن من الشعوب أجنة ً … وعلمت أن من البلاد طلولا
من غاب عنهم من بني الدنيا فما … عرف المسيخ ولا رأى عزريلا
هم فرقوا الشمل الجميع ومزقوا … ما ألف الصيد الأباة فلولا
لو كنت من ظلل الغمام بمنزلٍ … لرأيت حزباً أو لقيت قبيلا
ضربوا الأبوة بالبنين وقطعوا … ما كان من أرحامهم موصولا
الشر يعصف والعدو بغبطة ٍ … والنيل يهتف بالقرى لتزولا
ومدججين رمى الدعاة سوادهم … فمضوا سهاماً للعدى ونصولا
طلبوا بني أعمامهم فكأنما … طلبوا تراتٍ عندهم وذحولا
قوم شفوا غيظ العدى وسياسة ٌ … لم تبق منهم مأرباً أو سولا
أخذوا على النيل السبيل وصادفوا … شعباً يميل مع الرياح ذلولا
حملوا إليه الغول في استقلالهم … فسل المواكب كيف زفوا الغولا
تفتر عن أنيابها وكأنما … أمست عيون بني الكنانة حولا
لولا المداره يدفعون بلاءها … لرأيت حكم جناتها مقبولا
اذكر لنا القوم الغزاة وحيه … شعباً أبر على الشعوب نبيلا
عدت الذئاب فهب من غفواته … يبتز لبدته ويحمي الغيلا
لم يستنم للغاصبين ولم يرد … يوماً على حكم الجفاة نزولا
وإذا استبد الغاصبون بأمة ٍ … مسخت وبدل خلقها تبديلا
ما انفكت الأشلاء نهب سيوفه … حتى تدارك شلوه المأكولا
فزعت خطوب الدهر من سطواته … وارتد صرف الحادثات مهولا
ورأت شعوب الأرض من نهضاته … ملء العقول الواعيات ذهولا
قومي الألى صحبوا الصوافن فتية ٌ … وقضوا لبانات السيوف كهولا
مثل الحياة لكل شعبٍ باسلٍ … لا يستكين ولا يريد نكولا
صلى الإله على الميامين الألى … نصروا النبي وأيدوا التنزيلا
أدر الحديث ورو من أنبائهم … شعباً يزيد على الزمان غليلا
بين له معنى الثبات فليس من … خلق المجاهد أن يكون ملولا
وإذا نظرت إلى الممالك لم تجد … مثل الثبات على الحياة دليلا
ولقد رأيت الناهضين فهل ترى … إلا خلائق سمحة ً وعقولا
إنا لنذكر للكنانة حقها … ونرى الكثير من الوفاء قليلا
نأبى الكرى حتى نقوم بنصرها … ونرد غاصب حقها مخذولا
عهدٌ رعى ورق الشبيبة وانتحى … ظل المشيب فطاب منه مقيلا
لسنا كمن جعل الحياة رواية ً … تعيي العقول مناظراً وفصولا
صورٌ يروعك عدها وملاعبٌ … تلقي عليك من الرياء سدولا
إني أعوذ بمنصبي ومروءتي … من أن أكون الشاعر الضليلا
للحر أخلاقٌ تميل بنفسه … عن أن يغير عهده ويحولا
هي صبغة الباري ولست ترى لما … صبغ الذي برأ النفوس نصولا
ولقد رأيت الفاضلين وما بنوا … للغابرين من القرون الأولى
فعلمت أن من الرجال ذخائراً … وعلمت أن من الرجال فضولا
ورأيت بعض القول دين هداية ٍ … يأتي به الرجل الحكيم رسولا
ليس القريض على النبوغ بنافعٍ … حتى يكون لذي النهى إنجيلا