ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا … إلاّ وأشْرَقَ بَدْرٌ كان محتجبا
لا ينزع الله مجداً كان مُعطيَه … آلَ النبيّ ولا فضلاً ولا أدبا
الكاشفون ظلام الخطب ما برحوا … بيضَ الوجوه وإنْ صالوا فبيض ظبا
من كلّ أبلجَ يزهو بهجة وسناً … تخاله بضياء الصبح منتقبا
قد أنفقوا في سبيل الله ما ملكوا … واستسهلوا في طلاب العزِّ ما صعبا
هم الجبال کشمخرَّت رفعة ً وعُلى ً … هُم الجبال وأما غيرهم فرُبا
أَبناءُ جدٍّ فما تدنو نفوسهُم … من الدنيّة لا جدّاً ولا لعبا
عارونَ من كلِّ ما يزري ملابسه … يكسوهم الحسنُ أبراداً لهم قُشُبا
ومُنْيَة ً قد حثَثْناها فتحسبها … نجائباً لا وجى ً تشكو ولا لغبا
إلى عليٍّ عليِّ القدر مرجعها … نقيبُ أشراف غرّ السادة النجبا
الواهب المال جمّاً غير مكتوث … والمستقلّ مع الإكثار ما وهبا
يريك وفر العطايا من مكارمه … يوم النوال، وإنْ عاديتَه العطبا
قد شرّف الله فرعاً للنبيّ سما … إلى السماء إلى أنْ طاول الشهبا
لِمْ لَمْ يشرَّفْ على الدنيا بأجمعها … من كان أشرفَ هذي الكائنات إبا
هذا هو المجد مجدٌ غير مكتسب … وإنّما هو ميراثٌ، أباً فأبا
من راح يَحكيهم بين الورى نشباً … فليس يحكيهم بين الورى نسباً
أنتم رؤوس بني الدنيا وسادتها … إنْ عُدَّ رأسُ سواكم لاغتدى ذنبا
لكم خوارق عادات متى ظهرت … على العوالم كادت تخرق الحجبا
رقّت شمائلك اللاّتي ترقّ لنا … حتّى كأنَّك مخلوقٌ نسيم صبا
وفيك والدّهر يخشى من حوادثه … ويُرتجى رَهَباً إذ ذاك أَو رغَبَا
صلابة َ قطُّ ما لانت لحادثة … وقد تلين خطوب الدهر ما صلبا
وعزمة ٍ مثل وري الزند لمستْ … موجاً من اليمّ أضحى موجه لهبا
تجنّب البخل بالطبع الكريم كما … تجنّب الهجر والفحشاء واجتنبا
فنال ما نال آباءٌ له سلفت … ندبٌ إلى الشرف الأعلى قد انتدبا
إنْ كان آباؤه بالجود قد ذهبوا … فقد أَعاد بهذا الجود ما ذهبا
فکنظر لأيديه إنْ جادت أنامله … بالصِيبِ الهامل الهامي ترى عجبا
أينَ الكواكب من تلك الماقب إذْ … تزهو كما قد زهتْ بالقطر زهر ربا
تلك المزايا كنظم العقد لو تليتْ … على الرّواسي لهزَّتْ عطفها طربا
يرضى العلاء متى يرضى على أَحَدٍ … ويغضب الدهر أحياناً إذا غضبا
قد بلّغت نعم العافين أنعمه … فلم تدع لهمُ في غيره إربا
يقول نائله الوافي لوافده … قد فار جالب آمالي بما جلبا
أكرمْ بسيّد قومٍ لا يزال له … مكارمٌ تركت ما حاز منتهبا
نَوْءُ السحائب منهلٌ على يَده … فلا فقدنا به الأنواء والسحبا
الكاسب الحمد في جود وبذل ندى ً … يرى لكلّ امرئٍ في الدهر ما كسبا
نهزُّ غُصناً رطيباً كلّ آونة … يساقط الذهب الإبريز لا الرطبا
فما وجَدْتُ إلى أيامة سبباً … إلاّ وجدتُ إلى نيل الغنى سببا
وحبذا القرم في أيام دولته … حَلَبْتُ ضرع مرام قط ما حُلبا
بمثله كانت الأيام توعدنا … فحان ميعاد ذاك الوعد واقتربا
حتى أجابته إذ نادى مآربه … بمنصب لو دعاه غيره لأبى
موقفٌ للمعالي ما ابتغى طلباً … إلاّ وأدرك بالتوفيق ما طلبا
سبّاقُ غاياتِ قَوم لا لحاق له … وكم جرى إثْرَه من سابقٍ فكبا
مُذ كنتَ أَنتَ نقيباً سيِّداً سنداً … أوضحتَ آثار تلك السادة النقبا
أضحكتَ بعدّ بكاء المجد طلعته … وقد تبسّمَ مجدٌ بعدما انتحبا
أحييتَ ما مات من فضلٍ ومن أدبٍ … فلتفتخر في معاني مدحك الأدبا
يا آلَ بيتِ رسول الله إنَّ لكم … عليَّ فضلاً حباني الجاه والنشبا
وأيدياً أوجبت شكري لأنعمها … فاليوم أقضي لكم بالمدح ما وجبا