لو كانَ يرفقُ ظاعنٌ بمشيِّعِ … ردُّوا فؤادي يومَ كاظمة ٍ معي
قالوا النَّوى وخرجتُ وهوَ مصاحبي … ورجعتُ وهوَ معَ الخليطِ مودِّعي
فلأيِّما من مهجتيَّ تأسُّفي … وبأيِّ قلبيَّ الغداة َ تفجُّعي
لا كانَ يومٌ مثلُ ذاكَ لآئبِ … بجوى ً ولا غادٍ سرى لمْ يمتعِ
يومٌ يعدُّ الجلدُ كلُّ ملاوذٍ … منهُ ويعذبُ فيهِ ملحُ الأدمعِ
أنشأتُ أسمي فيهِ غيرُ نشيدتي … منْ حيرة ٍ وأرودُ غيرَ المنجعِ
أطاُ الكرى متململاً وكأنَّني … لهباً وقعتُ على حرارة ِ أضعلى
هلْ يملكُ الحادي تلُّمُ ساعة ً … إنَّ البطيءَ معذبٌ بالمسرعِ
أمْ هلْ إليهِ رسالة ٌ مسموعة ٌ … عنِّي فينصتَ للبليغِ المسمعِ
روِّحْ بذي سلمٍ على متأخِّرٍ … يبغي اللَّحاقَ وإنْ أبيتَ فجعجعِ
وتوخَّها في التَّابعينَ مثوبة ً … إنَّ المشوقَ إذا تخلَّفَ يتبعِ
الشّمسُ عندكَ في الخدودِ وعندنا … شمسٌ إذا متعَ الضحى لمْ تنصعِ
فتَّ العيونَ بها فهلْ في ردِّها … طمعٌ فكيفَ لنا بآية ٍ يوشعِ
نمْ نومة َ اليأسِ القريرة َ إنْ أوى … جنبٌ يقلِّبهُ فراقُ المضجعِ
واعلمْ بأنَّكَ إنْ رأيتَ فلنْ ترى … يوماً كأمسكَ في الزَّمانِ الأجرعِ
فوراءِ عهدك بالنَّخيلهِ جونة ٌ … بهماءَ تلعبُ بالمحبِّ الموجعِ
تعمى على بصرِ الدَّليلِ فجاجها … تيهاً فتخرتُ بالبروقِ اللُّمَّعِ
ركبتْ بها عجلى ترى منْ سوطها … أفعى متى ونتِ الرَّكائبِ تلسعِ
ورهاءَ ما نفضتْ يداً منْ حاجرٍ … إلاّ وقدْ غمستْ يداً في لعلعِ
لمْ تألفِ البيداءَ قبلَ جنونها … منْ ذاتِ خفٍّ أو تطيرَ بأربعِ
إنْ شاءَ بعدهمُ الحياءَ فلينسكبْ … أو شاءَ ظلُّ غمامة ٍ فليلقعِ
فمقيلُ جسمي في ذبولِ ربوعهمْ … كافٍ وشربي منْ فواضلِ أدمعي
كرمتْ جفوني في الدِّيارِ فأخصبتْ … فغنيتُ أنْ أردِ الدِّيارَ وأرتعي
فكأنَّ دمعي مدَّ منْ أيدي بني … عبدِ الرَّحيمِ ومائها المتنبِّعِ
وسهرتُ حتّى ما تميِّزُ مقلتي … فرقانَ مغربِ كوكبٍ منْ مطلعِ
فكأنَّ ليلي معْ تفاوتَ طولهِ … أسيافهمْ موصولة ً بالأذرعِ
لا يبعدنَّ اللهَ دارَ معاشرٍ … مذْ جمَّعوا شملَ العلا لمْ يصدعِ
حملوا العظائمَ ناهضينَ بأنفسٍ … لمْ تنقبضْ وكواهلٍ لمْ تظلعِ
مترادفينَ على الرِّياسة ِ أقعدوا … منها على سيساءِ ظهرٍ طيَّعِ
لمْ يزلقوا في ظهرها قدماً ولا … عثروا بها متعوِّذينَ بدعدعِ
داسوا الزَّمانَ فذلَّلوا أحداثهُ … بأخامصٍ فوقَ الأضالعِ وقَّعِ
متسلطينَ على جسامَ امورهِ … وثبَ الأسودِ على البهامِ الرُقَّعِ
أنفوا منَ الأطرافِ والأوساطِ فاس … تلبوا العلاءَ منَ المكانِ الأرفعِ
تعطيهمُ آراؤهمْ وسيوفهمْ … كفَّ الزَّمانِمنَ المخوفِ المفزعِ
ولدوا ملوكاً فالسِّيادة ُ فيهمُ … مطبوعة ٌ لمْ تكتسبْ بتطبُّعِ
للشَّيخِ والكهلِ المرجَّحِ منهمُ … ما للموشَّحِ والصغيرِ المرضعِ
لكنْ عميدُ الدَّولة ِ الشَّمسُ التي … عنتِ النُّجومُ لنورها المتشعشعِ
سبقَّ الأوائلَ فاستبدَّ بشوطهِ … متهملاً والسبقُ للمتسرِّعِ
ورأى نجابة َ منْ تأخَّرَ منهمُ … عنهُ فقالَ الحقْ نشاوى واتبعِ
فضلوا بهِ ولكلِّ ساعٍ منهمُ … مجدٌ فضيلة َ غالبٍ بمجمَّعِ
منْ ناقلٍ صدقَ الحديثِ معوَّدٍ … حفظَ الأمانة َ للصَّديقِ المودعِ
يطوي الطَّريقَ نشيطة ً حركاتهُ … للصَّعبِ منها والذّليلِ الطيَّعِ
تتجمَّعُ الحاجاتُ عندَ نجاحها … للمرسلينَ بشملهِ المتوزِّعِ
ما بينَ وقتِ رحيلهِ وإيابهِ … إلاَّ مسافة ُ مثلثٍ أو مربعِ
حتَّى ينيخَ بثقلهِ وبضيفهِ … بالمستخفِّ وبالوهوبِ الموسعِ
فيقولُ عنِّي للوزيرِ وربما … تردُ الرِّسالة ُ منْ سوايَ فلا يعي
كمْ تأخذُ الأشواقُ منْ جلدي وكمْ … قلقي بحملِ فراقكمْ وتروُّعي
وإلامَ طولُ رضايَ بالميسورِ منْ … حظِّي وفرطُ تعفُّفي وتقنُّعي
طيانَ أبغي الوفدَ بينَ معاشرٍ … حبُّ العلا في دينهمْ لمْ يطبعِ
يا ضلَّتي ما قمتُ أطلبُ عندهمء … رزقاً عداكَ ويا سفاهة َ مطمعي
ومنَ العناءِ وأنتَ ساكنُ موضعٍ … طلبُ العلا في غيرِ ذاكَ الموضعِ
وهبَ النَّوالَ على العبادِ مكايلي … منْ راحتيكَ بمفعمٍ وبمترعِ
ونداكَ مثلُ الطَّيفِ يخرقُ جانباً … عرضَ الفلا حتَّى يجاسدَ مضجعي
فجمالُ أيَّامي بحضرتكَ التي … هي منيتي يومَ الفخارِ ومفزعي
وجلاءُ طرفي وانبعاثُ خواطري … ما بينَ مرأى منْ عداكَ ومسمعِ
حظٌّ لعمركَ لا اعتياضَ لناظري … منهُ ولا لفؤادي المتصدِّعِ
يا غائباً غدتِ الوزارة ُ بعدهُ … شلوَ الفريسة ِ في الذئابِ الجوَّعِ
تتدافعُ الأيدي الضِّعافُ بثقلها … بهراً وما في صدرها منْ مدفعِ
وضعَ اسمها في كلِّ معنى ً حائلٍ … نابٍ لها ولمثلها لمْ يوضعِ
يسمى بها منْ لمْ يكنْ يسمو لها … غلطاً ويطمعُ كلُّ منْ لمْ يطمعِ
تدعو مغوِّثة ً بمالكِ رقِّها … منْ بينِ قبضتِ غاصبٍ أو مدَّعي
فاسئلْ أسودُ الغابِ كيفَ تفسَّحتْ … للشاءِ عنْ هذا العرينِ المسبعِ
ما قمتمُ عنها وفيها متعة ٌ … وأبيكمُ للجالسِ المستمتعِ
والملكُ مذْ أهملتموهُ بيضة ٌ … لمْ يحملها أنِفٌ وسرحٌ ما رعي
مازالَ يسري الدَّاءُ في أعضائهِ … أو ماتَ أو إنْ لمْ يمتْ فلقدْ نعي
يفديكَ منهمُ نائمٌ عنْ رشدهِ … أو حاسدٌ لكَ ساهرٌ لمْ يهجعِ
متصوبِ القدمينِ خفَّاقُ الحشا … في حيثِ يثبتُ للقنا المتزعزعِ
يعطي الرياسة َ قابضاً أو باسطاً … خرقاءَ كيفَ تصرَّفتْ لمْ تصنعِ
جعلَ الوعيدَ على العبادِ سلاحهُ … ووعيدهِ شنٌّ بكفِّ مقعقعِ
غضبانَ أنَّكَ سالمٍ منْ كيدة ٍ … غضبَ الفرزدقَ منْ سلامة ِ مربعِ
تتلى صفاتكَ وهوَ يعجبُ سادراً … عجبُ الجبانِ منَ الكميِّ الأروعِ
ولئنْ عظمتَ وقلَّ أنْ تفدى بهِ … فالعينُ تقذى مرَّة ً بالإصبعِ
عدني بقربكَ إنَّهُ منْ فاتهُ … إدراكُ حظٍّ عاشَ بالمتوقَّعِ
وامددْ إليَّ يداً لو أنَّكَ في السُّها … وعلى الثَّرى أهلي لنالتْ موضعي
بيضاءَ خضراءُ النّضدى أغدوا بها … أبداً رطيبَ التُّربِ سبطَ الأربعِ
تجري بسدَّة ِ خلَّتي أقلامها … تملى المضاءَ على السُّيوفِ القطَّعِ
واسمعْ على بعدِ الدِّيارِ وقربها … مثلَ القراطِ تعلُّقاً بالمسمعِ
غرراً بكاراً أسلمتْ لي عذرها … لو لمْ أكنْ فحلاً لها لمْ تفرعِ
ممّا اصطفيتكَ في الشَّبابِ وشائباً … منْ صفوتيهِ بمقرحٍ وبمجذعِ
وجعلتهُ لكَ أو لقومكَ نحلة ً … لولايَ أو لولاكمُ لمْ تشرعِ
أحوي أراقمهُ بفضلِ تلطُّفي … فيعي وأخدعُ منهُ ما لمْ يخدعِ
أرسلتهُ طلقَ السِّهامِ إذا استوتْ … لمْ تنعرجْ وإذا مضتْ لمْ ترجعِ
فبقيتَ لي ولهُ وآية ُ معجزي … لولاكَ في إظهارهِ لمْ تصدعِ
ماكرَّ يومٌ عائدٌ بصباحهِ … ورواحهِ منْ مغربٍ أو مطلعِ
وتحالفتْ في العربِ أو في فارسٍ … أعيادها في تالدٍ ومفرَّعِ