لهانَ علينا أن نقولَ وتفعلا … ونَذكُرَ بعضَ الفَضْلِ عنكَ وتُفْضِلا
أَبَا جَعْفرٍ أَجْرَيْتَ في كل تَلْعَة ٍ … لنا جعفراً من فيض كفيكَ سلسلا
فكَمْ قَدْ أثرنا مِنْ نَوالِكَ مَعْدِناً … وكمْ قدْ بنينا في ظلالكَ معقلا
رجَعْتَ المنَى خُضَراً تُثَنَّى غُصُونُها … علينا وأطلقتَ الرجاء المكبلا
ومايَلْحَظُ العَافي جَدَاكَ مؤمّلاً … سَوَى لَحْظَة حَتَّى يؤوبَ مُؤَملا
لقدْ زدتَ أوضاحي امتداداً ولم أكنْ … بهيماً ولا أرضى من الأرضِ مجهلا
ولكن أيادٍ صادفتني جسامُهَا … أغرَّ فأوفَتْ بي أغَرَّ مُحَجَّلا
إذا أحسنَ الأقوامُ أن يتطاولوا … بلا نِعمَة ٍ أحسنْتَ أن تَتَطَوَّلا
تعظمتَ عن ذاكَ التعظُّمِ منهمُ … وأوْصَاكَ نُبْلُ القَدْر ألاَّ تَنَبَّلا
تَبيتُ بَعِيداً أنْ تُوجهَ حِيلَة ً … على نشبِ السلطان أو تتأولا
إذا ما أصابوا غرة ً فتمولوا … بها راحَ بيتُ المال منك ممولا
هَزَزْتَ أمِيرَ المؤمنينَ مُحَمَّداً … فكانَ رُدينيّاً وأبيضَ مُنْصُلا
فمَا إنْ تُبَالي أنْ تُجَهزَ رَأْيَهُ … إلى ناكِثٍ أَلاَّ تُجَهزَ جَحفَلا
ترى شخصَه وسطَ الخلاقة ِ هضبة ً … وخُطْبَتَه دُونَ الخِلافَة ِ فَيْصَلا
وأنَّكَ إذْ ألبَسْتَه العِزَّ مُنْعِماً … وسربلتَهُ تلك الخلافة ِ فيصلا
لتقضي به حقَّ الرعية ِ آخراً … وتَقْضي بهِ حَقَّ الخِلافة ِ أوَّلا
فما هضبتا رضوى ولا ركنُ معنقٍ … ولا الطودُ من قدسٍ ولا أنفُ يذبلا
بأثقلَ منهُ وطأة ً حينَ يغتدي … فَيُلْقي وَرَاءَ المُلْكِ نَحْراً وكَلْكَلا
منيعُ نواحي السرِّ فيهِ، حصينُها … إذَا صَارَتِ النَّجْوَى المُذَالَة ُ محفِلا
تَرَى الحَادِثَ المُسْتَعْجِمَ الخَطْب مُعْجَماً … لديْهِ ومشكُولاً إذا كانَ مُشكلا
وجَدْنَاكَ أنْدَى مِنْ رِجَالٍ انَامِلاً … وأحسنَ في الحاجات وجهاً وأجملا
تضيءُ إذا اسودَّ الزمانُ وبعضُهم … يَرَى الموتَ أنْ يَنهَلَّ أَوْ يَتَهلَّلا
وواللهِ ما آتيكَ إلا فريضة ً … وآتي جَميعَ النَّاس إلاَّ تَنَفُّلا
وليسَ امرؤ في الناس كنت سلاحَهُ … عشية َ يلقى الحادثاتِ بأعزَلا
يَرَى دِرْعَهُ حَصْدَاءَ والسَّيْفَ قاضِياً … وزُجَّيْهِ مسْمُومَيْن والسّوْطَ مِغْوَلا
سأقطعُ أمطاءَ المطايا برحلة ٍ … إلى البلدِ الغربيِّ هجراً ومُوصلا
إلى الرحِم الدنيا التي قدْ أجفها … عُقُوقِي عَسَى أَسْبَابُها أن تَبَلَّلا
قبيلٌ وأهلٌ لمْ ألاقِ مشوقهُمْ … لوشْكِ النَّوَى إلاَّ فُوَاقاً كلا وَلا
كأنَّهم كانُوا لخفة ِ وقفتي … مَعَارِفَ لي أو مَنْزلاً كانَ مَنْزلا
ولَوْ شِيتُ لَمَّا التَاثَ بِري عليهمِ … ولم يكُ إجمالاً لكانَ تجمُّلا
فلمْ أجدِ الأخلاقَ إلاَّ تَخَلُّفاً … ولم أجدش الأفضالَ إلاَّ تَفَضُّلا
وأصرفُ وجهي عن بلادٍ غدا بها … لساني مشكولاً وقلبيَ مُقفلا
وجَدَّ بها قَومٌ سِوَايَ، فصَادفُوا … بها الصنعَ أعشى والزمانَ مُغفلا
كلابٌ أغارَتْ في فَريسِة ضَيْغَمٍ … طروقاً وهامٌ أطعمتْ صيدَ أجدلا
وإنَّ صريحَ الرأي والحزم لامرئٍ … إذا بَلَغَتْهُ الشَّمسُ أنْ يَتَحوَّلا
وإلاَّ تَكُنْ تِلْكَ الأمَانيُّ غَضَّة ً … ترفُّ فحسبي أنْ تصادفَ ذبَّلا
فَلْيسَ الذي قَاسَى المَطَالِبَ غُدْوَة ً … هبيداً كمنْ قاسى المطالبَ حنظلا
لئن هممي أوجدنني في تقلبي … مآلاً، لقد أفقدنني منكَ موئلا
وإنْ رُمْتُ أَمْراً مُدْبِرَ الوَجْهِ إنَّني … سأتْركُ حَظّاً في فِنائِكَ مُقْبِلا
وإنْ كنتُ أخطو ساحة َ المَحْل إنَّني … لأتركُ رَوْضاً مِنْ جدَاكَ وجَدْولا
كذلكَ لا يُلْقِي المُسَافِرُ رَحْلَه … إلى منقلِ حتى يُخلفّ منقلا
ولا صاحبُ التطوافِ يعمرُ منهلاً … وربعاً إذا لم يخلِ ربعاً ومنهلا
ومنْ ذا يداني أو ينائي وهلْ فتى … يحلُّ عرى الترحالِ أو يترحلا
فمرني بأمرٍ أحوذيٍّ فإنني … رَأَيْتُ العِدَا أثْروا وأصبحتُ مُرْمِلا
فَسِيَّانِ عِنْدي صَادفَوُا لي مَطْمَعاً … أُعَابُ بهِ أو صَادَفُوا لي مَقْتلا
ووالله لا أنفكُّ أهدي شوارداً … إليكَ يحملنَ الثناءَ المنخلا
تَخَالُ بهِ بُرْداً عليكَ مُحَبَّراً … وتَحْسَبُهُ عِقْداً عليكَ مُفَصَّلا
ألذَّ منَ السلوى وأطيبَ نفحة ً … من المسكِ مفتوقاً وأيسرَ محملا
أخفَّ على قلبٍ وأثقلَ قيمة ً … وأقْصَرَ في سَمْع الجَليسِ وأطْوَلا
ويُزْهَى له قَوْمٌ ولَمْ يُمْدَحوا بهِ … إذَا مَثَلَ الرَّاوي بهِ أوْ تَمثَّلا
على أن إفراطَ الحياءِ استمالني … إليك ولمَ أعدِلْ بعرْضَيَ مَعْدِلا
فثَّقلتُ بالتخفيفِ عنكَ وبعضهمْ … يُخفِّفُ في الحاجاتِ حتى يُثقِّلا