لمن الرّكبُ حنيفاً وذميلا … يَقْطَعُ البيدَ حُزوناً وسُهولا
يتساقون أفاويق الكرى … ويعَانون السُّرى ميلاً فميلا
فوق أنضاءٍ فرت أخفافها … شقق البيد صعوداً ونزولا
كلّما مرَّتْ برَسْمٍ دارسٍ … هملت أدمعُ عينيها همولا
وإذا ما کنتَشَقَتْها شمالا … فكما قد شربت راحاً شمولا
أتراها ذكرت في ذي الغضا … زمناً مرَّ بمن تهوى عجولا
بدَّلت بالوصول هجراً وبما … نعمتْ بؤساً وبالريّ غليلا
قَصُرَت أيّامنا في رامة … ورباها فذكرناها طويلا
قد رَعَيْناها رياضاً أزهَرَتْ … وبكيناها رسومأً وطلولا
أينَ يا سَعْدُ ديارٌ دَرَسَتْ … وأحباءٌ بها كانوا نزولا
بدورٌ أشرفتْ أرجاؤها … لقيتْ بعد تلاقينا أفولا
أرسلُ الطرفَ فما لي لا أرى … ناظراً أحوى ولا خدّاً أسيلا
قد ذكرنا عهدَكم من بعدكم … فتحرَّقنا بكاءً وعويلا
شدَّ ما لاقيتُ من هِجرانكم … يوم أزمعتم عن الحيِّ رحيلا
واعتقلتم من قدود سمراً … واتخذتم حدقَ الغيد نصولا
أَيُّ ذكرى قد ذكرناكم بها … وكذا فليذكرِ الخلُّ الخليلا
تورثُ القلب التهاباً والحشا … حرقاً والدمع مجرى ً ومسيلا
فسقى أطلالَكُم من عَبْرَة ٍ … لم نكن نبعثها إلاّ سيولا
مغرمٌ في قبضة ِ الوجد شجٍ … لا يرى يوماً إلى الصَّبر سبيلا
وَثَنَتْه عَن مَلامٍ فيكم … طاعة ُ الحبِّ التي تعصي العذولا
قد تركْتُم في عذابٍ جَسَداً … فأَخّذْتُم قلبه أخذاً وبيلا
عَلِلّونا بنسيمٍ منكم … عَلَّ يشفينا وإنْ كان عليلا
وانصفونا من خيالٍ طارقٍ … زارنا ليلاً فما أغنى فتيلا
فأعيدوه لنا ثانية ً … وليكنْ منكم وما كان رسولا
إيّ ودينِ الحبِّ لولا سربكم … ما استباحت أعين الغيد قتيلا
ما أخو الحزم سوى من يتّقي … الشاذنَ الألْعَسَ والطرف الكحيلا
ذَلَّ عبدُ الحبّ من مُسْتَعبَدٍ … كم عزيز ترك الحبُّ ذليلا
لا رعى الله زماناً أملي … فيه يحكيني سقاماً ونحولا
إنْ يسؤني الدهر في أحداثه … سرَّني عبدالغني الدهر طولا
عارضٌ ممطرنا من سيبه … كلّ يوم وابل المزن هطولا
فتأمل في البرايا هل تجدْ … من يضاهيه جمالاً وجميلا
عارفٌ بالفضل معطٍ حقَّه … بين قومٍ تحسب الفضل فضولا
طالما استسقيته من ظمأٍ … فسَقاني من نَداه سلسبيلا
أليْسَ الدهرَ بأفعالٍ له … غرراً أشرقَ فيها وحجولا
خير ما يطرب فيه موقف … يَملأُ الأرض صهيلاً وصليلا
يوم لا تُشْرِق إلاّ بدمٍ … مرهفاتٌ تتشكّاه فلولا
وبحرِّ الطعن أطراف القنا … والمواضي البيض كادت أن تسيلا
يا إماماً في العلى فليقتدِ … بعد ذاك الجبل في الآتين جيلا
لا مثيل لك في الناس وإنْ … كنتَ للبدر نظيراً ومثيلا
ما سواك اليوم في ساداتها … من يجير الجار أو يحمي النزيلا
ولئنْ كان قؤولٌ فيهمُ … لم تكنْ بينهم إلاّ فعولا
وإذا ما زكّيتْ أنسابها … كنتَ أزكاها فروعاً وأصولا
لم تكنْ بالغة ً منك على ً … طاوَلَتْ أعلى الجبال الشمّ طولا
ولقد أنزلتَ أعلى منزلٍ … في مقام يُرْجِعُ الطرفَ كليلا
وأبى مجدك إلاّ أن ترى … أيُّها القرمُ مُغيثاً ومُنيلا
أَفأَنْتَ الغيثُ ينْهَلُّ فما … تركت أنواؤه روضاً محيلا
إنَّ للإحسان والحسنى معاً … فيك يا مولاي حالاً لن تحولا
ينقضي جيلٌ ويستودِعُها … بعد ذاك الجبل في الآتين جبلا
أَيَّ نعمائك أقضي حقَّها … فلقد حملتني حملاً ثقيلا
نبَّهتْ حظّيَ من رقدَتِهِ … بعد أنْ أرقدة الدهر خمولا
كلُّ يوم بالغٌ منك منى ً … وعطاءً من عطاياك جزيلا
وإذا ما هجرت هاجرة … كنتَ ظلاً يُتّقى فيه ظليلا
ولقدْ ملَّتْ يدي من أخذها … منك ما تولى وماكنتَ ملولا
فكأنّي روضة ٌ باكرها … صيّبٌ أو صادَفتْ منك قبولا
وحَرِيٌّ بعدَها أنْ أنثني … ساحباً فيك من الفخر ذيولا
فابق للأعياد عيداً والنّدى … منهلاً عذباً وللوفد مقيلا