لمنْ طالعاتٌ في السراب أفولُ … يقوِّمها الحادونَ وهي تميلُ
نواصلُ من جوّ خوائضُ مثلهِ … صعودٌ على حكم الزمان نزولُ
هواها وراءٌ والسُّرى من أمامها … فهنَّ صحيحاتُ النواظر حولُ
تضاغى وفي فرط التضاغي صبابة ٌ … وترغو وفي طول الرُّغاء غليلُ
ترادُ على نجدٍ ويجذبُ شوقها … مظلٌّعراقيُّ الثرى ومقيلُ
وما جهلتْ أنّ الحجاز معيشة ٌ … وروضٌ يربِّيه الحيا وقبولُ
ولكنّ سحراً بابليّاً عقوده … تحلَّلُ ألبابٌ بها وعقولُ
نجائبُ إن ضلَّ الحمامُ طريقه … إلى أنفسِ العشّاقِ فهي دليلُ
حملنَ وجوها في الخدورِ أعزَّة ً … وكلُّ عزيز يومَ رحنَ ذليلُ
قسمنَ العقولَ في الستور بأعينٍ … قواتلَ لا يودى لهنّ قتيلُ
وفيهنّ حاجاتٌ ودينٌ غريمهُ … مليٌّ ولكنَّ الملَّى مطولُ
يخفّ على أهل القباب قضاؤها … لنا وهي منٌّ في الرقابِ ثقيلُ
أبى الربعُ بالبيضاء إلا تنكُّرا … وقد تعرفُ الآثارُ وهي محولُ
ولمّا وقفنا بالديار تشابهتْ … جسومٌ براهنَّ البلى وطلولُ
فباكٍ بداءٍ بين جنبيه عارفٌ … وباكٍ بما جرّ الفراقُ جهولُ
ونسأل عن ظمياء إلا يراعة ً … تميلُ مع الأرواح حيث تميلُ
ويعجبنا منها بزخرفة الكرى … دنوٌّ إلى طولِ البعاد يؤولُ
فإن كان سؤلا للنفوس بلاؤها … فإنكِ للبلوى وإنكِ سولُ
تهجَّر واشٍ فيك عندي فساءني … فقلتُ عدوّ أنتَ قال عذولُ
وسفّهني في أن تعلّقتُ مانعاً … فقلت وهل في الغانيات منيلُ
إذا لم تكن حسناءُ إلا تخيلة ً … فلا عجبٌ في أن يحبَّ بخيلُ
وقبلكِ رضتُ الودَّ وهو مماكسٌ … وصافحتُ بالأيصار وهو جزيلُ
وأتعبني المحفوظُ وهو مضيِّعٌ … لعهدي والمألوفُ وهو ملولُ
وقلَّبتُ أبناءَ الزمان مجرِّبا … فكانوا كثيرا والصديقُ قليلُ
ولم أرَ كالأقسامِ أفسقَ سيرة ً … وأجورَ بين الناس وهي عدولُ
ولا كاتباع الحرصِ للمرء خلَّة ً … يدقُّ عليها العرضُ وهو جليلُ
وقد زعموا أنّ العفافَ غميزة ٌ … وأن التراخي في الطِّلاب نكولُ
وأنّ السؤال يسرة ٌ ونباهة ٌ … وكلُّ انتباهٍ بالسؤالِ خمولُ
إذا كفَّك الميسورُ والعرضُ وافرٌ … فكلّ الذي فوق الكفافِ فضولُ
ولكنَّ مجداً فضلُ سعيك للعلا … تطوَّفُ في إحرازها وتجولُ
وأن تخبط الغبراءَ ضرباً وراءها … فتعرضُ في آفاقها وتطيلُ
بغى شرفُ الدين السماءَ فنالها … بعزمٍ على سقف السماء يطولُ
وخوِّل أعناقَ المطيّ فساقها … وراءَ التي يسمو بها ويصولُ
له كلَّ يومٍ والرياحُ ظوالعٌ … مناخٌ إلى أمرِ العلا ورحيلُ
نفى الضيمَ عنه أنفُ غضبانَ ثائرٍ … يخفُّ وقسطُ الحادثات ثقيلُ
ورأيٌ يودّ السيفُ لو شافه الطُّلى … به وهو مطرور الغرار صقيلُ
إذا همَّ فالبحرُ العميقُ مخاضة ٌ … توشَّلُ والأرضُ العريضة ُ ميلُ
تحمَّل عبءَ المجدِ فاشتدَّ كاهلٌ … قويٌّ على عضِّ الرحال حمولُ
وأنصفَ أحكام السيادة ِ ناشئا … وقد غدرتْ شيبٌ بها وكهولُ
فتى ً صحفه في النازلاتِ دروعهُ … وأقلامهُ فيها قناً ونصولُ
تشلُّ العدا حتى يقالَ كتائبٌ … وتحوي المدى حتى يقال خيولُ
وإن شهدَ اليومَ القطوبَ تهلّلتْ … قسائمُ وجهٍ كلُّهن قبولُ
يضحنَ إذا الأوضاحُ بالنقع أبهمتْ … ويبسمنَ أمنا والنفوسُ تسيلُ
وفارقها صلبُ العصا لم يرعْ له … جنانٌ ولم ترعدْ إليه خصيلُ
من القوم لم يخزِ القديمُ حديثهم … ولم تتخذَّل بالفروع أصولُ
إذا الأبُ منهم قصَّ مجدا على ابنه … تقبَّل آثارَ الأسود شبولُ
تودّ النجومُ السائراتُ بأنهم … إذا ما انتمت آلٌ لها وقبيلُ
ويكرمُ صوبُ المزن لو أنّ ماءه … ينبَّط من أيمانهم فيسيلُ
لهم من عميد الدولة اليوم ذروة ٌ … معاليهمُ وسطى وهنّ ذيولُ
أريتَ عيانا مجدهم وهمُ لنا … أحاديثُ مظنونٌ بها ونقولُ
كرمتَ فلم تجحدْ لديك وسيلة ٌ … وطلتَ فلم يملكْ إليك وصولُ
وما ارتابَ هذا الملكُ أنك شمسهُ … تعمُّ فتضفو تارة ً وتزولُ
إذا غربت أبقتْ فوائدَ نورها … وإن صبغتْ يوما فليس يحولُ
وما شكّ فيك الناسُ أنك مزنة ٌ … تلاقحَ فيها العامُ وهو محولُ
أحبّوك حبَّ العين مسترقَ الكرى … وللعين عهدٌ بالرقاد طويلُ
إذا كانت الشُّورى فأنتَ وما لهم … إذا خيِّرَ الإجماعُ عنك عدولُ
فإن وجدوا الأبدال لم يتعرضوا … فكيف وما في الناس منك بديلُ
وقد علمتْ أمُّ الوزارة أنها … إذا غبتَ شمطاءُ القرونِ ثكولُ
تفارقها مستصلحا فهي فاقدٌ … مولَّهة ٌ حتى يكون قفولُ
وتبذلها حتى تغارَ فترعوي … بعولٌ تعاطى بضعها وبعولُ
وإعضالها خيرٌ لها من رجالها … سواك وما كلُّ الرجالِ فحولُ
لها غبطة ٌ يوما ويوما فجيعة ٌ … كذلك دولاتُ الزمان تدولُ
وأبقى ذماها علمها أنَّ أمرها … إليك وإن طال البعادُ يؤولُ
أنا المطلقُ المأسورُ بالقرب والنوى … فيوما ويوما مظعنٌ ونزولُ
تجيشُ الليالي ثم يخمدُ صرفها … فتنقص فيما بيننا وتطيلُ
تغيبُ فلا فرطُ الأسى بمقبَّحٍ … عليّ ولا الصبرُ الجميلُ جميلُ
فظاهرُ حالي مثلُ دمعيَ لائحٌ … وباطنها مثلُ الغرام دخيلُ
ويأكلني فيك العدا وتعودُ لي … فينتشرُ مرمومُ العظامِ أكيلُ
وقد أجدبتْ أرضي فلا يغفلنَّها … مع القرب فيضٌ في يديك بليلُ
أردني لأمرٍ غيظه حظُّ صاحبي … وحظَّي منه في العلاء جزيلُ
وشافهْ بحالي ما يكافي كفايتي … فأنت بفضلي شاهدٌ وكفيلُ
ولا تخشْ من سيفٍ خبرتَ مضاءه … وإن كان فلاًّ أن يكون نكولُ
فقد يغدق الوادي وأولاهُ قطرة ٌ … ويجسمُ فعلُ الرمح وهو نحيلُ
وكيف حذارى من جفائك دانيا … وأنت على بعد الديار وصولُ
أتعتاضُ بالزوراء عنك سحابة ٌ … حياها بحلوانٍ عليّ هطولُ
معاذُ علاك وارتياحك للندى … وحقٌّ قديمُ العهدِ ليس يحولُ
ومبرمة ُ الأسبابِ شائعُ ذكرها … رقيبٌ على نعماك لي ووكيلُ
وأنك لا يحلو على يدك الغنى … ولا منك حتى تعتفى وتنيلُ
إذا قلَّ نفعُ المال أو قلَّ ربُّه … فمالك فرضٌ في السؤالِ يعولُ
دعوتَ القلوبَ فاستجابت كأنما … هواك إلى حبّ القلوب رسولُ
وكنتَ بما تولى على المدح حاجراً … وكلُّ مديح في سواكَ غلولُ
فلا يسر في ذا البدر نقصٌ ولا يطرْ … بذا الغصنِ الريّانِ منك ذبولُ
ولا تنبسطْ كفُّ الزمان بنبوة ٍ … تريدك إلا ردَّ وهو شليلُ
وزارك بالنَّيروز وفدُ سعادة ٍ … له لبثٌ لا ينتوي وحلولُ
يكون نذيرا بالخلود بشيرهُ … وأنك تبقى والزمان يزولُ
فلو أمهل المقدارُ يومك ما جرى … مدارُ الدراري قلتُ أنتَ عجولُ
وجاءتك عنّى كلّ عذراءَ مهرُها … خفيفٌ بحكم الجودِ وهو ثقيلُ
تحنُّ إلى أترابها في بيوتكم … كما حنَّ للضَّرع الدَّرورِ فصيلُ
لها أخواتٌ مثلها أو فويقها … جثومٌ على أعراضكم ومثولُ
حظوظهمُ منها سمانٌ حسائمٌ … وحظُّ رجالٍ آخرين هزيلُ
وأنصفتموها إذ ظفرتم برقِّها … فمالكها منكم أخٌ وخليلُ
فلو أن إفصاحي بها كان لكنة ً … لعلَّمني المعروفُ كيف أقولُ