لك الفوز من صوم زكي ومن فطر … وصلتهما بالبر شهرا إلى شهر
فناطق صدق عنك بالصدق والنهى … وشاهد عدل فيك بالعدل والبر
فهذا بما استقبلت من صائب الندى … وهذا بما زودت من وافر الذخر
فكم شافع في ظلك الصوم بالتقى … وكم واصل في أمنك الليل بالذكر
وكم ساجد لله منا وراكع … يبيت على شفع ويغدو على وتر
ووجهك للهيجاء من دون وجهه … وتسري إلى الأعداء عنه ولا يسري
وظلك ممدود عليه وتصطلي … بجاحم نار الحرب أو جامد القر
خلعت عليه ثوب صون ونعمة … وظاهرت عنه بين صن وصنبر
وكم قاطع بالنوم ليلا وصلته … بغزوك ما بين الأصيل إلى الفجر
وأقدمت فيه الخيل حتى رددتها … وآثارها ثغر لقاصية الثغر
فأنت جزاء صومنا وصلاتنا … وفيك رأينا ما ابتغينا من الأجر
ومنك استمد الفطر مطعم فطرنا … وفيك أرتنا قدرها ليلة القدر
وباسمك عزت في الخطاب منبر … بأسعد عيد عاد بالسعد أو فطر
ولاح لنا فيه هلال كأنه … بشير بفتح منك أشرق بالبشر
أهل فأهللنا إليه تمثلا … برحبك جنح الليل بالضيف تستقري
وأسفر عن زهر النجوم كأنما … جبينك أبدى عن خلائقك الزهر
علا وتدانى للعيون كما علا … محلك واستدنيت بعدا عن الكبر
وذكرنا عطفا بعطفك حانيا … على الدين والإسلام في البدو والحضر
هلال مساء بات يضمن للضحى … غداة المصلى مطلع الشمس والبدر
وملء عيون الناظرين كتائبا … كتبت بها الآفاق سطرا إلى سطر
مخططة بالخيل والأسد والحلى … ومعجمة بالبيض والبيض والسمر
وصادقة الإقدام تهتز للوغى … وخافقة الأعلام تعتز بالنصر
فصليت وهي النور في مشرق العلا … وأصليت وهي النار في مغرب الكفرأ
ولم استهلت بالسلام صلاتهم … أهلت إلى تسليمهم سدة القصر
فكروا يعيدون السلام على الذي … يعاود عنهم في العدى صادق الكر
يحيون بالإعظام مولى حنانه … أخص بهم من رأفة الوالد البر
ووافر سرير الملك يستلمونه … كمستلم الحجاج للركن والحجر
مشاهد غارت في البلاد وأنجدت … محققة الأبناء طيبة النشر
أنارت فما بالخلد عنهن من عمى … ولا بزباب الرمل عنهن من وقر
فكيف بأبصار أضاءت لها المنى … إليك وأسماع صغت فيك للجبر
ولا مثل مجلو النواظر بالعدى … بياتا ومفتوق المسامع بالذعر
توقى فأبلى عذر ناج مخاطر … فرد المنايا عنه مبنية العذر
وآنس يا منصور عندك نفسه … فجلى لنا تحت الدجى ناظري صقر
فأهوى إلى مثواك أمض من الهوى … وأسرى إلى مأواك أخفى من السر
فكم جزت من سيف لقتلي منتضى … وجاوزت من ليث لضغمي مقتر
فيا خزي ذا من سبق خطو مخاطر … ويا لهف ذا من فوت غرة مغتر
كأن خفوق القلب مد جوانحي … بأجنحة ريشت من الروع والذعر
وتحت جناحي مقدمي وتعطفي … ثمان وعالت بالبنين إلى الشطر
أخذت لهم إصر الحياة فأجلوا … وقد أخذ الإشفاق مني لهم إصري
فحملتهم وزرا ولو خف منهم … جناحي لكان الطود أيسر من وزري
فلله من أعداد أنجم يوسف … تحملها منها أقل من العسر
إلى كل مأوى للجلاء هوى بنا … إلى حيث لا مهوى عقاب ولا تبر
رحلت له عوجا كأنها هويها … ……………
طوين بنا بعد السفار كأنها … …………….
وربتما استودعتنا بطن حرة … ……………
رحيبة مأوى الضيف مانعة القرى … ……….
فكم لي بين اللوح واللوح طائرا … ………..
وكم أسلموا للعسف والخسف من حمي … وكم ..
وكم وجهوا وجها لبارقة الظبى … …………
وكم أقدموا بين المنايا كما هوت … ………..
وكم بدلو من وجه راع وحافظ … ………..
ومن رفرف الأستار دون حجالها … ………..
ومن ساجع الأطيار فوق غصونها … ……….
تنادي عزيف الجن في ظلم الدجى … ………
وكم زفرة نمت عليهم بحسرة … ………….
وثلاث عيون الشامتين إلى القرى … ………..
وماذا جلا وجه الجلاء محاسنا … …………..
وماذا تلظى الحر في حر أوجه … تنسم فيه برد ظل على نهر
وماذا أجن الليل في موحش الفلا … أوانس بالأتراب في يربع الزهر
وماذا ترامى الموج في غول لجة … بلاهية بين الأرائك والخدر
فإن نبت الأوطان من بعد عنهم … فلا محجري حجر عليهم ولا حجري
وإن ضاق رحب الأرض عن منتواهم … فرحب لهم ما بين سحري إلى بحري
وإن تقس أكباد كرام عليهم … فواكبدي ممن تذوب له صخري
وإن تبرم الأيسار في أزماتهم … فأحبب بأيسار قمرت لهم يسري
ففازوا بنفسي غير جزء ذخرته … لما شف من خطب وما مس من ضر
فعفو لهم جهدي وحلو لهم مري … وصفو لهم طرفي ويسر لهم عسري
وإن أضرموا قلبي فجمري لهم ند … وإن غيضوا شربي فروضي لهم
ودائع نفسي عند نفسي حفظتها … بما ضاع من حقي وما هان من قدري
قليل غناهم عن يدي وغناؤهم … سوى أنهم من ضيم كسبي لهم عذري
وأني لهم في ماء وجهي تاجر … أغنمهم غنمي وأربحهم خسري
وأسلم في وخز السفى ثمر المنى … وأبذل في قذف الحصى جوهر الشكر
وإن نففت عندي بضاعة قانع … تقنعت منها في خزاية معتر
وأنجم أنواء تنوء بها النوى … وليس لها إلا دموعي من قطر
ولا مطلع إلى مهادي أو حجري … ولا مغرب إلا ضلوعي أو صدري
إذا ازدحموا في ضنك شربي تمثلوا … بأسباط لموسى عند منفجر الصخر
فما جهدوا فلكا كما جهدوا يدي … ولا أنقضوا ظهرا كما أنقضوا ظهري
كأن لهم وترا علي وما انتحى … لهم حادث إلا وفي نفسه وتري
ولولاهم لم أبد صفحة معدم … ولم أسمع الأعداء دعوة مضطر
ولا جدت للدنيا بخلة واصل … ولو برزت لي في غيائلها الخضر
وناديت في بيض النضار وصفرها … لغيري فابيضي إذا شئت واصفري
ولكن أبى ما في الفؤاد من الأسى … وأعضل ما بين الضلوع من الجمر
وما لف عهد الله في ثوب غربتي … من الآنسات الشعث والأفرخ الزعر