لك الطائر الميمونُ والطَّالع الَّسعدُ … وطولُ بقاء ليس من بعده بَعدُ
تأمَّلْ وأنتَ المرءُ ينظر نظرة … فلا غَورَ إلا وهو في عينه نجدُ
ذكاءً وإشرافاً على كل غامضٍ … يقصّرُ قِدماً دون عفوهما الجُهد
ألم تر أن الجدَّ مذ كان سيِّد … وأن الوَنَى في كل عارفة عبْدُ
وتكميلُ معروف الكريم بحشده … وأسديتَ معروفاً وقد بقي الحشْدُ
ولستُ براضٍ منك ما لستَ راضياً … ولستَ براضٍ غير ما يرتضي المجد
إذا ما قصدتَ الأمرَ أول قصْدِه … ولم تَتْلُها أخرى فما حَصْحَصَ القصد
ولا عمدَ لم يحفزهُ عمدٌ مؤكَّدٌ … من المرءِ إلا أشبهَ الخطأَ العمدُ
وعنديَ أمثالٌ لذاك كثيرة … سَيَحْدُو بها في البر والبحر من يحدُو
إذا ما عقدتَ العَقد ثم تركته … ولم يَثْنِهِ عِقْدٌ وهى ذلك العَقْد
وما النّهْلُ دون العَلِّ شافي غُلَّة ٍ … وإن ساعدَ الماءَ العُذُوبة ُ والبردُ
ولا البرقُ دون الرعدِ ضامن مَطْرة … ولكن إذا ما البرقُ عاضده الرعدُ
وما العينُ عيناً حين تفقد أختَها … ولا الأذنُ أذُناً ما طوى أختَها الفقْدُ
وما اليدُ لولا أختُها بقويَّة ٍ … ولا الرجل لولا الرجل تمشي ولا تعدو
ولا كلُّ محتاج إلى ما يشدُّه … يُسَفْسِفُ إلا والوهاءُ له وكدُ
فعزِّز كتاباً منك وتراً بَشْفعه … فما عزَّ إلا الله مُستنجَدٌ فردُ
ترفَّعْ عن التعذير غير مُذمّم … إلى شرف الإعذار يخلصُ لك الحمدُ
وزدنا من الفعل الجميل فلم تزلْ … تَكرَّمُ حتى يعشق الكَرمَ الوغدُ
وبعدُ فإني يا قَريعيْ زماننا … مُبِثُّكُما وجدي فما مثله وجدُ
ألا فاسمعا لي إن شكوتُ فطال ما … شدوتُ بمدحي فيكما فوق من يشدو
عَميدَيَّ ما بالي حُرمت جَداكما … ورأيُكما رأيٌ وعهدكما عهْدُ
أعندي مُنقضُّ الصواعق منكما … وعند ذوي الكفر الحيا والثرى الجعدُ
وتحتيَ نعلي تخبطُ الأرضَ جُهدَها … وتحت سِوايَ السَّرجُ والسابح النهدُ
ولا غَروَ أن تحظى عَليَّ عصابة … لوت حمدها والحمدُ عندي والحقد
كذا والوهد تحظى بالسُّيول على الرُّبا … ويُعشبن بَدءاً قبل أن يُعشِبَ الوهدُ
متى أنصرفْ بالوجه والقلبِ عنكما … وأغدُ على حرٍ فحُقَّ ليَ الحردُ
شهدتُ لقد أشقيتماني وإنما … تقدم لي بالحظِّ لا الشّقوة ِ الوعدُ
أُرجِّي فما أرجو ضمانٌ لديكما … وأخشى فما أخشاه عندكما نقدُ
وماهو إلا واقع العتبِ منكما … وهل مثلهُ حبسٌ وهل مثلهُ جلدُ
وما لي من ذنب وإن براءتي … وعذريَ مما لا يغيبهُ الجَحدُ
أتنُبو بي الدنيا على حين لينها … وقد سكن الزلزال وامتهدَ المهدُ
وقد ضم عَنَزَ الأهل والذئبَ مرتعٌ … وأصبح ظبيالرَّملِ صالحهُ الفهدُ
أمالي إلى أن تجمعا لي رضاكما … سبيلٌ ولا يجري بذلك لي سعدُ
أمالي إلى أن تغدوا صدرَ مجلس … مساغٌ فلا يغدوا ابن حظ كما أغدوُ
هنالكَ تجري لي سعوديَ كلها … فيحيا الشباب اللدنُ والزمن الرغدُ
تعاديتما والحسنُ والطيب فيكما … كما يتعادى النرجس الغضُّ والوردُ
وما الحسنُ والطيب الذي قد حويتما … سوى فضل أخلاق محامدها سردُ
وعلمٍ وحلم لا يوازن بعضهُ … شَرَورى ولا رضْوَى وعروى ولا رقدُ
عذلتكما عذلي وليس بجارح … فإن كان عذلاً جارحاً فهو القصدُ
له النخسة ُ الأولى وينفع غبُّهُ … وما زالَ مني نحو نفعكما صمدُ
بذوركما فاستصلحاها لتجنيا … صلاحًا إذا ما الرَّيعُ حصَّلهُ الحصدُ
وإياكما والبغيَ خدناً فإنهُ … ذميم دميم في أحاديث من يندو
وعلمكُما بالرشدِ ما قد علمتما … ونحوكما نصُّ المشاورِ والوخدُ
وبالله ما مقدار دنيا تُنُوفستْ … بمثلٍ ولا عدلٍ لبعض الذي يبدو
وما أنا إلا ناصح متحرِّقٌ … بحبكما حتى يشقَّ له اللحدُ
وما زُلتُ عن رأيٍ ولا حُلتُ عن هوى … ولا قلتُ حتى قيل لي حجر صلدُ
وفدتُ وآمالي ومدحي عليكما … ولا عذرَ مالم يغش وفدكما وفدُ