لك الخير قد أوفى بعهدك خيران … وبشراك قد آواك عز وسلطان
هو النجح لا يدعى إلى الصبح شاهد … هو الفوز لا يبغى على الشمس برهان
إليك شحنا الفلك تهوي كأنها … وقد ذعرت عن مغرب الشمس غربان
على لجج خضر إذا هبت الصبا … ترامى بنا فيها ثبير وثهلان
موائل ترعى في ذراها مواثلا … كما عبدت في الجاهلية أوثان
وفي طي أسمال الغريب غرائب … سكن شغاف القلب شيب وولدان
يرددن في الأحشاء حز مصائب … تزيد ظلاما ليلها وهي نيران
إذا غيض ماء البحر منها مددنه … بدمع عيون يمتريهن أشجان
وإن سكنت عنا الرياح جرى بنا … زفير إلى ذكر الأحبة حنان
يقلن وموج البحر والهم والدجى … تموج بنا فيها عيون وآذان
ألا هل إلى الدنيا معاذ وهل لنا … سوى البحر قبر أو سوى الماء أكفان
وهبنا رأينا معلم الأرض هل لنا … من الأرض مأوى أو من الإنس عرفانه
وصرف الردى من دون أدنى منازل … تباهى إلينا بالسرور وتزدان
تقسمهن السيف والحيف والبلى … وشطت بنا عنها عصور وأزمان
كما اقتسمت أخذانهن يدي النوى … فهم للردى والبر والبحر أخدان
ظعائن عمران المعاهد مقفر … بهن وقفر الأرض منهن عمران
موت أمهم ماذا هوت برحالهم … إلى نازح الآفاق سفن وأظعان
كواكب إلا أن أفلاك سيرها … زمام ورحل أو شراع وسكان
فإن غربت أرض المغارب موئلي … وأنكرني فيها خليط وخلان
فكم رحبت أرض العراق بمقدمي … وأجزلت البشرى علي خراسان
وإن بلادا أخرجتني لعطل … وإن زمانا خان عهدي لخوان
سلام على الإخوان تسليم آيس … وسقيا لدهر كان لي فيه إخوان
ولا عرفت بي خلة دار خلة … عفا رسمها منها جفاء ونسيان
وغرت ببرق المزن من ذكر صعقه … ومن ذكر رب كل يوم له شان
ويارب يوم بان صدع سلامه … بصدع النوى أفلاذ قلبي إذ بانوا
نودعهم شجوا بشجو كمثلما … أجابت حفيف السهم عوجاء مرنان
ويصدع ما ضم الوداع تفرق … كما انشعبت تحت العواصف أغصان
إذا شرق الحادي بهم غربت بنا … نوى يومها يومان والحين أحيان
فلا مؤنس إلا شهيق وزفرة … ولا مسعد إلا دموع وأجفان
وما كان ذاك البين بين أحبة … ولكن قلوب فارقتهن أبدان
فيا عجبا للصبر منا كأننا … لهم غير من كنا وهم غير من كانوا
قضى عيشهم بعدي وعيشي بعدهم … بأني قد خنت الوفاء وقد خانوا
وأفجع بمن آوى صفيح وجامد … ووارت رمال بالفلاة وكثبان
وجوه تناءت في البلاد قبورها … وإنهم في القلب مني لسكان
وما بليت في الترب إلا تجددت … عليها من القلب المفجع أحزان
هم استخلفوا الأحباب أمواج لجة … هي الموت أو في الموت عنهن سلوان
بقايا نفوس من بقية أنفس … يميتون أحزاني فدينوا بما دانوا
أقول لهم صبرا لكم أو عليكم … عسى العيش محمود أو الموت عجلان
ولا قنط واليسر لعسر غالب … وفي العرش رب بالخلائق رحمان
ولا بأس من رح وفي الله مطمع … ولا بعد من خير وفي الأرض خيران
ستنسون أهوال العذاب ومالكا … إذا ضمكم في جنة الفوز رضوان
متى تلحظوا قصر المرية تظفروا … ببحر حصى يمناه در ومرجان
وتستبدلوا من موج بحر شجاكم … ببحر لكم منه لجين وعقيان
فتى سيفه للدين أمن وإيمان … ويمناه للآمال روح وريحان
تقلد سيف الله فينا بحقه … فبرت عهود بالوفاء وأيمان
وحلى بتاج العز مفرق مخبت … بقلبه داع إلى الله ديان
وبالخير فتاح وبالخير عائد … وبالخيل ظعان وللخيل طعان
نقضت سيوف حاربته وأيمن … وشاهت وجوه فاخرته وتيجان
له الكرة العزاء عن كل شارد … أضاءت لهم منها ديار وأوطانأ
ورد بها يوم اللقاء زناتة … كما انقلبت يوم الهباءة ذبيان
بكل كمي عامري يسوقه … لحر الوغى قلب على الدين حران
حليهم بيض الصوارم والقنا … لها وحلاها سابغات وأبدان
تراءاك حزب البغي منهم فأقبلوا … وفي كل أنف للغواية شيطان
فأي صقور قلبت أي أعين … إلى أي ليث ردها وهي خلدان
عيونا بها كادوا الهدى ففقأتها … فهم في شعاب الغي والرشد عميان
وما لهم في ظلمة بعد كوكب … وما لهم في مقلة بعد إنسان
يضيق بهم رحب القصور وودهم … لو احتازهم عنها كهوف وغيران
وأنسيتهم حمل القنا فسلاحهم … عليك إذا لاقوك ذل وإذعان
وأنى لفل القبط في مصر موئل … وقد غيل فرعون وأهلك هامان
فياذل أعلام الهدى يوم عزهم … ويا عز أعلام الهدى بك إذ هانوا
حفرت لهم في يوم قبرة بألقنا … قبورا هواء الجو منهن ملآن
يطير بها هام ونسر وناعب … ويعدو بها ذيب وذيخ وسرحان
فلو شهد الأملاك يومك فيهم … لألقى إليك التاج كسرى وخاقان
ولو رد في المنصور روح حياته … غداة لقيت الموت والموت عريان
وناديت للهيجاء أبناء ملكه … فلباك آساد عبيد وفتيان
جبال إذا أرسيتها حومة الوغى … وإن تدعهم يوما إليك فعقبان
يقودهم داع إلى الحق مجلب … على البغي يرضي ربه وهو غضبان
كتائب بل كتب بنصرك سطرت … ووجهك باسم الله والسيف عنوان
هو السيف لا يرتاب أنك سيفه … إذا نازل الأقران في الحرب أقران
كأن العدى لما اصطلوا حر ناره … أصهاب هواديهم من الجوحسبان
وأسمر يسري في بحار من الندى … بيمناك لكن يغتدي وهو ظمآن
تلألأ نورا من سناك سنانه … وقد دعت الفرسان للحرب فرسان
لحياك من أحييت منه شمائلا … يموت بها في الأرض ظلم وعدوان
وناجاك إسرارا وناداك معلنا … وحسب العلى منه سرار وإعلان
بألا هكذا فليحفظ العهد حافظ … ألا هكذا فليخلف الملك سلطان
فلله ماذا أنجبت منك عامر … ولله ماذا ناسبت منك قحطان
ولله منا أهل بيت رمتهم … إلى يدك العليا بحور وبلدان
وكلهم يزهى على الشمس في الضحى … وبدر الدياجي أنهم لك جيران
وقد زاد أبناء السبيل وسيلة … وحلو فزادوا أنهم لك ضيفان
فما قصرت بي عن علاك شفاعة … ولا بك عن مثلي جزاء وإحسان