لبيك من حر المواقف عال … بهر النهى بروائع الأمثال
هذا القريص سما إليك على يد … تسمو بقدسي الصحائف غال
متبلج الآثار ما ركب الهوى … يوما ولا خلط الهدى بضلال
في صورة الأقلام إلا أنه … من عفة وطهارة وجلال
لبيك إذ هجع الذين عهدتهم … وسهرت للهم المقيم حيالى
لي في الألى حفظوا لمصر عهودها … حرم على الأيام غير مذال
حرم الهوى الممنوع لم ينزل به … لعب الخلي ولا مراح السالي
لبيك إذ خذل الحماة بلادهم … ونهضت تدفع غارة المغتال
مثلت مصر فما تركت لمبدع … ثقة بمعنى بارع ومقال
هب لي مكانك في النوابغ واستمع … عظة الدهور وعبرة الأجيال
أم لها ملك تمكن عرشه … في دولة من مختد ونصال
ريعت من القوم الدهاة بحول … جم المكائد ماكر مختال
شاكي سلاح الغدر أصدق عهده … عهد الذئاب وذمة الأصلال
جمع الذرائع لاستلاب حقوقها … ومضى يتابع سعيه ويوالي
فأصاب أولها عطاء لامرئ … نائي المواطن أجنبي الآل
وأتى يقول لها دعيه مضيعا … فلأنت في سعة وغبطة حال
سمع الصغير البر من أبنائها … فأهاب يقضي الحق غير مبال
أماه لا تودي بحقك وانبذي … رأي الغواة وخطة الجهال
قال الكبار لها أمام عدوها … لا تحفلي بوساوس الأطفال
نظروا إليه فعنفوه وأقبلوا … حنقين من صلف وفرط خبال
أقصر فمالك بالعظائم طاقة … واسكت فمثلك لا يمر ببال
لا تأس يا خير الغزاة لناشئ … يهذي ويخدع نفسه بخيال
نأبى مشورته وتنكر أمه … ما يفتري من باطل الأقوال
أرأيت أم الطفل تقبل حكمه … وتصد عن أبنائها الأبطال
طمع المغير فكر إثر فريسة … أخرى يضن بمثلها ويغالي
فابتز مفتاح الحياة وعاث في … ينبوعها المتدفق السيال
خدع الأميرة وادعاها شركة … للزور فيها هدة المنهال
ضنت عليه بما يريد وأيقنت … أن سوف يتركها بلا أوصال
فإذا الكبار من البنين كعهدهم … أطفال أحلام صغار فعال
قالوا لها أخطأت أنت بنجوة … مما يروعك من أذى ووبال
يكفيك في دعة وطول سلامة … رشفات ماء من فم الرثبال
غضب الصغير وقال أماه احذري … وتأهبي للخطب ذي الأهوال
صدي المغير فإن أبيت فودعي … طيب الحياة ونضرة الآمال
قال الكبار كذبت أمك فازدجر … أفما تزال تريد كل محال
إن الذي وصف الخيال فرمته … كالنجم منزلة وبعد منال
يا أعدل الأقوام إن نقضوا الحبى … وتدافعوا لخصومة وجدال
دع ما يقول الطفل لا تحفل به … لغو الحديث أحق بالإهمال
لا توله منك التفاتة سامع … إنا نشد لسانه بعقال
تلك البقية من حياة مضيمة … ولهى الجوانح ما لها من وال
ولعت يد العادي بها فأرادها … أخذ العقيرة من سوام المال
يسعى ليسلب دارها وطعامها … سعي امريء متأهب لقتال
يغتال نضرة عيشها ويصيبها … في كل مضطرب لها ومجال
ويعيث في مجرى الهواء فما ترى … مسرى جنوب أو مهب شمال
تلك البلية من تصب لا تلفه … إلا بمنزلة الرميم البالي
قال الكبار تعالى ننظر بيننا … في غير ما سرف ولا استرسال
الأمر إن ياسرت ليس بفادح … والداء إن سامحت غير عضال
ماذا تريد فما بنا من غلظة … ولسوف ترضى بعد طول تقال
قال الصغير أتذعنون لغاصب … جافى الخلائق سيء الأعمال
أأراد إلا أن تكون حياتنا … كالدارس العافي من الأطلال
تهوي جوانبها ويصبح ساحها … شجو القطين وروعة النزال
من ذا يفاوض في الحياة عدوه … ويرى مآل السوء خير مآل
لا تأمنوه فما لكم من عصمة … ترجى إذا عصفت يداه ولالى
أو ليست الأغلال في أعناقنا … مما جنى وفوادح الأثقال
إن كان من شيء يراد فباطل … حتى يزول بهذه الأغلال
قال الكبار لقد أراد سفيهنا … شططا وجاوز غاية الإيغال
يجد الحقائق في الخيال مواثلا … ويرى المشارع في بريق الآل
أزرى به صلف الغواة وجهلهم … وجنى عليه تعسف الضلال
تلك الرواية هل رأت عين امرئ … في الدهر من نمط لها ومثال
أم البنين كنانة الله التي … نصبت لكل مناجز صوال
وصغيرها الحزب الضنين بحقها … إن جاد كل مسامح بذال
نصح الذين هم الكبار بزعمهم … بأواخر مأثورة وأوالي
فإذا المسامع لا تنال صمامها … وإذا القلوب منيعة الأقفال
عصف التفرق بالقوى فأزالها … إن التفرق مؤذن بزوال
هل أبصروا ورع المغير وزهده … ورأوا تعفف نابه القتال
ومن الحقائق في شريعة قومنا … ورع الوحوش وعفة الأغوال
بعد المدى بالملحقات وغودرت … منها ودائع للبلاد غوال
وانصاع بالسودان في آثارها … عجل الإغارة غير ذي إمهال
ما ريع من دعوى الغزاة بباطل … هم عاجلوه فريع باستئصال
سلبوا التراث المستباح وأولعوا … ببقية الأسلاب والأنفال
لهم الكنانة أرضها وسماؤها … ولنا الشقاء الدائب المتوالي
يأتون كل عظيمة ويريبهم … صعقات شعب دائم الأوجال
لولا مراقبة الجلاء وأنه … داني المدى لرأوه أول جال
ذهب الرجال يفاوضون فصادفوا … أرواح جن في جسوم رجال
مكر الدهاة بهم وزلزل رأيهم … رأي يميد بقوة الزلزال
قالوا دعوا السوادان إن لنا به … حق الشريك من الزمان الخالي
ولنا بمصر من الحقوق ومثلها … ما ليس للنظراء والأمثال
فإذا أبيتم بالضمان فعندنا … ما عز من ثمن لكم ونوال
أخذوا العطاء فما تزال عيونهم … تعتاده من رونق وجمال
جاءوا به يمشون في لمعانه … مشي المدل بنفسه المختال
عرضوه في ضوء النهار فزانه … وضح الضحى وتوهج الآصال
هم زينوه لقومهم فتدافعوا … يتنازعون مواكب الإجلال
نشروا لهم عصر الكليم فأبصروا … صفي عصي حوله وحبال
قالوا انصروه ففيه من آمالكم … ما لا ينال على يد الخذل
فيه المزايا الغر من حرية … تشفي غليل النيل واستقلال
نظر الحماة الناقدون فما ترى … غير الزيوف على يدي لأال
نسق من التزييف يقصر دونه … ما زيفت يد صانع أو طال
قالوا عرفناه فمن يعلق به … يعلق بخزي دائم ونكال
ورموا به فرموا بسم ناقع … أخذوا عليه مسارب الآجال
ودعوا حذار بني الكنانة إنه … كيد المضل وفتنة الدجال
هو درهم لا نفع فيه وإن زها … في العين من نقش وحسن صقال
يشقى الفقير من الشعوب بمثله … ويزيد إقلالا على إقلال
هذا عطاء النيل من يد ملنر … شيخ الندى وعميده المفضال
ورد الكنانة في حقائب جمة … ما تستقل بها المطي ثقال
فضح الألى حملوه ما صنعت به … أيدي الحماة الرجع الأزوال
سئلوا أترمون البلاد بزائف … وتغررون بسوقة وموال
قالوا رويد اللائمين فما بنا … عجز الضعيف يخاف كل سؤال
إنا عرضناه ليصدع قومنا … ستر الخفاء وغيهب الإشكال
لهم الزعامة في الضلالة والهدى … والرأي في الإعراض والإقبال
نفضوا الحقائب محنقين وراعهم … شؤم المطاف وخيبة التجوال
صاح الحداة بآخرين فراعنا … منهم ضجيج ركائب ورحال
قالوا أنطمع مصر في استقلالها … ونروعها بمفاوضين ضآل
إنا سنأخذه صحيحا كاملا … ونزيده من صحة وكمال
نأتي به كالصبح أبيض ساطعا … لا شك فيه كربنا المتعالى
كذبوا فقد كشفوا مقاتل قومهم … لمسارعين إلى النقيض عجال
عكفوا على نار الخلاف فسرهم … ما جر موقدها وذاق الصالي
كل يقول أنا الرئيس فمن أبى … فالبطش بطشي والمحال محالي
أنا أول المتفاوضين مكانة … عند التقدم ثم يأتي التالي
شمت العدو وقال داء تفرق … ما ازداد سيئته سوى استفحال
مالي أخاف مساومين نبالهم … سبقت إليهم أسهمي ونبالي
لأخادعن القوم عن آمالهم … ولأدفعن ضجيجهم بمطالي
نهضوا لغير بلادهم فعرفتهم … وعرفت نهضتهم إلى اضمحلال
فليأخذوا ما ليس فيه لمثلهم … إلا الأذى وملامة العذال
جاءوا بدرهمهم فأجفل قومهم … ملء المدائن أيما إجفال
وكأنما هوت القرى في لجة … أو باد ناضرها من الإمحال
جاءوا بأكثر من أخيه مهانة … وأشد منقصة وسوء خلال
ما زيف الصناع فيه وإنما … صنعوه من حمأ ومن صلصال
رحلوا عن الوادي بأنحس طائر … وأتوا ربى الوادي بأشأم فال
حملوا إلى الأهرام لعنة كرزن … فاستغفرت لمناكب الحمال
ودت على استعلائها لو أنها … زالت فأمست من حصى ورمال
عبثوا بأبهة الدهور وزلزلوا … مجد الملوك وعزة الأقيال
خذل الأئمة في القبور وعطلت … عظة القسوس وحكمة الآبال
قل للمصاحف والأناجيل اذهبي … عبد الحرام وعيب كل حلال
يا مصر عهدك من أدى ومرارة … وهواك من هم ومن بلبال
فدح الذي بين الجوانح فانظري … أدبيب حب أم دبيب سلال
صاحبت حبك في المشيب وفي الصبى … وأراه صاحب مولدي وفصالي
برهانه الوهن الذي في أعظمي … ودليله الوضح الذي بقذالي
وغليل نفسي في جوانب ممحل … والطير بين مناهل وظلال
أشدو بذكرك في الجوادث عاطلا … والصامت اللاهي بغيرك حال
إني لتظفر في حماتك غارتي … وتفوز بالسلب المنيع نصالى
الثابتين على الهدى ما زلزلوا … يوما ولا عرفوا سبيل ملال
ما ساوموا في حق مصر ولا رضوا … بالضيم يرهقها ولا الإذلال
تعتز من أقلامهم بمعاقل … وتلوذ من أعمالهم بجبال
نصروا الأبوة والبنين فأنقذوا … شرف الأسود وسؤدد الأشبال
شر العجائب في زمانك أن ترى … شعبا يباع على يد الدلال
إنا لنحفظ قومنا ونعدهم … خير العتاد وأنفع الأبدال
ما زادنا عنت الخطوب وكيدها … وتوثب العادي سوى استبال
ميثاقنا نسج الحياة لأمة … تبغي الحياة كريمة الأنوال
قومية الحبرات تلبس وشيها … طلق الجوانب سابغ الأذيال
حان الجلاء عن البلاد لمعشر … نكبوا البلاد بأربعين طوال
يا قوم لا تردوا الخلاف فإنه … ورد الطغام ومنهل الأرذال
من يشتري السم الذعاف بسائغ … عذب النطاف مصفق سلسال
سيروا على نور الأئمة وانهضوا … نهضات لا الواني ولا المكسال
صخب التنازع في الممالك مؤذن … أمم الزمان بضجة الإعوال
لا تنكروا شغف الغزاة بأمة … شعفت بطول تنافر ونضال