لأسماء محتلُّ بناظرة ِ البشرِ … قديمٌ ولمّا يَعْفُهُ سالِفُ الدَّهْرِ
يَكادُ مِنَ العِرْفانِ يضْحَكُ رَسمُهُ … وكَمْ مِنْ ليالٍ للدّيارِ ومِنْ شَهْرِ
ظلِلْتُ بها يوْماً إلى اللّيْلِ واقِفاً … أُسائِلُها أيْنَ الأنيسُ وما تَدْري
سفاهاً وقدْ علقتُ من أمِّ سالمٍ … ومن جارتيها في فؤادِي كالجمرِ
ثلاثُ حِسانٍ مِنْ نِزارٍ وغَيرِهِمْ … تجمعنَ من شتى فعولينَ في قصرِ
حلائلُ شيخٍ في منيفٍ كأنّما … نماهنَّ قشعمِ من الطير في وكرِ
وما زلتُ أصبيهنَّ بالقولِ والصبى … سفاهاً وقدْ يصبى على الخالفِ الخدرِ
لعطشانَ حجَّ الماءَ حتى أطاعني … رَسولٌ إلى العَسّاء طيّبَة ِ النّشْرِ
لها فَضْلُ سِنّ فاستَقدْنَ إلى الصّبى … فأمسين قد أعطيتُها عقدَ الأمرِ
وأعطيتهنَّ العهدَ غيرَ مماينٍ … وما أنزَلَ الأرْوى مِن الجبلِ الوَعْرِ
وحدَّثْتُهُنَّ أنّني ذو أمانَة ٍ … كريمٌ فما يخشينَ خلفي ولا غدري
فقمنَ إلى جبانة ٍ قدْ علمنها … لنا أثرٌ فيها كمنزلة ِ السفرِ
فثنتانِ مهما تعطيا ترضيا بهِ … وأسماءُ ما ترضى بثلثٍ ولا شطرِ
وما مَنَعَتْ أسماءُ يوْمَ رحيلنا … أمرُّ عليَّ منْ خطإ ومِنْ وِزْرِ
رأيتُ لها يوماً من الدّهرِ بهجة ً … فهشَّ لها نفسي وهم بها صدري
فثمَّ تناهينا كلانا عن الصبى … ولا شيءَ خيرٌ من تقى اللهِ والصبرِ
سبتكَ بمرتجِ الروادفِ ناعمٍ … وأبيضَ عذْبِ الرّيقِ مُعْتَدِلِ الثّغْرِ
ومتسقٍ كالنورِ من كل صبغة ٍ … يُضيء الدُّجى فوْقَ الترائبِ والنّحْرِ
عشِيّة َ بَطْنِ الشِّعْبِ إذْ أهْلُنا بهِ … وإذْ هيْ تُريك الوجهَ مِن خَلَلِ السِّترِ
نزَلْتُ بها ضَيْفاً فلَمْ تَقْرِ مهْنأ … وجادَتْ بلا ثَعْلِ الثّنايا ولا حَفْرِ
فملتُ بها ميلَ النزيفِ ونازعتْ … ردائي والميسورُ خيرٌ من العسرِ
فأصْبَحَ في آثارِنا ومَبيتِنا … مرافِضُ حَلْيٍ مِنْ جُمانٍ ومن شَذْرِ
مهاة ٌ من اللائي إذا هي زينتْ … تضيء دجى الظلماء كالقمرِ البدرِ
مثقلة ُ الأردافِ ليستْ بمرضعٍ … ولا منْ نساء اللخلخانية ِ الحمرِ
إذا ما مشتْ مالتْ روادفُها بها … جَميعاً كما مال المهيضُ مِنَ الكَسْرِ
يقولُ لي الأدنونَ مني قرابة ً … لعلّكَ مسحورٌ وما بيَ مِنْ سِحْرِ
فقُلْتُ أقِلّوا اللومَ لا تعْذُلونَني … هُبِلْتُمْ هلِ الصَّافي من الماء كالكَدْرِ
سريتُ إليها إذْ دجا الليلُ واحداً … وكمْ مِن فتى ً قدْ ضافهُ الهمُّ لا يَسري
فجِئْتَ بتَخْفيرِ الوصيلِ وشاعَني … أخو الهمّ ممِقدامٌ على الهوْلِ كالصَّقْرِ
مَعي فتية ٌ لا يَسألونَ بهالِكٍ … إذا ما تناشوا أسبلوا سبلَ الأزرِ
وأجانة ٌ فيها الزجاجُ كأنهُ … طوافي بناتِ الماء في لجة ِ البحرِ