كم النَّحتُ في جنبيّ والحزُّ في متني … أما يشبع الأيامَ ما أكلتْ مني
تلاحمُ ما تفريه فيّ بما فرتْ … وتحسمُ ما تجني عليَّ بما تجني
أريها ندوبي كي ترقَّ وأشتكي … إليها فلا تأوى بعينٍ ولا أذنِ
أرِّئفُ منها بالبكا باردَ الحشا … وأحوي بعوذاتِ الرُّقى ماردَ الجنِّ
تسلُّ جناحي ريشة ً بعد ريشة ٍ … وتخلسُ غصنا من فروعي إلى غصنِ
مصابٌ ولم أمسح يدي من قسيمهِ … وجُلَّى وما نفَّضتُ من أختها ردني
كأنى لم يؤمر بغيري صروفها … ولا وجدتْ بالشرِّ مندوحة ً عنّى
نزوعكِ يا دنيا وصدَّك إنني … سمحتُ بحظّي من هواكِ على ضنِّ
تركتكِ للمخدوعِ منك بخالبٍ … من الومض مسمومِ الحيا صعقِ المزنِ
قليلٌ وإن سرَّ الرياضَ بقاؤها … عليه وما إبقاؤه وهو المفني
هجرتكِ لما صار وصلكِ سبّة ً … وخفتكِ لمّا أن دهيتُ من الأمنِ
وإنك للحسناءُ وجها وشارة ً … ولكنه غدرٌ يشوِّهُ بالحسنِ
فطنتُ لرأى الحزم فيكِ وهمّتي … تشيرُ إلى رأى الضراعة ِ والوهنِ
أصادى وتُرمى صفحتي بخفيّة ٍ … تولَّجُ أبوابَ النفوس بلا إذنِ
إذا ما اتقيتُ السهمَ منها بجلدتي … تنفَّستهُ من جلد خلِّيَ أو خِدني
وأعلم إن ماطلت بالودّ أنني … على قربٍ لا بدَّ تدلى له شنِّي
فلو كنتُ عضبا قد فنيتُ تفلّلا … ولو كنتُ هضبا مال ركني على ركني
أيعلم ما أدَّت حقيبة ُ رحلهِ … من الشر ناعٍ ليته لم يبلِّغني
نعى ثمّ ألقاها إليّ صحيفة ً … فضضت إشاحيها وفضَّتْ عرى جفني
بدأتُ بها واليومُ أصبحَ مشمسا … وأنهيتُها والعينُ بالدمع في دجنِ
كنى باسم عزِّيأنه اغتاله الردى … ونفسي عنى لو كان يعلم من يكنى
خليلي إذا اعتلَّ الخليلُ وصاحبي الص … ريحُ إذا ملَّ الفتى صحبة ََ الهجنِ
فجعتُ به غضَّ الشمائل والهوى … مسنَّ الحجا والفضلِ مقتبل السنِّ
على حين قامت للمنى فيه سوقها … وحقَّت شهاداتُ المخايلِ والظنِّ
ورشّحته يرمي الشواكلَ رأيهُ … ويُغنى وأطرافُ الأسنّة لا تغني
وللخصم يستشري عليَّ سفاهة ً … وذي الودِّ يستعلي حؤولا ويستسني
وللكاتم الشحناء يرهبُ حدّه … إذا اهتزَّ دوني والمكاشفِ بالضِّغنِ
وقام بما حمّلته ناهضَ الذُّرى … خفيفَ الصليفِ تامكَ الجنبِ والمتنِ
وتمَّ فسمَّتهُ النجابة ُكاملا … إذا مال في فنّ بها مار في فنِّ
وصرتُ إذا طالبتُ دهري بمثله … طلبتُ ولاد العقم من أظهر العنِّ
ينمْ ارتيادي فيه عن حسن ما أرى … ويفصح غرسي فيه عن طيب ما أجني
ولم أدرِ أن الموتَ فيه مُراصدي … يقرِّفُ ما آسو ويهدمُ ما أبني
أبا قاسم لبَّيت لو كنتَ سامعا … غراما بصوتي وارتياحا إلى لحني
على أيّ سمتٍ تقتفيك نشيدتي … وأي مسيل أقتري عنك أو رعنِ
وهل ينقلُ السُّفَّارُ أخبارَ هالكٍ … فأستقربَ الأسفارَ عنك وأستدني
يرقَّبتُ يوما من لقائك نجتني … ثمارَ الإياب الحلوِ من غصنه اللَّدنِ
وداريتُ عيني عنك بالوعد والمنى … مماطلة َ المأسور يطمع في المنِّ
كأنّ فراخَ الوُكنِ بين جوانحي … أقمنَ وطار الأمّهاتُ عن الوُكنِ
أغار عليّ الدهرُ فيك ولم أخلْ … نزولك منقادا بشلٍّ ولا شنِّ
فلا أنت قدَّامَ الركاب طليعة ٌ … لعيني ولا مستأخر أثر الظُّعنِ
طحا بك بعدٌ لا قرابة َ بعده … مسافة َ مقطوع المدى غلق الرهنِ
مجاورَ قومٍ لا تجاوُرَ بينهم … تضاحوا وهم تحتَ الأظلّة ِ والكنِّ
بدائدَ أُلاَّفٍ كأنّ قبورهم … جواثمَ بالبيداءِ معقورة ُ البدنِ
بعيدٌ على ورد الحياض التقاؤهم … وإن هم تدانوا في المنازل والقطنِ
غريبٌ وثاوٍ بين جدران أهلهِ … لهم قشفُ البيداءِ في ترفِ المدنِ
عذيريَ من أفواهِ دجلة َبُدِّلتْ … من الغدقِ السلسال بالراكد الأجنْ
شربتُوقد غالتكدمعي وماءها … فما افترقا لي في الملوحة والسَّخنِ
لصافحتُ من أمواجها كفَّ غادرٍ … سواء عليها الغمزُ في الرَّخصِ والشَّثنِ
رويتَ بها حتى غدا الريُّ لهفة ً … وصافقتها للفوز فانقدتَ للغبنِ
وما خلتُ ورد الماءِ بابا إلى الصدى … ولا أنّ عومَ البحر ضربٌ من الدفنِ
جرت بالقذى من بعد يومك والأذى … ولا ذُكرتْ إلا على السبِّ واللعنِ
وضاقت بها حافاتُها وتملأّتْ … جنادلَ تكبو بالقلوعِ وبالسُّفنِ
ويا ليت شعرَ الحزم كيف ركبتها … على غررٍ من لينِ أظهرها الخُشنِ
وما كنتَ ممن يأكلُ الطيشُ حلمهُ … ولا من فريس العجزِ عندي ولا الأفنِ
ذممتك فيها بالشجاعة مقدما … ولو قد جبنتَ اخترتُ حمدي على الجبنِ
هويتَ إليها مطلقا حان أسرهُ … فلم يغنَ بالأفحوصِ عنها ولا الرَّشنِ
ولو أنه العادي عليك ابنُ لأمة ٍ … تسربلَ أو ذو غابة دامي الحضنِ
وقيتك لا أخشى يدَ الليث مالئا … محاجره منى ولا صولة َ القرنِ
وقامتْ رجالاتٌ فمدَّت أكفَّها … طوالاً فذبَّت عنك بالضرب والطعنِ
وألحمتُها شعواءَ يرفلُ نقعها … على العلق المحمِّر في الأزرِ الدُّكنِ
يصكُّ الكماة َ بالكماة ِ مصاعها … خلاطا وترمي بالحجورِ على الحصنِ
ولكن نعاني فيك من لا أروعه … بسفك دمٍ يحميك منه ولا جفنِ
هو الفاجع النسرَ المحلِّقَ بابنه … على الطود والضبَّ المنقَّبَ بالمكنِ
ووالجُ ما بين الفتى وإزاره … بلا وازعٍ ينهى ولا رادعٍ يثني
رقى ما رقى الحاوون لسعة َ نابه … وطبُّوا فلا بالسحر جاءوا ولا الكهنِ
أذمُّ إليك العيشَ بعدك إنه … بضيعة لا المغنى المفيدِ ولا المقني
أهيم ولم يظفرْ بعفراءَ عروة ٌ … وأشكو ولم يقدر جميلٌ على بثُنِ
كأني لم أنظر من الجوّ في ملاً … سواك ولم أسرع من الأرض في صحنِ
ولا رفعتْ كفّي على إثر هالكٍ … ردائي على عيني ولا قرعت سنِّي
بمن أدفع اليوم المريضة َ شمسهُ … وليلة َ غمّى قال همِّي لها جنِّي
ومن أترك الشكوى به غيرَ قانطٍ … فيحملَ عنّى عبأها غيرَ ممتنِّ
ويعضدنيوالرأي أعمى مُدلَّهٌ … ببلجة ِ خطَّاف البصيرة ِ معتنِّ
سددتَ مدى طرفي وأوحشتَ جانبي … من الناس حتى ربتُ فاستوحشوا منّي
وكنتَ يدي بانتْ وعيني تعذَّرتْ … عليَّ وسيفي ترَّ من خللِ الجفنِ
فأصبحتُ أرمي في العدا غيرَ صائبٍ … بسهم وأرمى بالأذى غير مجتنِّ
وكم أزلقتني وقفة ٌ بين حاسدي … وبيني وأعيتني فقلت لك ارشدني
ومرهقة أعددتَ برَّك بي لها … فكنتَ أخي فيها كأنك كنتَ ابني
فلا قلتُ يا نفسي بخلٍّ تأنَّسي … ويا كبدي حنّي إلى سكنٍ حنّي
مضى من به بعتُ الورى غيرَ جاهل … بربحي واستوحدته غيرَ مستثني
ثويتَ وأبقيتَ الجوى لي َوالأسى … فموتك ما يُبلي وعيشي ما يفني
كأني كنزتُ الذُّخر منك لفاقتي … بفقدك واستثمرتُ من غبطتي حزني
هنا التُّربَ في قوسانَ أنك نازلٌ … بأدراجه إن بشِّرَ التُّربُ أو هنِّي
تطيبُ بك الأرضُ الخبيثُ صعيدها … ولو فطنتْ أثنت عليك كما أثني
وزارك محلولُ الوديعة ِ مسبلٌ … رفيقٌ على فرط الوكيفة ِ والهتنِ
أحمُّ شماليٌّ كأنَّ غمامه … سروبُ ظباءٍ أو ندائفُ من عهنِ
إذا اختلفت أرضٌ خفوضا ورفعة ً … طغى شامخا فاستبدل السهلَ بالحزنِ
تألَّت لك الأنواءُ أن ليس بعده … عقابيلُ في حوزٍ لهنّ ولا خزنِ
تصوبُ وأبكي دائبين فإن ونت … ففوِّض إلى دمعي وعوّل على جفني