قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر، … وجاءَ طيبُ عيشنا على قدرْ
فكَم علا قدرُ امرىء ٍ، وما قدَرْ، … فارضَع بنا درَّ الهنا إن تلقَ درّ
وقد صَفا الزّمانُ والأمانُ، … وأسعَدَ المَكانُ والإمكانُ
وأنجَدَ الإخوانُ والأعوانُ، … وقد وفَتْ بعَهدِها الأزمانُ
يا سَعدُ، فاترُكْ ذكرَ بانِ لَعلَعِ … وعيشَة ً ولّتْ بوادي الأجرَعِ
وإن تكنْ تَسمَعُ قَولي وتَعي، … فاجلُ صدا قلبي، وأطربْ مسمعي
ودعْ طوالاً عرفتْ بوسمها، … وأربُعاً لم يَبقَ غيرُ رَسمِها
واجعَلْ سرورَ النّفسِ أسنى قسمها، … وادخلْ بنا في بحثِ إنّ واسمِها
أما ترَى الأطيارَ في تِشرِينِ، … مقبلة ً بادية َ الحنينِ
فريقُها نابَ عنِ الأنينِ، … إذا رنَتْ نحوَ المِياهِ الجُونِ
هذي الكراكي حائماتٌ في الضُّحى … منظومة ٌ أو دائراتٌ كالرُّحَى
إذا رأتْ في القيضِ ماءً طفحا … تفرقُ في حالِ الورودِ مرَحا
يا حسنها قادمة ً في وقتها، … تُغري الرّماة َ بجَميلِ نَعتِها
إذا استَوتْ طائرَة ً في سَمتِها، … ترشقُها ببندقٍ من تحتِها
لو أنّهُ من فوقِها قيلَ مطَرْ … فلَو تَرانا بينَ إخوانِ الصّفا،
مُشتَهرٍ بالصّدقِ مَخبورِ الوَفَا، … لم يُغضِ في الحَقّ لخِلٍّ إن هَفَا
من كلّ رامٍ شَبِقِ اليَدَينِ، … بمُدمَجٍ مثلِ الهِلالِ زَينِ
جعدِ البَلاغِ نافرِ الكَعَبَينِ، … لو كفّ حتى ملتقَى القرصينِ
فابرزْ بنا نحوَ مرامي فاميه، … بَينَ مُروجٍ ومياهٍ طاميَه
تلكَ المرامي لم تزلْ مراميَه، … فاسمُ بنا نحوَ رُباها السّاميَه
وانظُرْ إلى الأطيارِ في مَطارِها، … واعتَبِر الجَفّة َ كاعتبارِها
إذ لا تطيرُ مع سوى أنظارِها، … فلا تضعْ نفسكَ عن مقدارِها
أو ملْ إلى العمقِ بعزمٍ ثاقبِ، … فإنّها من أحسنِ المناقبِ
فاعجبْ لما فيه من الغرائبِ، … من المَراعي وجَليلٍ واجبِ
وقائلٍ صفها برمزٍ واضحِ، … فإنّها من أكبرِ المصالحِ
والباقياتِ بَعدَكَ الصّوالِحِ، … قلتُ: تمنعْ، واعصِ كلّ كاشحِ
وإن ترد إيضاحَها للسائلِ، … بغيرِ رمزٍ للضميرِ شاغلِ
وحصرَ أسماها بعدٍّ كاملِ، … فهيَ كشطرِ عدّة ِ المنازلِ
كركي وعنازٌ وأنوقٌ وتمّ، … والوزُّ واللغلغُ والكيُّ الهرمِ
ومَرزَمٌ وشَبطَرٌ، إذا سَلِمْ، … وحَبرَجٌ، وبالأنيسَة ِ انتظَمَ
فستّة ٌ مَحمَلُهنّ الأرجُلُ، … ثم ثمانٍ بالجناحِ تحملُ
ولا اعتدادٌ بسوى ما يحصلُ، … وصحّة ُ الأعضاءِ شَرْطٌ يَشمُلُ
شرعٌ صَحيحٌ للإمامِ النّاصرِ، … قيسَ على الشرعِ الشريفِ الطاهرِ
حررهُ كلُّ فقيهٍ ماهرِ، … فجاءَ كالبيتِ الشريفِ العامرِ
يَحرِمُ فيهِ الرّمْيَ بالسّهامِ، … والشربَ في البرزة ِ للمدامِ
وبيعَ شيءٍ من صروعِ الرامي، … والسبّقَ للصّحبِ إلى المَقامِ
وقائلٍ فيهِ لعلّ تسلمُ، … ومثلُها في غيرِ شيءٍ يلزمُ
أو ذا على الوجهِ الصحيحِ يفهمُ، … ثَلاثة ٌ من الهِتارِ تَعصِمُ
فانظُرْ إلى زَهرِ الرّياضِ المُقبِلِ، … إذ جادهُ دمعُ السحابِ المسبلِ
يضوعُ من شذاهُ عرفُ المندلِ، … كأنّهُ ذكرُ المَليكِ الأفضَلِ
وارثُ علمِ الملكِ المؤيدِ، … إرثاً صَحيحاً سيّداً عن سَيّدِ
أطلَقَ جَريَ نُطقيَ المُقَيَّدِ، … فإنْ أفهُ فيهِ بنظمٍ جيدِ
نجلُ بني أيوبَ أعلام الهُدى ، … والأنجمِ الزُّهرِ، إذا الليلُ هَدا
والسابقينَ بالنَّدى قبلَ النِّدا، … كلُّ فتى ً ساسَ البلادَ، فاغتدى
المغمدو بيضِ الظُّبَى في الهامِ، … والمُشبِعو وحشِ الفَلا والهام
مرسلو غيثِ السماحِ الهامي، … ففضلُهمْ بالإرثِ والإلهامِ
يا ابنَ الذي قد كانَ في العِلمِ علَمْ، … واستَخدَم السيفَ، جديراً، والقلَمْ
لغيرِ بيتِ المالِ يوماً ما ظَلَمْ … مناقباً مثلَ النجوم في الظلمْ
أكرَمَ مثواي، وأعلى ذِكْري، … حتى نَسيتُ عَطَني ووَكرِي
وإن أجلتُ في علاهُ فكري، … ما لي جَزاءٌ غَيرَ طيبِ الشّكرِ
يا حاملَ الأثقالِ والأهوالِ، … ومتلفَ الأعداءِ والأموالِ
وصادِقَ الوعودِ والأقوالِ، … أبديتَ في شدائدِ الأحوالِ
أنلتَ باغي الجودِ فوقَ ما بغَى ، … وعجّلتْ كَفّاكَ حَتفَ مَن بغَى
فقد سَموتَ في النّدى وفي الوَغى ، … حتى إذا ماردُ ملكٍ نزغا
إني وإن شِدتُ لكُم بينَ المَلا … طيبَ ثناءٍ للفضاءِ قدمَلا
لم أبغِ بالمدحِ سوى الودّ ولا … إن متُّ يوماً بسِوى صدقِ الوَلا
فاسعَدْ بعيدِ فطرِكَ السّعيدِ، … مُمَتَّعاً بعَيشِكَ الرّغيدِ
في الصومِ والإفطارِ والتعييدِ، … للنّاسِ في العامِ انتظارُ عيدِ