قف بالركائبِ أو سُقْها بترتيبِ … عَسى تَسير إلى الحيّ الأعاريبِ
واسْأَلْ نَسيما ثَنَتْ أَعْطَافَنَا سَحَراً … من أينَ جاءتْ ففيها نفحَة ُ الطِّيبِ
وفي الركائبِ مطويٌّ على حُرقٍ … يَلْحقْنَ مُرْد الهَوَى العُذْرِي بالشِّيبِ
يَلْقى الفُرَاقَ بِصَبْرٍ غَيْرِ مُنْتصرٍ … على النّوَى وبِوَجدٍ غير مَغْلوب
يا ربة الهودج المحميّ جانبه … إلام حُبّك يُغريني ويُغري بي
ظننْتُ إنّ شبابي فيكَ يضفعُ لي … وإنَّ جُود يدي يقضي بتقريبي
وقعتِ بي وبآمالي على خِدعٍ … مِنَ المُنَى بَيْنَ تَصْدِيقِ وَتَكْذيبِ
وأنّ أبْعَدَ حالاتِ المحبّة ِ أنْ … يَلْقَى الوَفاءَ مُحِبّ عِنْدَ مَحْبُوبِ
كمْ قدْ شقيتُ بعذّالي عليكَ وكمْ … شقوا بصدي وإعراضي وتقطيبي
أسعى إليكَ ويسعى بي مَلامُهُمُ … فإنّني بَيْنَ تأويبٍ وتأنيبِ
صدَّتْ بلا سببٍ عني فقُلتُ لَهَا … يا أُختَ يُوسفَ مالِي صَبْرَ أيُّوبِ
ترحَّلي أو أقيمي أنتِ لي سكّنٌ … وأَنْتِ غاية ُ آمالي وَمَطْلُوبي
شَيْئانِ قَدْ أمِنا مِنْ ثالثٍ لَهُما … وجْدي عليكِ واحسانُ ابن يعقوبِ
أَغرّ لا الوَعْدُ مَمْطُولٌ لديهِ وَلاَ … أُسلوبه في النَّدى عنِّي بمسلوبِ
إذا سَطَا قُلْتُ يا أُسْدَ العَرينِ قِفي … وإنْ بَدا قُلتُ يا شمسَ الضُّحى غيبي
يبيت بالبأسِ مِنهُ البشرُ مبتسماً … والسّيْفُ غَيْرُ صَقِيلٍ غَيْرُ مَرْهوبِ
صمّ المسائلِ في يومِ الجِدالِ لهُ … أمضى وأنفذ مِنْ صُمّ الأنابيب
يا مَنْ لهُ الودّ من سري ومن عَلني … وَمَنْ إلَى بابِهِ شدّي وَتَقْرِيبي
كم رُمتُ لولا اشتياقي ان تُباعندي … لكي ترى صدق ودّي بعد تجريبي
بك انتصرتُ على الأيَّام مُقتدراً … فَبِتْنَ مِنْي بحدٍّ جِدّ مَرْهُوبِ
وأَنْتَ أَتْقَنْتَ بالإحْسانِ تَرْبِيَتي … وأَنْتَ أَحْسَنْتَ بالإتْقانِ تأديبي
وأنتَ اكسبتني رأياً غنيتُ به … عَنْ أَنْ أُكابِدَ مِنْ هَوْلِ التّجارِيب
فاسأل معانيك عنِّي فهي تخبرني … تَخْبِرُكَ عَنْ كَرمٍ مِنْهُنَّ مَوْهُوبِ
منْ سير الشهب مِن نظمي الشُّموسَ ضُحى ً … أَضاءَ ما بَيْنَ تَشْريقٍ وَتَغْرِيبِ
قَدْ جَرَّد البِيضَ مِنْ ذِهْني وَمِنْ هِمَمي … وَقُلِّدَ البيضَ مِنْ مَدْحي وَتَشْبيبي
ومن محمد إقدامي ومعرفتي … ومن مُحمّد إعرامي وتهذيبي
لا رأي لي في جيادِ الخيلِ أَرْكَبُها … إذا نهضتُ فعزمي خيرُ مركوبِ
أَعَاذَكَ الله مِنْ هَمٍّ أُكابِدُهُ … أقولُ كرهاً لأحشائي بهِ ذُوبي
مُلئتَ بالدّهر عِلْماً وَهُوَ يَمْلأُ بِي … جهلاً وَيَحْسَبُ مِني غير مَحسوبِ
إحْدَى الأعاجِيبِ عِنْدِي مِنْهُ لو وُصِفَتْ … لكانَ وصفي لها إحدى الأعاجيبِ
لا يستقرُّ بوجهٍ غير مُبتذلٍ … ولا يَسيرُ بِعرْضٍ غَير مَثْلُوبِ
ولا يبيتُ له جارٌ بلا فرقٍ … ولا يُسَرُّ لَهُ ضَيْفٌ بِتَرحَيب
يصدّ عني إذا قابلتُه غضباً … ككافرٍ صدّ عنْ بعضِ المحاريبِ
ولو ضربتُ بأدنى الفكر قُلتُ لَهُ … قَتَلْتَ في شرّ ضَرْبٍ شَرّ مَضْرُوبِ
فِدا نِعَالِكَ ما ضَمَّت أَسرّتُهُ … وإنْ فُدينَ بممقوتٍ ومسبُوبِ
إن المعالي براءٌ مِنْ تجشُّمها … تَلبَّسَ المَجحدُ فِيها بالأَكاذِيبِ
فَلَيْتَ كُلّ مُريبٍ غابَ عاتِبُهُ … فداء كل بريء العِرضِ معتوبِ
وَلَيْتَ أَنّي لَمْ أُدْفَعُ إلى زَمنٍ … ألقى الأُسُودَ بهِ طَوْعَ الأرانيبِ
إنْ يحْجِبُ الأضْعَفُ الأَقْوَى فَلاَ عَجَبٌ … فَرُبَّ عَقْلٍ بِسَتْرِ الوَهْمِ مَحْجُوبِ
والدهرُ ليسٍ بمأمونٍ على بشرٍ … يُديرهُ بينَ تنعيمٍ وتعذيبِ
فلا يرقْ مسكنٌ فيهِ لساكنِه … ولا يثقْ صاحبٌ فيهِ بمصحُوبِ
وإنَّما الناسُ إلاّ أنْتَ في سِنَة ٍ … معللين بترغيبٍ وترهيبِ
أَلَسْتَ مِنْ نَفَرٍ لَمْ يُثْنَ دُونَهُمُ … عادٍ بنتجحٍ ولا عافٍ بتخييبِ
عالِينَ في رُتَبٍ عافينَ عَنْ رِيبِ … دانينَ من شرفٍ نائينَ عن حُوبِ
كريمٌ ما أَظهرُوه مِنْ شمائلهم … كريمٌ ما ستروه في الجلابيبِ
صَاغَتْ عِبَارتُهُمْ حُسْنَ البديع بها … مِنَ البلاغة ِ في أَسْنَى القَوَالِيبِ
مِنْ كلّ مُنتهجٍ جُوداً ومُبتهجٍ … بِشْرا إلى حَلْب الفَيْحاءِ مَنْسُوب
عَفٍّ كريمُ السّجايا مُحْسن عَلَمٌ … مِنَ الهُدى في سبيل الله مَنصوبِ
فيهم لِكلّ فتًى يَغْشاهُمُ أَبداً … إنْصافُ مَعْدلة في كُلّ أُسْلوبِ
لكلِّ ذي كَبرٍ إكبارُ تكرُمة ٍ … وكلِّ ذِي صِغَر تَصْغير تَحْبيبِ
فاهنأ بذا العيدِ يا عيداً تُقلّلهُ … وابْشِرِ بِسَعْدٍ وأجر فيه مَجْلوبِ
وأسلم على ما بهذي الناسِ من عَطبِ … في العلمِ أو في الحَجَى أَو في التَّراتيبِ
فَلَيْسَ مَجْدُكَ في مَجْدٍ بِمُحْتَجَبٍ … وليس مدْحُكَ في مدْحٍ بمكذوبِ
وليسَ تلقى الليالي غير مُنصرفٍ … وليس ترقى المعالي غيرَ مَخْطوبِ
دعني وشعري ومَنْ في جَفْنِهِ مَرضٌ … دُوني يُزلْ مرضَ الأجفانِ تطبيبي
وخُذْ شواهد ما أمليتُ مِنْ فِكرٍ … تُثْني عَلَيْكَ بِمَلْفُوظٍ وَمَكْتُوبِ
فالدرُّ يحْسُنُ مثقوباً لناظمهِ … وَحُسْنُ لَفْظِي دَرّ غَيْرُ مَثْقُوبِ
وكُلَّما قِيلَ شِعْرٌ أَوْ يُقالُ فما … أَراه إلا رَذاذاً مِنْ شآبيبي