قفا يا صاحبي بنا ألما … على دِمَنٍ نُسائلُها سؤالا
قفا زورا منازلَ أم عمرو … ورَسْماً بالمنازِلِ قَدْ أحالا
أهاضيبُ الدجى منْ كلّ جونٍ … سقاها بَعْدَ ساكِنها سِجالا
فكَمْ مِنْ وابِلٍ يأتي علَيْها … يُلِثُّ بها ويَحْتَفِلُ احْتفالا
فدارُ الحي خالية ٌ قليلٌ … بها الأصواتُ إلاّ أن تخالا
كأنَّ تُرابها مِنْ نَسْجِ ريحٍ … طَحينٌ لمْ يَدَعْنَ لهُ نُخالا
ألا يا أيّها الزَّوْرُ المُحيّا … أتسْلَمُ بالوِصالِ نَعِمْتَ بالا
ليالي ما تزالُ من أم عمروٍ … ترى في كل منزلة ٍ خيالا
فحَقّاً أنَّ جيرَتَنا يقِيناً … كما زَعموا يريدونَ احْتمالا
يُفَجعُني بفُرْقتِهِمْ رجالٌ … أرادوا أن يزيدوني خبالا
عرَفْتُ البَيْنَ أينَ مَضَى رِعاءٌ … ورَدَّ رعاءُ جيرتِكَ الجِمالا
فلمّا فارقوا مرَّتْ حُدوجٌ … على بزلٍ ترى فيها اعتلالا
إذا ما ضمها الحادي بسوقٍ … حثيثٍ زادَها الحادي اختيالا
فليستْ ظبية ٌ غراءُ ظلتْ … بأعلى تلعة ٍ تزجي غزالا
بأحْسَنَ مُقْلَة ً مِنْها وجيداً … ووجهاً ناعماً كسيَ الجمالا
جرى منها السواكُ على تقي … كأنَّ البرْقَ إذْ ضحكَتْ تلالا
كأنَّ المسكَ علَّ بها ذكياً … وراحاً خالطَ العَذْبَ الزُّلالا
إذا ما القُلْبُ والخَلْخالُ ضاقا … جرى منها وشاحاها فجالا
تضُمُّ ثِيابُها كَشْحاً هَضيماً … وأرْدافاً إذا قامَتْ ثِقالا
إذا قامَتْ تَنوءُ بمُرْجَحِنّ … كدِعْصِ الرَّمْلِ يَنْهَالُ انهيالا
إلى حتى متى يا أمّ عمرو … دلالكِ طالَ ذا صرماً وطالا
على أنّي وعَيْشِكِ لَسْتُ أدْري … أصُرْماً كانَ ذلكَ أمْ دَلالا
فإنْ يكُنِ الدَّلالُ فأنْتِ منّي … يمينٌ لا أُريدُ بها شِمالا
ألمْ يكُ حُبُّكُمْ في غيرِ فُحشٍ … زماناً كادَ يُورثُني سُلالا
سأترُكُها وآخُذُ في ثَناء … لقومي لستُ قائلهُ انتحالا
ألمْ ترَ أنّ عودي تغلبيّ … نُضارٌ هزَّهُ كرَمٌ فطالا
فسَلْني بالكرامِ فإنَّ قَوْمي … كرامٌ لا أُريدُ بها بِدالا
وقَوْمي تَغْلِبٌ والحيُّ بَكْرٌ … فمَنْ هذا يوازِنُنا فِضالا
تصانُ حلومنا وترى علينا … ثِيابَ الحَزّ تُبْتَذَلُ ابْتِذالا
فكَمْ مِنْ قائِلٍ قَدْ قالَ فِينا … فلَمْ نَتْرُكْ لذي قِيلٍ مَقالا
فسَلْ عَنّا فإنْ تَنْظُرْ إلَيْنا … ترى عدداً وأحلاماً ثقالا
هُما ابنا وائلٍ بَحْرانِ فاضا … جرَى بالنّاسِ موْجُهُما فسالا
فمنْ يعدلْ بنا إلا قريشٌ … ألَسْنا خيرَ مَنْ وطىء النّعالا
ألَسْنا نَحْنُ أقراهُمْ لضَيْفٍ … وأوفاهُمْ إذا عقدوا حبالا
وأجبرهُمْ لمختبطٍ فقيرٍ … بخير حينَ قربَ ثم نالا
كرامُ الرفدِ لا نعطي قليلاً … ولا نَنْبو لسائِلنا اعْتِلالا
سل الضيفان ليلة َ كل ريحٍ … تَلُفُّ البَرْكَ عازِمَة ً شَمالا
ألَسْنا بالقِرَى نَمشي إليهِمْ … سراعاً قبلَ أن يضعوا الرحالا
فما نَجفو الضّيافَة َ إنْ أقاموا … ولا الجيرانَ إنْ كرِهوا زوالا
ونُكْرمُ جارَنا ما دامَ فينا … ونُتْبعُهُ الكرامَة َ حَيْثُ مالا
لعَمْرُكَ ما يبيتُ الجارُ فينا … على وجلٍ يحاذرُ أنْ يغالا
فقُلْ للنّاسِ إنْ هُمُ فاضَلونا … يعدّوا مثلهنّ لهمْ جلالا
ألَسْنا مِنْ دِمَشْقَ إلى عُمانٍ … ملأنا البر أحياءً حلالا
ودجلة َ والفراتَ وكلّ وادٍ … إلى أن خالطَ النَّعَمُ الجِبالا
وشارَفْنا المدائن في جُنودٍ … لَنا مِنْهُنَّ أكثرُها رِجالا
ألا إنّ الحياة َ لناذريها … وصولتُها إذا ما العزّ صالا
ونحن الموقدونَ بكلّ ثغرٍ … ضرامَ الحربِ تشتعلُ اشتعالا
إذا ما الخَيْلُ ضيّعها رجالٌ … رَبَطْناها فشاركَتِ العِيالا
نُقاسِمُها المَعيشَة َ إذْ شتَوْنا … ونَكْسُوها البراقعَ والجِلالا
نصونُ الخيلَ ما دمنا حضوراً … ونحذوهنَّ في السفرِ النعالا
ونبعثنَّ في الغارات حتى … يقودَ الفحلَ صاحبهُ مذالا
وكلّ طمرة ٍ جرداءَ تردي … ترى الأضلاعَ بادية ً هزالا
أصابتْ من غزاة ِ القومِ جهدأً … يعرقُ من جزارتها المحالا
إذا ملتْ فوراسنا وكلتْ … عتاقُ الخيلِ زدناها كلالا
جنائِبُنا العِتاقُ لها صَهيلٌ … بأيدينا يعارضنَ البغالا
إذا نادى مُنادينا ركِبْنا … إلى الداعي فَطِرْنَ بِنا عِجالا
فهنَّ إلى الصباح مجلحاتٌ … بنا يمعنَّ إمعاناً رسالا
عوابسُ بالقنا متواتراتٌ … ترى الأبطالَ يعلونَ النهالا
بها نلنا غرائبَ من سوانا … وأحرَزْنا القرائبَ أنْ تُنالا
إذا شِينا وناشَبَنا أُناسٌ … وُجِدْنا مِنْ كرامِ النّاس حالا
وما تَحْتَ السّماء لنا ابنُ أُخْتٍ … بمردفة ٍ عليها القدحُ جالا
ومن كل القبائلِ قدْ سبينا … مِن البِيضِ المُخَدَّرَة ِ الحِجالا
تَناضَلْنا وحَلَّ النّاسُ عنّا … فما قامتْ لنا قيسٌ نضالا
ولمْ تَسْلَمْ بَنو أسدٍ فتنجو … ومَنْ هذا نَجا مِنّا فوالى