قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ … خمرة ً ما کجتمعت مَعَ کلهَمْ
فهي تِبْرٌ في لجين ذائب … أو كنارٍ في فؤاد الماء تضرم
نظم المزج عليها حَبَباً … رصَّعَ الياقوتَ بالدرّ المنظّم
عجباً للشَّرب أَنّى قطّبت … أَوجهاً من شرب راحٍ تتبسّم
وإذا أبهم أمرٌ في العلى … مثلها قد يُحَمد الدهر المذمّم
من رآى يا قوم منكم قبلها … قبل هذا أنَّ نوراً يتجسم
فهي سرٌّ الضيا … في ضمير الليل من أن يتكتم
قَدُمت في عصرها حتى لقد … أَوْشَكَتْ تخبرنا عمّا تقدّم
ما ألذَّ الراح يسقاها آمرؤٌ … من أيادي مُنْيَة القلب المتيّم
كقضيب البان أنَّى ينثني … ذو قوام يشبه الرمح المقوم
أشرق البدر علينا وجهه … فَعَرَفْنا منه أَنَّ البدر قد تم
بابليُّ اللّحظ حلويّ اللمى … غير أَنّي في هواه أتألَّم
مالكٌ ما رقَّ للصبّ ومن … عادة المالك أن يرثو ويرحم
ظالمي في الحبّ عدلٌ فکعجبوا … يا لقومي من ظَلُوم يتظلّم
عاطنيها يا نديمي قهوة ً … تَخْضِبُ الأَقداح بالصَّبغ المُعَنْدم
وانتهبها فرصة ً ممكنة … قبل أنْ تمضي سدى ً أو تتندّم
في رياضٍ قرن البشر بها … فَغَدَتْ تقرن ديناراً بدرهم
وکعصِ من لامَكَ فيها طائعاً … لذَّة النفس فأنسُ النفس ألزم
أترى مستعظم الوزْر بها … ليسَ يدري أنَّ عفو الله أعظم
أنعمُ العيشة ما قضّيتها … مَعْ مليحٍ جاد بالوصل وأَنْعَم
فتعاطاها إلى أنْ ينجلي … من أسارير الدجى ما كان أظلم
فترى للصبح في إثر الدجى … صارماً من شفق يلطخ بالدم
أو فكانا كجوادي حلبة ٍ … راح يتلو أشقرٌ آثار أدهم
رفع الفجر لنا رايته … وتولّى الليل بالجيش العرمرم
يا لها من ليلة في جنحها … حلَّل اللَّهو بها كلَّ محرّم
رقص البان لها من طربٍ … وتثنّى لحمام يترنّم
نطق العود بأسرار الهوى … فسكتنا والأغاني تتكلّم
فحسبناها لما قد أطربت … أفصحت في مدح عبد القادر القرم
لم تزل منّا إلى حضرته … مِدَحٌ تجبي ومال يتقسّم
حكّم العافين في أمواله … وهي فيما تشتهيه تتحكّم
هكذا كان وما زال كذا … إنّها شِنْشِنَة من عهد أخزم
لو نظرنا رقّة ً في طبعه … لحسبناه نسيمأً يتنسّم
فهو مثل الروض وافاه الحيا … رائق المنظر زاهٍ عطر الشم
لم ترق عيني سوى طلعته … أنا فيها لم أزل أنجو من الغم
بيّضت وجه المنى أقلامه … إنْ يكن وجه المنى أسْوَدَ أَسْحم
وَسَطَتْ في الخصم حتّى أنها … فتكت فتك القنا في مهجة الخصم
ملهمٌ يعلم ما يأتي من الأ … مر إنْ شاء وبعض الناس ملهم
ذاك واري الزند مغوار النهى … إنْ رمى أصمى وإنْ جادل أقحم
… كشفت آراؤه عن كلّ مبهم
طار في الأفق لك الصِّيتُ الذي … كلَّما أَنْجَدَ في الأقطار أَتْهم
أنت والغيث جوادا حلبة … مثلما أنت مع العلياء تؤأم
كم وَرَدْنا منك عَذباً سائغاً … كالحيا المنهلّ بل أمرى وأسجم
وبلغنا من أياديك المنى … فيميناً إنَّ يمناك لكاليم
بأبي أنت وأميّ ماجداً … وملاذاً في معاليه لمن أم
إنْ ذكرنا فضل أرباب الندى … كنتَ رأسَ الكلّ والرأس مقدّم
أنت والله لأندى من حياً … مستهلّ القطر بالجود وأكرم
أرغم الله أعاديك بما … يجدع الأنف به جدعاً ويرغم
وفداك القوم أما كفُّهم … فجمادٌ ونداهم فمحرّم
وكفاك الله أسواء امرئٍ … ضاحك يكشرُ عن أنياب أرقم
وإليك اليوم مني مِدَحاً … أيها المولى وحوشيتَ من الذم
فلسان الحال منّي مفصحٌ … إنْ يكن مني لسان القال أبكم
أنا في مدحك ما بين الورى … أفصح الناس وإنْ لم أتكلم
خدم العبد علاكم شعره … أنت في أمثاله ما زلت تخدم
شاكراً مولاي إحسانك بي … إنَّ إحسانك يا مولاي قد عم
إنْ تفضَّلْتَ على الداعي لكم … بقبولٍ فتفضّلْ وتكرّم
أسأل الله لعلياك البقا … فابق في العزّ مدى الأيام واسلم