غَلواءُ ما أَحلى المِعطارا … صَبِيَّةٌ تَغبِطها العَذارى
لا يَستَطيعُ شاعِرٌ أَن يُبِدعا … قَصيدَةً أَجمَلَ مِنها مَطلَعا
تَصَوَّرِ الأَزهارَ في نَوّارِ … تُنعِشُها اِرتِعاشَةُ الأَنوارِ
تَصَوَّرِ النَسيمَ في الصَباحِ … يَهِزُّ ساقَ الفُلِّ وَالأَقاحِ
تَصوَّر السَماءَ في رُوائِها … كَأَنَّها الاِحلامُ في صَفائِها
تَصَوَّر الاِعشابَ في الجِبالِ … تَحلمُ في مَهدٍ من الظِلالِ
تَصَوَّر الرابيَةَ الجَميلَه … لَوَّنها ظِلٌّ من الخَميلَه
وَكُوَمَ الثَلج عَلى الرَوابي … تَطفو عَلَيها صُفرَةُ الغِيابِ
وَاِنظُر أَخيراً نَظرةً سَريعَه … مُختَلَفَ الجَمالِ في الطَبيعَه
تَعرِف إِذاً مَعرِفَةً عَلياءَ … كَيفَ السَماءُ أَبدَعَت غَلواءَ
وَكان في صُورٍ لَها قَريبَه … أُعطِيَت اِسمَ الوَردَةِ الحَبيبَه
جَمالُها يَحمِلُ لِلجُنونِ … وَميضَةَ الشَهوَةِ في العُيونِ
تَشعُرُ من جَسَدها المُشتَعِلِ … في كُلِّ عِرقٍ بِدِماءِ رَجُل
تَصوَّرِ البُركانَ في ثَورَتِهِ … تَنقَذِفُ النيرانُ من فوهَتِه
كَالمرأَةِ البَغيِّ في مُقلَتها … عُنصُرُ نارٍ قُدَّ من شَهوَتِها
تَصوَّرِ المَوتَ بنابِ أَفعى … مُريبَةٍ بَين زُهورٍ تَسعى
تَظُنُّها خِلالَ وَهجِ النورِ … ساقِيَةً تَنسابُ في الزُهورِ
تَصوَّرِ المَصدورَ في خدَّيهِ … تَوَرُّدٌ يَطفو الصِبى عَلَيهِ
تَخالُه الرَبيعَ عِند فَجرِه … إِن أَنتَ لَم تَسمَع سُعالَ صَدرِه
وَوَجلا غَصَّ بِبَلعِ ريقِه … فَاِستَجَد القَطرَةَ في إِبريقه
وَلَو دَوى أَنَّ هُناك عَقرَب … لآثَرَ الغَصَّ عَلى أَن يَشرَب
وَاِنظُر أَخيراً نَظرَةً سَريعَه … مُختَلَف الشُرور في الطَبيعَه
يَبدُ لَكَ المَقتُ إِذاً فَتَعلَم … كَيفَ أَرادَت وَردَةً جَهَنَّم
وَرَغِبَت غَلواءُ أَن تَزورا … أُمَّ الجُدودِ الأَقدَمينَ صورا
فَسافَرت يَخفرها الفَتاءُ … وَحُنسُهُ تَبارَكَت غَلواءُ
فينيقيا وَمجدُها المُشَيَّدُ … وَمُلكُها المُعَظَّمُ المُؤَيَّدُ
أَميرَةُ الفُنونِ وَالتِجارَه … وَمَنشَأُ العُلومِ وَالحَضارَه
سُلطانَةُ البِحارِ وَالأَسفارِ … مَليكَةُ البَرنيرِ وَالنُضارِ
لُؤلُؤَةُ العُروشِ وَالتيجانِ … وَمَطمَحُ اليونانِ وَالرومانِ
قائِمَةٌ كَالطَلَل المَهجورِ … عَلى مِياهِ شاطِيءٍ في صور