على هَذِهِ كانَتْ تَدورُ النَّوائِبُ … وفي كُلِّ جَمْعٍ للذَّهابِ مَذاهِبُ
نَزَلْنا عَلى حُكْمِ الزَّمانِ وأَمْرِهِ … وهَلْ يَقْبَلُ النَّصْفَ الأَلَدُّ الُمشاغِبُ
ويَضْحَكُ سِنُّ المَرْءِ والقَلْبُ مُوْجَعٌ … ويرضى الفتى عن دهرهِ وهو عاتبُ
أَلا أَيُّها الرُكْبانُ والرَّدُّ واجِبٌ … قِفُوا حَدِّثُونَا ما تَقولُ النَّوادِبُ
إلى أيِّ فِتْيَانِ النَّدى قَصَدَ الرَّدى … وأَيَّهُمُ نابَتْ حماه النَّوائِبُ؟
فيا لأبي العباسِ كمْ ردَّ راغبٌ … لفقدكَ ملهوفاً وكمْ جبَّ غاربُ
ويا لأبي العبَّاسِ إنَّ مناكباً … تَنوءُ بما حَمَّلْتَها لنواكِبُ
فهالَتْ أَخاً لم تَحْوِهِ بِقَرَابَة ٍ … بلى ، إنَّ أخوانَ الصفاءِ أقاربُ
وياقبرهُ جدْ كلَّ قبرٍ بجودهِ … ففيكَ سماءٌ ثرة ٌ وسحائبُ
فَإنَّكَ لَوْ تَدْري بما فيكَ مِن عُلا … عَلَوْتَ وباتَتْ في ذَراكَ الكواكِبُ
أَخاً كُنْتُ أَبْكيهِ دَماً وهْو حاضِرٌ … حذاراً وتعمى مقلتي وهو غائبُ
فماتَ فلا صبري على الأجرِ واقفٌ … ولا أَنا في عُمْرٍ إلى اللَّهِ راغِبُ
أأسعى لأحظى فيكَ بالأجرِ إنَّهُ … لسعيٌ إذنْ مني إلى الله خائبُ
وما الإثْمُ إلا الصّبْرُ عنكَ وإنَّما … عَواقِبُ حَمْدٍ أَنْ تُذمَّ العواقِبُ
يقولونَ: مقدار على المرءِ واجبٌ … فقلْتُ: وإعْوالٌ على المَرْءِ واجِبُ
هو القلبُ لمَّا حمَّ يومُ ابنِ أمِّهِ … وهى جانبٌ منه وأسقمَ جانبُ
ترشفتُ أيامي وهنَّ كوالحُ … عَليكَ، وغالَبْتُ الرَّدى وهو غالبُ
ودافعتُ في صدرِ الزمانِ ونحرهِ … وأَيُّ يَدٍ لي والزَّمانُ مُحارِبُ؟
وقلتُ لهُ: خل جوادَ لقمهِ … وها أنذا فازددْ فإنَّا عصائبُ
فوالله إخلاصاً من القولِ صادقاً … وإلاّ فحبِّي آلَ أحمدَ كاذبُ
لو کنَّ يَدِي كانت شفاءَكَ أَوْ دَمي … دمَ القلبِ حتى يقضبَ القلبَ قاضبُ
لسلمتُ تسليمَ الرِّضا وتخذْتها … يَداً للرَّدى ما حَجَّ لِلَّه راكِبُ
فتى ًّ همهُ حمدٌ على الدهرِ رابحٌ … وإنْ غابَ عنْهُ مالُهُ فهو عازِبُ
شمائلُ إنْ يشهدْ فهنَّ مشضاهدُ … عِظامٌ وَإنَ يَرْحَلْ فَهُنَّ كَتائِبُ
بكاكَ أخٌ لم تحوهِ بقرابة ٍ … بلى ، إنَّ إخوان الصفاء أقاربُ
وأظلمتِ الدنيا التي كنتَ جارَها … كأَنَّكَ للدّنيا أَخٌ ومُناسِبُ
يُبَرِّدُ نِيرانَ المَصائبِ أَنَّني … أرى زمناً لمْ فيهِ مصائبُ