عفتْ أرسمٌ من دارِ ميٍّ وأطلالُ … وحَالَتْ بنا إذْ خَفَّ قاطِنُها الحالُ
فكمْ أسألُ الدار البوالي رسومها … وهل نافعي من أرسم الدار تسآل؟
وقفتُ بها أقضي لها الدَّين بالأسى … وما ينقضي وَجْدٌ عليها وبلبال
وفي النفس من تلك المنازل لوعة … تهيّجها منّي غدوٌّ وآصال
وكم هيَّجتْ بي زفرة ٍ … لنيرانها في مضمر القلب إشعال
وعهدي بذات الضال عذر على الهوى … ألا للهوى العذري ما جمع الضال
بروحي من كانت حَياتي بقربه … ويقتلني بالهجر والهجر قتال
ألاحظُ منه البدر في غسق الدجى … يَميسُ به قدٌّ من البان ميّال
أحبّتنا قد حال بيني وبينكم … خطوبٌ لأحداث الزمان وأهوال
لئن غبتم عن ناظري وحجبتم … فما غاب منكم عن فؤادي تمثال
وما سرّني أنّي مقيمٌ ببلدة … وهمّي عليكم في المهامِهِ جوّال
ألامُ عليكم في الهوى وهوانه … وللصّبّ لوّامٌ وللحبِّ عذال
سقى الله هاتيكَ الديارَ وأهْلَها … وجُرَّت عليها للغمائم أذيال
وعهداً مضى فيه الشباب وطيبه … وقَد غالَه من طارق الشيب مغتال
سأركبها في المهمه القفر مركباً … سَفائَن بَرٍّ لُجُّ أَبْحرِها الآل
ولستُ مقيماً ما أقمتُ بمنزلٍ … وعيشي أنكادٌ تسوء وأنكال
وتَصحَبُني في كلّ فجٍ عزيمتي … وأبيضُ هنديٌّ وأسمرُ عسّال
وما ملكَتْ منّي المطامع مِقْوَداً … لصاحبها في موقف الضيم إذلال
وما ساءني فقرٌ ولا سرّني غنى ً … بحيثُ کستوى عندي ثراءٌ وإقلال
ولمْ أدنُ من أشياءَ ممّا تشينني … ولو قطعتْ منّي لذلك أوصال
وما كان بي والحمد لله خلَّة ٌ … لها بالشريف الباذخ المجد إخلال
ولستُ أبالي والأبوّة مذهبي … إذا أعرضتْ عنّي مع العلم جهّال
همُ سابَقوني بالفخار فقصّروا … وهو طالبوني بألإناء فما طالوا
ولي بعليّ القدر عن غيره غنى ً … إذا عدَّ قول للكرام وأفعال
من القوم أبناء النُبوَّة ِ والعلى … يُشام لهم في كلِّ بارقة ٍ خال
سلِ المجدَ عنهم مجملاً ومفصَّلاً … ويغني عن التفصيل إذ ذاك إجمال
إذا وصفوا بالعلم والحلم والتقى … فبالعلم أعلام وبالحلم أجبال
قواضٍ على أموالهم بنوالهم … وما نِيلَ هذا الفضل إلاَّ بما نالوا
عزائِمُهُم شرقاً وغرباً وبأسُهُمْ … قيودٌ بأعناق الرجال وأغلال
إليك أبا سلمان تسعى ركابنا … وفيها إلى مغناك حلٌّ وترحال
وتصدر عنك الواردون ظماؤها … عليها من الإنعام والشكر أثقال
إذا نحن أثنينا عليك فإنّما … لكلِّ نسيجٍ من ثنائك منوال
يصحُّ رجائي في علاك مريضه … ومن اسمك العالي لقد صدق الفال
تُبشِّرُ بالنَّعْماء منك بشاشَة ٌ … وعطفٌ على من يرتجيك وإقبال
تغيثُ بغوثٍ من دعاك لكربه … وللغيث من جدوى يمينك إخجال
وما زال بي من جود فضلك نعمة ٌ … تسرُّ بها نفسي وينعمُ لي بال
إذا ما کستقى العافون من يدك النوى … سقاها الأيادي عارضٌ منك هطال
وفيك أبا سلمان بالناس رأفة ٌ … يُنالُ بها قصدٌ وتُدْرَكُ آمال
يخبِّرُ عنك الفضل أنَّكَ أهلُهُ … ويشهدُ فيك البأس أنَّك رئبال
تبلَّجَ صُبحُ الحقّ بالصِّدق ظاهراً … فلا کحتال بعد اليوم بالزُّوِر مُحتال
أما وجميلٍ من صنيعك سالفٍ … عليَّ به منٌّ وفضلٌ وإفضال
وآباؤك الغرُّ الميامين إنَّهم … غيوثٌّ إذا جادوا ليوث إذا صالوا
لقد كذبَ الحسّاد فيما تقوَّلوا … عَلَيَّ وأَيم الله ما قلتُ ما قالوا
أعيذُك أنْ تُصغي إلى قولِ كاذبٍ … ويثنيك عنّي ذلك القيل والقال
ألمْ أقضِ عمري في ثنائك كلّه … ولي فيك من غُرِّ المدائح أقوال
خدمتُك في مدحي ثلاثين حِجَّة ً … وصوبك منهّلٌ وجودك سيّال
أباهي بك السادات شرفاً ومغرباً … وأَرْفُلُ في بُرد النعيم وأختال
أنالُ بك الآمال وهي بعيدة … وأَفتَحُ أبواباً عَليهنَّ أقفال
ولإنّي لأرعى الناس بالشكر ذمّة ً … وما في خلوصي بالمودّة إشكال
وأَنْتَ الذي ترجى من الناس كلّها … وتُضْرَبُ في نعماك للناس أمثال
إذا ما القوافي أَقْبَلَتْ بثنائها … عليك فمأمولٌ بها الجاه والمال
وقافية ٍ تتلى ويحلو نشيدها … وكم تتحلّى في ثنائك معطال