عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا … فاحبس بها هذي المطيَّ قليلا
وأرِق دموعك إنّما هي لوعة ٌ … بعثَتْ إليك من الدموع سيولا
وابكِ المعالم ما استطعت فربّما … بلَّ البكاء من الفؤاد غليلا
واستجدِ ما سمح لاسحاب بمائه … إنْ كان طرفك يا هذيم بخيلا
يا ناق مالكِ كلّما ذكرَ الغضا … جاذبتِ أنفاس النسيم عليلا
إنّ الذين عهدت في أجزاعها … أمست ظعوناً للنوى وحمولا
جُمَلٌ من العبرات يوم وداعهم … فصَّلتها لفراقهم تفصيلا
وكأنَّ دمعَ الصبّ صوبُ غمامة … يسقي رسوماً نُحَّلاً وطلولا
يا منزلَ الأحباب أين أحبّة ٌ … سارت بهم قبّ البطون ذميلا؟
راحوا وراح رداء كل مفارق … تلك الوجوه بدمعه مبلولا
ومضت ركائبهم تُقِلُّ جآذراً … يألَفْنَ من بيضِ الصوارم غيلا
عرضت لنا والدمع يسبق بعضه … بعضاً كما شاء الغرام مسيلا
ويلاه من فتكات أحداق المها … ملأت قلوبَ العاشقين نصولا
لولا العيون النجل لم تلق آمرأً … يشكو الجراح ولا دماً مطلولا
يا أخت أمِّ الخشف كيف تركته … يوم الغميم متيماً متبولا
أورَدْتَه ماءَ العيون أصبابة ً … ومنعتَ خمرَ رضابكَ المعسولا
هلاّ بعثتَ له الخيالَ لعلّه … يرتاح في سِنَة الكرى تخييلا
وكّلت بالدّنف الضنى لك شاهدا … وكفى بذلك شاهداً ووكيلا
ولقد علمت ولا إخالُك جاهلاً … أنّ العذولَ بهنّ كان جهولا
ما لاح ذيّاك الجمال لعاذل … إلاّ وكان العاذل المعذولا
ضلَّ العذولُ وما هدى فيما هذى … بلْ زادني بدعائه تضليلا
كيف السبيل إلى التصابي بعدما … قد قاربَ الغصنُ الرطيبُ ذبولا
أسفاً على أيام عمر تنقضي … كَدَراً وتذهب بالمنى تأميلا
وبناتِ أفكارٍ لنا عربية ٍ … لا يرتضين سوى الكرام بعولا
وإذا نهضتُ إلى التي أنا طالب … في الدّهر أقعدني الزمان خمولا
سأروع بالبين المطيّ ولم أبلْ … أذهبنَ كدّاً أمْ فقدنَ قفولا
وأغادر النجب الكرائم في السرى … تغري حزوناً أقفَرَتْ وسهولا
لا تعذليني يا أميم على النوى … ألفيتَ ثمَّة َ نائلاً ومنيلا
وتقاصرت همم الرجال وأصبحتْ … فيهم رياض الآملين محولا
تأبى المروءة أن تراني واقفاً … في موقف يَدَعُ العزيز ذليلا
أو أنني أرضى الهوان وأبتغي … بالعزْ لا عاش الذليل بديلا
صبراً على هذا الزمان فإنّه … زمَن يُعَدُّ الفضل فيه فضولا
لولا جميل أبي جميل ما رأت … عيناي وجه الصبر فيه جميلا
أهدي إليه قلائداً بمديحه … كشفت قناع جمالها المسبولا
فأخال ما يطربنه بنشيدها … كانت صليلاً في الوغى وصهيلا
ويميل من كرم الطباع كأنّما … شربتْ شمائله المدام شمولا
ذو همة بَعُدَتْ فكان كأنّه … يبغي بها فوق السماء حلولا
لو مل يكنْ في الأرض من أعلامها … كادَتْ تميلِ بأهلها لتزولا
الصادق العزمات إنْ ريعت به … الأخطار قطعَ حبلها الموصولا
لا آمنَ الحدثان إلاّ أنْ أرى … بجوار ذيّاك الجناب نزولا
إنّي اختبرت جنابه فوجدته … ظِلاً بهاجرة الخطوب ظليلا
وإذا تغيَّرتِ الحوادث بامرئ … لا يقبل التغييرَ والتبديلا
قصرت بنو العلياء عن عليائه … ولو کنها تحكي الشوامخ طولا
كم شاهد الجبّار من سطواته … يوماً يروع به الزمان مهولا
في موطن لم يتخذْ غير القنا … والمشرفّية صاحباً وخليلا
إن شيَم شِيمَ الغيث أومضَ برقه … أو ريع كان الصارم المسلولا
وإذا أتيتَ إلى مناهل فضله … لتنال من إحسانه ما نيلا
تلقى قؤولاً ما هنالك فاعلاً … يا قلَّ ما كان القؤول فعولا
وإذا قضى كرماً على أمواله … كان القضاء بأمره مفعولا
ما زال بَرّاً بالعُفاة ومسعفاً … بلْ مسرعاً بالمكرمات عجولا
وإذا سألتُ مكارماً من ماجد … ما كان غير نوالك المسؤولا
ولقد هززتك للجميل فخلتني … أنّي أهزُّ مهَنَّداً مصقولا
تالله ما عرف السبيل إلى الغنى … حتى وجَدْتُ إلى علاك سبيلا
وإذا سألت سواك كنت كأنّني … أبغي لذاتك في الأنام مثيلا
قسماً بمجدك وهو أعظم مقسم … يستخدم التعظيم والتبجيلا
لو كنتَ في الأمم المواضي لم تكن … إلاّ نبياً فيهم ورسولا
إنّ الذي أعطاك بين عباده … قدراً يجلُ عن النظير جليلا
أعطاك من كرم الشمائل ما به … جُعِلَتْ ذكاء على النهار دليلا
أطلعتَ من تلك المكارم أنجماً … لم تَرْضَ ما أفل النجوم أفولا
علقت بك الآمال من دون الورى … يوماً فأدرك آملٌ مأمولا
ورجوتُ ما ترجى لكلّ ملمَّة ٍ … فوجَدْتُ جودك بالعطاء كفيلا
ولك اليد البيضاء حيث بسطتها … تهب العطاء الوفر منك جزيلا
ولو أنّني استسقيت وابل ديمة ٍ … لم تُغنني عن راحتيك فتيلا
هي موردٌ للآملين ومنهلٌ … دعني أفوز بلثمها تقبيلا
فلأنشرنَّ عليك غرَّ قصائدي … ولأشكرنّك بكرة ً وأصيلا
ومن الثناء عليك في أمثالها … لم يَبقَ قولٌ فيك إلاّ قيلا