عجبا لغي الحب لاح سبيله … ولرشد حلمك كيف ضل دليله
ولعيش صب لا يرق حبيبه … مما شجاه ولا يفيق عذوله
ولقاتل بالهجر غير مقاتل … يفديه من مضض العتاب قتيله
إن خط في جو السماء مثاله … بدرا فبين جوانحي تمثيله
أو شرد التسهيد طيف خياله … عن ناظري ففيهما تخييله
ولهان فيه ما فقدت من الكرى … لو كان من نظري إليه بديله
أو كان حكم هواه لا تحريمه … وصلي عليه ولا دمي تحليله
غصن يميس به الصبا فيقيمه … طورا وتوهمه الصبا فتميله
فكأنه في لمح طرفي عاثر … وتقيه تفديني له فتقيله
وتكاد أنفاسي تزايل متنه … لولا كثيب منه ليس يزيله
فكأنما يشتق من حركاته … نغم الغناء خفيفه وثقيله
لو أنه يشتق من أعطافه … عطف يعلل لوعتي تعليله
وعليل لحظ الطرف أعدى طرفه … قلبي بداء لا يفيق عليله
سلب الملاحة في الظباء وفي المها … حتى استبد بجزئها تكميله
أنفا لمن سكن الترائب أن يرى … يطأ التراب شبيهه ومثيله
ولقد حفظت له أمانة لاعج … بالشوق يغلي في الفؤاد غليله
وضربت من دمي على خدي له … غرما غرامي بالقضاء كفيله
فلئن صبوت فلست أول عاشق … نبع الهوى فهوى به تضليله
ولئن صبرت فلست بدع مفارق … غالت حبيب النفس عنه غوله
ولئن سلوت فأي أسوة واعظ … ألهاه عن قمر السماء أفوله
فسما إلى الملأ الأجل بهجرة … وافى بها الرحمن وهو خليله
وهناك يا منصور همت بهمة … فيها سلو المستهام وسوله
طلبا لحظ لا يذل عزيزه … من حظ غي لا يعز ذليله
فهدى وأهداني إليك مبرزا … شهدت له في السابقات عدوله
وعجلا عليك به الجلاء مهندا … صدقتك عن قرع الحروب فلوله
وعفت محاسنه العدى فكأنها … في معهد الوطن الفقيد طلوله
إن يصده رهج الوغى فشعاعه … بالعلم لماع الجلاء صقيله
أو تخلق البلوى حمائل حليه … فعلى التجمل والمنى تجميله
أو تقطع الأيام عهد ذمامه … فالصبر واصل حبله موصوله
فآتاك يا منصور فاقد غمده … برجاء مجرور إليك ذيوله
رسف المقيد في أضاليل الدجى … والقفر والبحر المحيط كبوله
كربا كموج البحر لا إهلاله … إلا إليك بها ولا تهليله
فليهن ذا أمل إليك مآله … وجلاء مرتحل إليك رحيله
وظلام ليل في جبينك صبحه … وهجير قيظ في ذراك مقيله
وليهننا وليهنك العيد الذي … بسناك أشرق صبحه وأصليه
عيد إليك سلامه وقوامه … ونظامه وزحامه وحفوله
وعلى الإله معاده وعتاده … وإيابه وثوابه وقبوله
وليهن كل مليك شرك عيده … يوم إليك بلوغه ووصوله
ضلت به سبل الشرائع واهتدت … بشريعة الزلفى إليك سبيله
ناش على دين السجود وما درى … قبل السجود إليك ما تأويله
أنساه قدرك ما أضل صليبه … وأراه سيفك ما حوى إنجيله
فأجار محياه إليك نزاعه … وأعزه بك في الورى تذليله
ولئن حمى عنك ابن مير محلة … في شامخ أعيا النجوم حلوله
ونماه ملك لا يضعضع تاجه … ووقاه عز لا يخاف خموله
فلقد دعاك إلى رضاك ودونه … غول الضلال حزونه وسهوله
أصبى إليك من الصبا وأحن من … أفق ونت عنه إليك قبوله
وأجل قدرك عن سواه وقدرما … أخفى إليك نجيه ودخيله
عن صدق غيب بالكتاب يبثه … أو برح شوق بالرسول يقوله
فهوى وصفحته إليك كتابه … وهفا ومهجته إليك رسوله
عجلا إلى أمل دنا تعجيله … وجلا به أجل نأى تأجيله
لله ما رحلت إليك رحاله … طوعا وما حملت إليك حموله
غاز وناصره عليك خضوعه … سار وطاعته إليك دليله
نشر اللواء زماعه ونزاعه … فطوى المهامه نصه وذميله
ولقد خلعت قبل دونه … بردا تفيض على الفضاء فضوله
لجبا من الخلق المضاعف نسجه … أشبا من الأسل المثقف غيله
شرقا به لوح الهواء وجوه … غرقا به عرض البلاد وطوله
مستقبلا بجنوده وبنوده … ملكا يهل إليك حين تهوله
ولشدما ماجت به أمواجه … حتى أسالته إليك سيوله
بصورام في طيهن تراته … وذوابل في لمعهن ذحوله
غاب تساود ناظريه أسوده … من بعد ما اختالت عليه خيوله
فمشى إليك به الزحام كأنه … عان يقصر خطوه تكبيله
مبهور أنفاس الحياة كظيمها … وغضيض لحظ الناظرين كليله
حتى تنفس روحه في راحة … علياء مقبولا بها تقبيله
ورفعت ناظره بنظرة باسط … للأمن مبلوغا بها تأميله
فأريته كيف ارتجاع حياته … ولتلك أيسر ما بدأت تنيله
من فيض عرف تستقل كثيره … ولقد يزيد على الرجاء قليله
نزلا يذكره العراق ومصره … ملكا ودجلته يداك ونيله
وشروق شمس لا يحين غروبها … في برد ظل لا يحور ظليله
ورأي صريع الخطب كيف تقله … ورأى عثور الجد كيف تقيله
ورأى ذليل الحق كيف تعزه … ورأى عزيز الشرك كيف تديله
ورأى صدوع الدين كيف تلمها … ورأى كثيب الكفر كيف تهيله
ولئن تقدم في رضاك قدومه … فلقد تزود من نداك قفوله
خلائق من طيبهن خلوقه … وشمائل من صفوهن شموله
ومعالم لعلاك لا تعظيمه … لسوى مشاهدها ولا تبجيله
فلها بقدر الروم وهي أرومه … وزرى بملك الصفر وهي أصوله
ابن اصطفى قحطان عزة ملكه … ومن التبابع جذمه وقبيله
ولمن نمى سبأ بسبي ملوكها … واستخلفت أذواؤه وقيوله
ولمن تتوج بالمكارم تاجه … علوا وكلل بالهدى إكليله
سطعت على الأملاك غرة وجهه … نورا وأشرق بالندى تحجيله
فالله يعلي قدره ويزيده … صنعا وينسىء عمره ويطيله
في عز نصر لا زمان يخونه … وبقاء ملك لا مديل يديله