شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ … وتوالى البشرُ منه والسرورُ
قَرَّتِ الأعينُ في طلعته … مُذ بدا وانشرَحَتْ منا الصدور
أشرقت في أفقنا وانتهجت … وكذا تطلعُ في الأفق البدور
يرفع الجورَ ويبدي عدله … منصفٌ بالحكم عدلٌ لا يجور
أوتيَ الحكمة َ والحكم وما … هُوَ إلاّ العالم البحر الغزير
فَوَّض الأمر إليه مَلِكٌ … ما جرتْ إلاّ بما شاء الأمور
من وزير أصْبَحت آراؤه … يسعد السلطان فيها والوزير
كان سر اللّطف مكنوماً وقد … آنَ للرحمة واللطف الظهور
من أمير المؤمنين انبعثتْ … حبّذا المأمورُ فيها والأمير
دولة ٌ أيَّدها الله به … فَلَقَدْ طالتْ وما فيها قصور
وبشيرٌ لمليكٍ همُّهُ … أنْ يرى الناس وما فيهم فقير
أنتَ سيفٌ صارِمٌ في يده … وسحابٌ من أياديه مطير
أنتَ ظلٌّ مدَّه الله على … أهل هذا القطر أن حان الهجير
جئتَ بالبأس وبالجود معاً … إنّما أنتَ بشيرٌ ونذير
تمحقُ الباغين عن آخرهم … مثلما يحمو الدجى الصبحُ المنير
أصلحتْ بيضك ما قد أفسدوا … وكبا بالمفسد الجدُّ العثور
في حُروب تدرك الوتر بها … حاضَتِ البِيضُ بها وهي ذكور
عُدْتَّ منصوراً بجيشٍ ظافرٍ … وجَنابُ الحقِّ مولانا النَّصيرُ
بذلوها أنفساً عن طاعة … ضمنها الفوزُ وعقابها الحبور
تخطفُ الأرواح من أعدائها … مثلما تختطفُ الطيرَ الصقور
إنّما قرّبَتهم عن نَظَرٍ … ما له في هذه الناس نظير
عارفاً إخلاص من قرَّبته … ولأنتَ الناقدُ الشهمُ البصير
فتحتْ باباً لراجيك يدٌ … سدِّدتْ في حدّ ماضيها الثغور
وحمى أطرافها ذو غيرة … من مواضيك صليلٌ وزئير
مهلكٌ أعداءك الرعبُ كما … أهلكتْ عاداً من الريح الدبروُ
يا لك الله مشيراً بالذي … يُرتضى منه وبالخير مُشير
فإذا حادَ فغيثٌ ممطرٌ … وإذا حاربَ فالليث الهصور
وإذا حلّ بدارٍ قد بغتْ … حلَّ فيها الوبل منه والثبور
إنْ تسلْ عمَّن بغى في حكمه … فقتيلٌ من ظباه وأسير
أوقدوا النار التي أوروا بها … وسعى في هلكهم ذاك السعير
إذ يسير النصر في موكبه … معلناً تأييده حيث يسير
كيف لا يرجى ويخشى سطوة ً … لا الندى نزر ولا الباع قصير
وإذا طاشت رجال لم يطشْ … أينَ رضوى من علاه وثبير
ذو انتقام شقي الجاني به … ولمن تاب عفوٌ وغفور
أبْغَضَ الشر فلا يَصْحَبُه … وانطوى منه على الخير الضمير
أنقذَ الأخبار من أشرارها … وشرار الشرّ فيهم مستطير
فالعراق الآن في خفضٍ وفي … مجدك الباذخِ مختال فخور
أنْتَ للناس جميعاً مَوْرِدٌ … ولها منكَ وُرودٌ وصُدورُ
أنتَ للناس لعمري منهلٌ … ونداك السائغُ العذب النمير
هذه البصرة ُ منذ استبشرت … بِكَ وافاها من السعد بشير
حَدَثَت بالقرب من عمرانها … بعدما أخربها الدهرُ المبير
كبقايا أسْطرٍ من زُبُرٍ … بليتْ وابليت تلك السطور
فلعلّ الله أن يعمرها … بك والله بما شاء قدير
تتلافاها وإنْ أشْفَتْ على … جرفٍ هارٍ وأيلتها العصور
لك بالخير مساعٍ جمَّة ٌ … وبما تعزم مقدام جسور
وإذا باشرت أمراً معضلاً … هان فيك الأمر والأمر عسير
قد شَهِدنا فوق ما نسمعه … عنك والقول قليل وكثير
فشهِدنا صحَّة القول وإنْ … قَصَّرَ الرّاوي وما في القول زور
ونشرت الفضل حتى خلته … قام منك البعث حشر ونشور
طلعت من أنجم الشعر بكم … وَبَدَتْ من أُفقه الشّعرى العبور
كلّ يومٍ لك سعدٌ مقبلٌ … وعلى الباغي عَبوسٌ قمطرير