شَجَتْني وقد تُشجي الطلولُ الهوامدُ … معالمُ أَقْوَتْ بالفضا ومعاهدُ
وأَيْسَرُ وجدي أنّني في عراصها … أُذيبُ عليها القلبَ والقلبُ جامد
وقفتُ بها أستمطرُ العين ماءها … وأسألُ عن سكّانها وأناشد
وما کنهلَّ وبل الدمع حتى تأجَّجت … من الوجد نيرانُ الفؤاد الخوامد
فلا ماء هاتيك المدامع ناضب … ولا حرّ هاتيك الأضالع خامد
خليليّ ما لي كلّما لاح بارق … تنبَّه وجدي والعيون هواجد
وأوقدَ هذا الشوقُ تحت أضالعي … فهل يوقد الشوق المبرّح واقد
فليتَ خيالَ المالكيّة ِ زائري … فأشكو إليه في الهوى ما أكابد
وعهدي بربع المالكيّة ِ مَصْرَعٌ … إذا خطرتْ فيه الحسان الخرائد
أحبَّتنا أمّا الغرام وحرُّه … فباقٍ وأمّا الاصطبار فنافد
فقدتكمُ فقدَ الزلال على الظما … فلم يرو مفقودٌ ولم يروَ فاقد
خليليَّ إنّي للكرام لفاقدٌ … وإنّي على ريب الزمان لواجد
وإنّي لفي عصر أضَرَّ بأهْلِهِ … وأَغْرَبُ شيء فيه خِلٌّ مساعد
وما ضرّني فقدي به ثروة الغنى … فلا الفضل منحطٌّ ولا النقص صاعد
ترفَّعتُ عن أشياءَ تزوي بأهلها … وما أنا ممن دنَّسَتْه المفاسد
وإنّي لِمَنْ يبغي ودادي لطامعٌ … وبالمُعرضِ المُزْوَرِّ عنّي لزاهد
جَرَيْتُ بميدان التجارب برهة ً … وقد عرفتني بالرجال الشدائد
وما الناس إلاّ ما عرفتُ بكشفها … صديقٌ مداجٍ أو عدوٌّ معاند
إذا خانك الأدنى الذي أنتَ واثقٌ … به فحريٌّ أَنْ تَخُونَ الأباعدُ
أعد نظراً في الناس إنْ كنت ناقداً … فقد يتلافى صحة النقد ناقد
مضى الناس والدنيا وقد آل أمرها … وتعمر فيه للصّلاة مساجد
وأصبَحْتُ في جيل الفساد ولم يكن … لِيَصْلُحَ هذا الجيل والدهر فاسد
فإنْ عدَّت الآحاد في الجود والتقى … لقومٍ فعبد الواحد اليوم واحد
يعدُّ لإيصال الصِّلات محلُّه … وتعمر فيه الصلاة مساجد
ملابس تقوى الله في البأس دونها … صدور العوالي والسيوف البوادر
جناب مريع يستمد بمدّه … وتلقى إلى ذاك الجناب القلائد
يلوح إذا ما لاح بارق جوده … كما لاح برق في الغمائم راعد
لقد زرع المعروف في كل موطنٍ … وزارعه للحمد والشكر حاصد
يكاد يقول الشعر لولا جميله … لما طال لي باعٌ ولا اشتدّ ساعد
إذا اقترنا، شعري وكوكب سعده … وشوهد منا المشتري وعطارد
تفتَّحُ أزهارُ الكلام وأشرقتْ … بآفاق أقطار الفخار فراقد
أُشاهِدُ في النادي أساريرَ وجهه … فأنظر أبهى ما أرى وأشاهد
إذا ما انتمى يوماً لأكرام والدٍ … فبورك مولودٌ وبورك والد
بنفسي رفيع القدر عالٍ محله … تنال الثُّريّا كفُّه وهو قاعد
له حيث حلّ الأكرمون من العلى … مقامٌ كريمٌ في العلى ومقاعد
كريم يُنيلُ المستنيلين نَيْلَه … ومن كرم الأخلاق ما هو رافد
فما خاب في تلك المكارم آملٌ … ولا سرَّ في نعمائه قطُّ حاسد
مناهله للظامئين مواردٌ … فلا نَضِبَتْ في الجود تلك الموارد
تشادُ بيوتُ المجد في مكرماته … وترفعُ منها علاه قواعد
حَثَثْنا إلى ذاك الجناب قلائصاً … لها سائق منها إليه وقائد
وقد صَدَقَتْنا بالذي هو أهْلُه … ظُنونٌ بما نرجو به وعقائد
من القوم موصول الجميل بمثله … لنا صِلَة ٌ من راحتيه وعائد
وما البرّ والإحسان إلاّ خلائق … وما الخير في الإنسان إلاّ عوائد
تدلّ عليه بالثناء أدِلَّة ٌ … عليها من الفِعل الجميل شواهد
وأبقى له في الصالحات بواقياً … وإنْ فَنيَ المعروف فالذكر خالد
تروح إليه الآملون وتغتدي … فذا صادر عنه وذيآك وارد
ألا بأبي ذاك الهمام الذي له … من الله عونٌ في الأُمور وحاشد
تناخُ مطيا المعتفين ببابه … ويَنْفُقَ سوقُ الفضل والفضل كاسد
إذا أنا أنشدتُ القريض بمدحه … وعتْ أذنُ العلياء ما أنا ناشد
وكم جابتِ الأرضَ البسيطة باسمِهِ … قوافٍ سوارٍ في الثناء شوارد
تقلِّدُ جيدَ الدهر منها قلائدأً … ويا ربَّ جيدٍ زيَّنَتْه القلائد
وكم نظمت فيه عقود مدائح … مزاياه في تلك العقود فرائد
رعَيْتَ رعاك الله حقَّ رعايتي … فأَفعالُك الغرُّ الجياد محامد
فَدَعْ غير ما تهوى فإنَّك مفلحٌ … وخذْ بالذي تهوى فإنَّك راشد
وإنك معروف بكلِّ فضيلة ٍ … وهلْ يجحد الشمس المضيئة جاحد
فيا لك في الأَمجاد من متفضلٍ … له طارف في الأمجدين وتالد
بلغنا بك الآمال وهي بعيدة … وتمّت لنا فيما نروم المقاصد
فكلُّك يا فخر الكرام مكارمٌ … وكلُّك يا مال العفاة فوائد
شكرتك شكر الروض باكره الحيا … يد المزن تمريها البروق الرواعد
وهاأنا حتى ينقضي العمر شاكر … لنعماك ما بين البرية حامد
فلا زلت مقصوداً لكلَّ مؤمِّل … ولا برحتْ تتلى عليك القصائد