شما سنا البارق المنهل فالتمحا … أي السرى أم أم أي البلاد نحا
واستخبرا نفحات الريح هل سبكت … درا من التبر أو شابت دجى بضحى
أم استهامت هوادي الليل فاقتبست … أم هل تضلل حادي المزن فاقتدحا
سار كأن اضطرام الشوق أقلقه … فليس يرقأ منه مدمع سفحا
ومستهل حيا أحيا الورى غدقا … بل طائر بتباشير المنى سنحا
سنا تألق في دار يبشرنا … دنوه بتلقي شاحط نزحا
هي السوانح للمنصور قد نطقت … بقربه وخفاء الفأل قد برحا
لعل قادم بشراه يخبرنا … عن هاجس بأماني النفس قد نجحا
برق تهلل في المزن الهتون كأن … من وجهه ضاء أو عن كفه سمحا
والريح تسحب ذيل القطر في أرج … وحف كأن بريا ذكره نفحا
إن الملا بجنود الأرض قد بجحت … والجو من رهج الفرسان قد طفحا
بكل معتنق الأقران في كرب … لو زلزلت قنن الأطواد ما برحا
شرى من الله نفسا حزت طاعتها … فأحرز الدين والدنيا بما ربحا
كأنه في مجال الخيل ليث شرى … وعند مزدحم الفرسان قطب رحى
يكاد يشتف نفس القرن من طرب … إذا المهند غناه بما اقترحا
وسابح الشأو ما أقحمت هاديه … بحر المهالك إلا غاض أو سبحا
طرف تقود عنان الطرف غرته … إذا تعالى مجدا أو ونى مرحا
وأزرق يتلظى فوق عامله … شهاب قذف إلى العيوق قد طمحا
ومرهف يتثنى شاربا ثملا … من طول ما اغتبق الأرواح واصطبحا
هاتيك أجنحة الرايات خافقة … إلى المبارك من جو العلا جنحا
وقلب الملك في الآفاق منتظرا … طرفا إلى الغرة العلياء ملتمحا
والأرض قد لبست أثواب زهرتها … وقلد الروض من أزهاره وشحا
والأيك يهفو بأنفاس الصبا سحرا … قد هب مستنطقا أوتاره الفصحا
يا من إليه استطار الشوق أنفسنا … نأيا وآب فطارت نحوه فرحا
مليت حاجبك الأعلى ودمت له … وقمت بالشكر فيه للذي منحا
نجم أنافت على الدنيا رياسته … ومعلم للهدى والدين قد وضحا
سللته لحمى الإسلام منتقما … ممن عتا في سبيل الله أو جمحا
متوجا بسناء الملك مشتملا … بالحزم ملتحفا بالبأس متشحا
مستنصر الله في الأعداء منتصرا … له ومستفتحا بالله مفتتحا
ملاذنا من صروف الدهر إن طرقت … دهما ومفزعنا في الخطب إن فدحا
الشعر أجدر أن يلقاه معترفا … بالعجز عما يناوي منه ممتدحا
والصحف تنفد والأقلام عاجزة … عن خط ما اجتث من أعدائه ومحا
فعش ودم وابق واملك واقتبل نعما … واحلل منيعا من المكروه منتزحا
وقر عينا بسبطي حمير حقبا … مستوفيا فيهما آمالك الفسحا