سطا بحسام مقلته وصالا … كأنّي جئت أسأله الوصالا
وجار على المتيَّم في جفاه … وأجرى أدْمُعَ الصبّ انهمالا
ومهما ازددت بين يديه ذلاً … يَزد عزّاً ويتبعه دلالا
حكى البدرَ التمام له مُحَيَّاً … وشابه قدُّه الغصن اعتدالا
وأذَّن حسنه للوجد فيه … فشاهدنا بوجنته بلالا
بقلبي نار خدٍّ قد تلظَّتْ … فتورث في جوانحي اشتعالا
وفي جسمي سقام عيون خشف … عدت منها لي الداء العضالا
وما أنسى بذات الرمث عهداً … مضى لكن حسبناه خيالا
زماناً لم نحاذر فيه واشٍ … ولم نسمع لعذال مقالا
وكم قد زارني رشأ غرير … فأرشفني على ظمأٍ زلالا
وعهدي ليله أبداً قصير … فلما سار من أهواه طالا
وأنى يرتجي اللاحي سلُوّي … وقد ذابت حشاشتي انسلالا
أيهدي عن الشواق لاحٍ … وما قد زادني إلاّ ضلالا
فلا تسألْ وقيت الشرَّ دمعاً … إذا ما لاح برق الحيف سالا
أحَلَّتْ سربُ ذاك الربع قتلي … ولا يحوي ـ لبذل المال ـ مالا
ولو أبصَرتَ إذ رحلوا فؤادي … رأيت الصبر يتبّع الجمالا
ألا لله ما فعلت بقلبي … جفون لم تخل إلاّ نصالا
وربٍّ قد كسا الأحباب حسناً … كساني من صبابتها انتحالا
وإنّي في الغرام وفي التصابي … كمثل محمَّدٍ حزت الكمالا
فتى ً في العلم والإكرام بحرٌ … وكان وروده عذباً زلالا
له عزم حكى الشم الرواسي … وخُلقٌ قد حكى الريح الشمالا
أحبّ الناس في الدنيا لديه … فتى ً أبدى لنائله السؤالا
ويهوى المكرمات بكل آنٍ … ولن نلقى به عنها ملالا
وكان نداه للعافين وصلاً … وكان على أعاديه وبالا
كساه الله تاجاً من فخار … وألبسه المهابة والجلالا
فلو زالت جبال الله عنها … لكان وقاره فيها جبالا
نديّ الكفّ راحته غمام … فلو لمس الحصى فيها لسالا
وما بخلت له أبداً يمينٌ … بباعٍ من عزائمه لنالا
ويؤذن بشره بسحاب جود … وكانّ تبسم الكرماء خالا
لقد نلنا به صعب الأماني … فلم نعرف بساحته المحالا
وحبر العلم بل بحر غزير … أجلّ الناس في الدنيا نوالا
بدا منه محيّا ثم نور … فأمسى في ذوي الآمال فالا
ومدّ يمينه في البسط يوماً … فأغمرنا عطاءاً واتصالا
حباه الله في حسن السجايا … وتلك عطية الباري تعالى
خلال كالصوارم مرهفات … أجادتها محاسنه الصقالا
فإن قلتا لدى الدنيا جميل … عنينا حسن خلقك والخصالا
أتحصي المادحون له كمالاً … ومن ذا عدّ في الأرض الرمالا
وما غالت بك المُدّاح حَمْداً … إذا ما فيك أطنبَ ثمّ غالى
أعود ببأسه من كل خطب … فقد أضحى على الدنيا عقالا
وعزم يقهر الأعداء قهراً … وإنْ لم تلتق منه قتالا
فلو طاولَنه السمر العوالي … على نيل المرام إذن لطالا
وقد كمل العلوم وكل فخر … وقد زان المفاخر والكمالا
وما هو غير بدر في المعالي … فلا عجب إذا نال الكمالا
فلو شاهدت في التقرير منه … بياناً خلته السحر الحلالا
يهدي الله فيه الخلق رشداً … وفيه يكشف الله الضلالا
ولم يترك لأهل الفخر فخراً … ولم يترك لذي قول مقالا
فما خابت ظنون أخي مرام … أصارك في مطالبه مآلا
فخذها سيّدي منها قصيداً … وصيّر لي رضاك بها نوالا