دعاها تشم آثار نجد ففي نجد … هوى هاج منها ذكره كامن الوجد
ولا تصرفاها عن ورود جمامه … فكم شرقت بالريق في مورد الجهد
يذيب ثراها الشوق لولا مدامع … تحل عراها في المحاجر والخد
وتصبو إلى عهد هنالك سالف … فتبدي من الشوق المبرح ما تبدي
حملن نشاوى من سلاف صبابة … تميل بهم ميل المنعمة الملد
إذا هب هفاف النسيم تساقطوا … فكف إلى قلب وأخرى على خد
نشدتكما بالله هل تبصرانها … معالم محتها الغمائم من بعدي
عفت غير سفع كالحمام جواثم … وغير جدار مثل حاشية البرد
وموقد نار يستطير رماده … ونؤي كما دار السوار على الزند
وغير ظباء في رباها كوانس … تفيأن في أفيائها دوحة الزند
قفوا نشتكي ما نلاقي من الهوى … وننح على يوم الرحيل ونستعدي
ونهد إلى الأجفان إثمد تربها … فما اكتحلت من بعده بسوى السهد
سنسأل عن سكانها نفس الصبا … لعل نسيم الريح يخبر عن هند
إذ العيش غض والشبيبة وارف … جناها وشمل الحي منتظم العقد
مفارق ما راع البياض سوادها … وأفئدة لم تدر ما ألم الصد
ووصل كأنا منه في سنة الكرى … وعيش كأنا منه في جنة الخلد
مرابع ألا في وعهد أحبتي … سقى الله ذاك العهد منسكب العهد
وجاد به من جود يوسف ساجم … ملث همول دون برق ولا رعد
وإن أحق الغيث أن يحيي الربا … ويروي غمام صاب من منشىء المجد
إمام هدى من آل سعد نجاره … ونصر الهدى ميراثه لبني سعد
مآثره تلتاح في صحف العلا … وآثاره تستن في سنن الرشد
إذا هم أمضى الله في الأرض حكمه … وما لقضاء الله في الأرض من رد
أقول لركب ينتحي طرق السرى … ويخبط في جنح من الليل مزبد
تهادا مطاياه التهائم والربى … ويرمي به غور الفلاة إلى نجد
وقد أخلف الغيث السكوب ديارها … وأفضى بها هزل السنين إلى جد
ولم يبق منها الأزل غير حشاشة … تنازعها اللاواء في العظم والجلد
أريحوا فقد يممتم حضرة الندى … وأوردتم في مورد الرفق والرفد
بحيث بلوغ القصد ليس بنازح … لراج ولا باب الرجاء بمنسد
ولذتم من الدهر الظلوم بناصر … يرد شباة الدهر مفلولة الحد
به جمع الله القلوب على الهدى … وأذهب ما تخفي الصدور من الحقد
وأحيى رسوم الفضل وهي دوارس … وأطلع من نور الهداية لمن يهدي
فما روضة بالغور عاهدها الحيا … وحلت حبا الأنواء في ذلك العقد
وحجبها عن ناظري الشمس فانثنت … تستر في ظل من الغيم ممتد
وبث نسيم الروض فيها تحية … قريبة عهد باجتياز على الهند
وفض فتيت المسك في جنباتها … فأرعف آناف الشقائق والورد
بأعطر عرفا من أريج ثنائه … إذا نشرت آثاره صحف الحمد
أناصر دين الله وابن نصيره … على حين لا يغني نصير ولا يجدي
طلعت على الدنيا بأيمن غرة … أضاء بها نور السعادة في المهد
وكم رصدت منا العيون طلوعها … فحقق نصر الله في ذلك الرصد
ولما عرت هذه الجزيرة روعة … وأصبح فيها الرعب ملتهب الوقد
وأوجف خوف الكفر شم هضابها … تداركت منها كل واه ومنهد
هززت إلى إعزازها كل ذابل … وقدت إلى إصراخها كل ذي لبد
وشمت سيوف الحق والله ناصر … وجهزت قبل الجيش جيشا من السعد
وقلت لنفس العزم هبي وشمري … وهذا أوان الشد في الله فاشتدي
ولو لم تقد جيشا كفتك مهابة … من الله تغني عن نصير وعن جند
ولكن جنبت الجرد قبا بطونها … فأقبلن أسرابا كمثل القطا تردي
وما راع ملك الروم إلا طلوعها … بوارق تدعى بالمطهمة الجرد
وغابا من الخطي تحت ظلاله … أسود من الأنصار تفتك بالأسد
فلما استفز الذعر منك فؤاده … وحقق معنى الفضل في ذلك الحد
وما برحت والله ناصر دينه … قضاياه في عكس لديك وفي طرد
رمى بيد الإذعان للسلم رهبة … وخاطب يستدعي رضاك ويستجدي
فرحمى لحيى لم تجره فإنه … فريد وإن أضحى من القوم في عد
وأصرخ نصر الله دعوة صارخ … طويت له تحت الدجى شقة البعد
وبشرى لأرض قد سلكت بأهلها … من السنن الأرضي على واضح القصد
جمعت بها الأهواء بعد افتراقها … فأصبح فيها الضد يأنس بالضد
ويهنيك هذا العيد أسعد وافد … أتاك مع النصر العزيز على وعد
طوى البعد عن شوق وحط ركابه … ببابك باب الجود في جملة الوفد
فأوليتنا في ظله كل نعمة … هي القطر لا يحصى بحصر ولا عد
وفاضت بهتان الندى منك راحة … هي البحر لا ينفك حينا عن المد
ودونكها من بحر فكري لآلئا … تقلد في نحر وتنظم في عقد
يسير بها ركب النسيم إذا سرت … سراع المطايا في ذميل وفي وخد
تقوم بآفاق البلاد خطيبة … تترجم عن حبي وتخبر عن ودي
كأن العراقيين عند سماعها … وقد غص حفل القوم نحل على شهد
يقولون إن هبت من الحمد نفحة … فليس لهذا الند في الأرض من ند
سقى الله قطرا أطلعتك سماؤه … وبورك في مولى كريم وفي عبد