داعَ دعا بلسانِ هادٍ مرشدِ … فأجابَ عزمٌ هاجدٌ في مرقدِ
نادَى وَقدْ نَشرَ الظَّلامُ سُدولهُ … والنَّومُ يحكمُ في عُيون الرُّقَّدِ
يا ذائدِ الهيمِ الخوامسِ وفها … عشراً وافِ بها حياضَ محمدِ
يمددنَ للشرفِ المنيفِ صوادياً … أعناقهنَ إلى حياضِ السؤددِ
وتَنبَّهتْ فِكرٌ فَبتنَ هَواجِساً … في قلبِ ذي سمرِ بها متهجدِ
لما رأيتكَ يا محمدُ تصطفي … صفوَ المحامدِ منْ ثناءِ المجتدي
سيرتُ فيكَ مدائحي فتركتها … غرراً تروحُ بها الرواة ُ وتغتدي
مالي إذا ما رضتُ فيكَ غربية ً … جاءَتْ مَجيءَ نَجيبة ٍ في مَقوَدِ
ما ذاكَ إلاَّ أنَّ زندكَ لمْ يكنْ … في كفِّ قادحهِ بزندٍ مصلدِ
صدَّقْتَ مَدحي فيكَ حينَ رَعيتَني … لِتحرُّمي بالسَّيّدِ المُتَشَهدِ
ولجأْتُ مِنكَ إلى ابنِ مَلكٍ أَنبأَتْ … عنهُ خلائقهُ بطيب المحتدِ
ملكٌ يجودُ ولا يُؤامرُ آمِراً … فيهِ ويَحكمُ في جَداه المُجْتَدِي
ويقولُ والشرفُ المنيفُ يحفهُ … لا خيرَ في شرفٍ إذا لم أحمدِ
وأكون عندَ ظنونِ طلابِ الندى … وأذُبُّ عن شَرفي بما مَلكتْ يدِي
يأبى لعرضي أنْ يكونَ مشعثاً … جودٌ وقاهُ بطارفٍ وبمتلدِ
ولراحتيهِ دِيمتانِ : قَديمة ٌ … لي بالودادِ وديمة ٌ بالعسجدِ
كمْ منْ ضريكٍ قد بسطتَ يمينهُ … بَعدَ التَّحيُّنِ في ثَراءٍ سَرمدِ
ولربَّ حَربٍ حائلٍ لقَّحتهَا … ونَتجتَها مِنْ قَبلِ حينِ المَولدِ
فإذا بَعثتَ لِناكثينَ عزيمة ً … عصفتْ رؤوسق منْ سيوفٍ ركدِ
إِنَّ الخلافة َ لوجَزتكَ بموقفٍ … جعلتْ مثالكَ قبلة ً للمسجدِ
وَسعتْ إليك جُنودها حتَّى إذا … وافتكَ خَرَّ لديكَ كلُّ مُقَلَّدِ
واللهُ يشكرُ والخليفة ُ موقفاً … لكَ شَائعاً بالبذ صَعْبَ المَشْهَد
في مأزقٍ ضنكِ المكرِّ مغصصٍ … أزَزِ المجَالِ مِنَ القَنا المُتقصدِ
نازلتَ فيهِ مفنداً في دينهِ … لا بأسهِ فرآكَ غيرَ مفندِ
فَعلوْتَ هامَتَهُ فطَارَ فراشُها … بشهابِ موتِ في اليدينِ مجردِ
يافارِسَ الإسْلامِ أنتً حَميْتَه … وكفَيتَهُ كلَبَ العَدو المعتدِي
ونصرْتهُ بكتائِب صَيَّرتَها … نصباً لعوراتِ العدوِّ بمرصدِ
أصبحتَ مفتاحَ الثغورِ وقفلها … وسداد ثلمتها التي لم تسدد
أدركت فيه دم الشَّهيد وثاره … وفلجتَ فيه بشكر كلِّ موحدِ
ضحكتْ لهُ أكبادُ مكة َ ضحكها … في يومِ بدرٍ والعتاة ِ الشهدِ
أحيَيْت للإسلامِ نَجدة َ خالِدٍ … وفَسَحْتَ فيهِ لِمُتْهمٍ ولمُنْجدِ
لوْ أنَّ هرثمة َ بنَ أعينَ في الورى … حَيٌّ وعايَنَ فضْلَهُ لم يَجْحَدِ
أو شَاهدَ الحَرْبَ المُمِرَّ مذَاقُهَا … لرآهُ أقمعَ للعتاة ِ العندِ
وأجرَّ للخَيلِ المُغيرة ِ في السُّرى … وأَذبَّ مِنهُ باللسَانِ وباليد
أما الجيادُ فقدْ جرت فسبقتها … وشربتَ صفو زلالها في الموردِ
غادرتَ طلحة َ في الغبارِ وحاتماً … وأبانَ حسرى عنْ مداكَ الأبعدِ
وطلعتَ في درج العلى حتى إذا … جئتَ النجومَ نزلتَ فوقَ الفرقدِ
فانعمْ فكنيتكَ التي كنيتها … فَأُلٌ جرَى لكَ بالسَّعادة ِ فاسْعدِ
ولقدْ وفدتَ إلى الخليفة ِ وفدة ً … كانت على قدرٍ بعد الأسْعُدِ
زرتَ الخليفة َ زورة ً ميمونة ً … مذكورَة ً قطَعتْ رَجاءَ الحُسَّدِ
يتنفسونَ فتنثني لهواتهمْ … من جمرة ِ الحسدِ التي لم تبردِ
نفسُوكَ فالتَمسوا نَداكَ فحاولوا … جَبلاً يَزِلُّ صفيحُهُ بالمَصعَدِ
دَرسَتْ صفائحُ كيدهم فكأنَّما … أذكرنَ أطلالاً برقة ثمهدِ