خَفَّ القطينُ، فراحوا منكَ، أوْ بَكَروا … وأزعجتهم نوى في صرفْها غيرُ
كأنّني شارِبٌ، يوْمَ اسْتُبِدَّ بهمْ … من قرقفٍ ضمنتها حمصُ أو جدرُ
جادَتْ بها مِنْ ذواتِ القارِ مُتْرَعة ٌ … كلْفاءُ، يَنْحتُّ عنْ خُرْطومِها المَدرُ
لَذٌّ أصابَتْ حُميّاها مقاتِلَهُ … فلم تكدْ تنجلي عنْ قلبهِ الخُمرُ
كأنّني ذاكَ، أوْ ذو لَوْعة ٍ خَبَلَتْ … أوْصالَهُ، أوْ أصابَتْ قَلْبَهُ النُّشَرُ
شَوْقاً إليهِمْ، وَوجداً يوْمَ أُتْبِعُهُمْ … طرْفي، ومنهم بجنبيْ كوكبٍ زُمرُ
حثّوا المطيّ، فولتنا مناكبِها … وفي الخدورِ إذا باغمتَها الصوَرُ
يبرقنَ بالقومِ حتى يختبِلنهُمْ … ورأيهُنَّ ضعيفٌ، حينَ يختبرُ
يا قاتلَ اللهُ وصلَ الغانياتِ، إذا … أيقنَّ أنكَ ممنْ قدْ زها الكبرُ
أعرضنَ، لما حنى قوسي مُوترها … وابْيَضَّ، بعدَ سَوادِ اللِّمّة ِ، الشّعَرُ
ما يَرْعوينَ إلى داعٍ لحاجتِهِ … ولا لهُنَّ، إلى ذي شَيْبَة ٍ، وَطَرُ
شرقنَ إذْ عصرَ العِيدانُ بارحُها … وأيْبسَتْ، غَيرَ مجْرَى السِّنّة ِ، الخُضَرُ
فالعينُ عانية ٌ بالماء تسفحهُ … مِنْ نِيّة ٍ، في تلاقي أهْلِها، ضَرَرُ
منقضبينَ انقضابَ الحبلِن يتبعهُم … مِنَ الشّقيقِ، وعينُ المَقْسَمِ الوَطَرُ
ولا الضِّبابَ إذا اخْضَرَّتْ عُيونُهُمُ … أرْضاً تَحُلُّ بها شَيْبانُ أوْ غُبَرُ
حتى إذا هُنَّ ورَّكْنَ القَضيمَ، وقَدْ … أشرقنَ، أو قلنَ هذا الخندقُ الحفرُ
إلى امرئٍ لا تعدّينا نوافلهُ … أظفرهُ اللهُ، فليهنا لهُ الظفرُ
ألخائضِ الغَمْرَ، والمَيْمونِ طائِرُهُ … خَليفَة ِ اللَّهِ يُسْتَسْقى بهِ المطَرُ
والهمُّ بعدَ نجي النفسِ يبعثه … بالحزْمِ، والأصمعانِ القَلْبُ والحذرُ
والمستمرُّ بهِ أمرُ الجميعِ، فما … يغترهُ بعدَ توكيدٍ لهُ، غررُ
وما الفراتُ إذا جاشتْ حوالبهُ … في حافتيهِ وفي أوساطهِ العشرُ
وذَعْذعَتْهُ رياحُ الصَّيْفِ، واضطرَبتْ … فوقَ الجآجئ من آذيهِ غدرُ
مسحنفرٌ من جبال الروم يسترهُ … مِنْها أكافيفُ فيها، دونَهُ، زَوَرُ
يوماً، بأجْودَ مِنْهُ، حينَ تَسْألُهُ … ولا بأجهرَ منهُ، حين يجتهرُ
ولمْ يزَلْ بكَ واشيهِمْ ومَكْرُهُمُ … حتى أشاطوا بغَيْبٍ لحمَ مَنْ يَسَرُوا
فلَمْ يَكُنْ طاوِياً عنّا نصِيحَتَهُ … وفي يدَيْه بدُنْيا دونَنا حَصَرُ
فهو فداءُ أميرِ المؤمنينَ، إذا … أبدى النواجذَ يومٌ باسلٌ ذكرُ
مفترشٌ كافتراشِ الليث كلكلهُ … لوقعة ٍ كائنٍ فيها لهُ جزرُ
مُقَدِّماً مائتيْ ألْفٍ لمنزِلِهِ … ما إن رأى مثلهمْ جنّ ولا بشرُ
يَغْشَى القَناطِرَ يَبْنيها ويَهْدِمُها … مُسَوَّمٌ، فَوْقَه الرَّاياتُ والقَتَرُ
قَوْمٌ أنابَتْ إليهِمْ كلُّ مُخْزِية ٍ … وبالثوية ِ لم ينبضْ بها وترُ
وتَسْتَبينُ لأقوامٍ ضَلالَتُهُمْ … ويستقيمُ الذي في خدهِ صعرُ
ثم استقلَّ باثقال العراقِ، وقدْ … كانتْ لهُ نقمة ٌ فيهم ومدخرُ
في نَبْعَة ٍ مِنْ قُرَيشٍ، يَعْصِبون بها … ما إنْ يوازَى بأعْلى نَبْتِها الشّجَرُ
تعلو الهضابِ، وحلّوا في أرومتها … أهْلُ الرّياء وأهْلُ الفخْرِ، إنْ فَخَروا
حُشْدٌ على الحَقّ، عيّافو الخنى أُنُفٌ … إذا ألمّتْ بهِمْ مَكْروهَة ٌ، صبروا
وإن تدجتْ على الآفاقِ مظلمة ٌ … كانَ لهُمْ مَخْرَجٌ مِنْها ومُعْتَصَرُ
أعطاهُمُ الله جداً ينصرونَ بهِ … لا جَدَّ إلاَّ صَغيرٌ، بَعْدُ، مُحْتقَرُ
لمْ يأشَروا فيهِ، إذْ كانوا مَوالِيَهُ … ولوْ يكونُ لقومٍ غيرهمْ، أشروا
شمسُ العداوة ِ، حتى يستقادَ لهم … وأعظمُ الناس أحلاماًن إذا قدروا
لا يستقلُّ ذوو الأضغانِ حربهمُ … ولا يبينُ في عيدانهمْ خورُ
هُمُ الذينَ يُبارونَ الرّياحَ، إذا … قَلَّ الطّعامُ على العافينَ أوْ قَتَروا
بني أميّة َ، نُعْماكُمْ مُجَلِّلَة ٌ … تَمّتْ فلا مِنّة ٌ فيها ولا كَدَرُ
بني أُميّة َ، قدْ ناضَلْتُ دونَكُمُ … أبناءَ قومٍ، همُ آووا وهُمْ نصروا
أفحمتُ عنكُم بني النجار قد علمت … عُلْيا مَعَدّ، وكانوا طالما هَدَرُوا
حتى استكانوا: وهُم مني على مضضٍ … والقولُ ينفذُ ما لا تنفذُ الإبرُ
بَني أُميّة َ، إنّي ناصِحٌ لَكُمُ … فَلا يَبيتَنَّ فيكُمْ آمِناً زُفَرُ
وأَتْخِذوهُ عَدُوّاً، إنَّ شاهِدَهُ … وما تغيبَ من أخلاقهِ دَعرُ
إن الضغينة َ تلقاها، وإن قدُمتْ … كالعَرّ، يَكْمُنُ حِيناً، ثمّ يَنْتشِرُ
وقَدْ نُصِرْتَ أميرَ المؤمنين بِنا … لمّا أتاكَ ببَطْنِ الغُوطَة ِ الخَبَرُ
يعرفونكَ رأس ابن الحُبابِ، وقدْ … أضحى ، وللسيفِ في خيشومهِ أثرُ
لا يَسْمَعُ الصَّوْتَ مُسْتَكّاً مسامِعُهُ … وليسَ ينطقُ، حتى ينطقَ الحجرُ
أمْسَتْ إلى جانبِ الحَشاكِ جيفَتُهُ … ورأسهُ دونهُ اليحمومُ والصُّوَرُ
يسألُهُ الصُّبْرُ مِن غسّان، إذ حضروا … والحزنُ كيف قراكَ الغلمة ُ الجشرُ
والحارثَ بن أبي عوفٍ لعبنَ بهِ … حتى تعاورَهُ العقبانُ والسبرُ
وقيس عيلان، حتى أقبلوا رقصاً … فبايعوكَ جهاراً بعدما كفروا
فلا هدى اللَّهُ قَيساً مِن ضَلالتِهِمْ … ولا لعاً لبني ذكوانَ إذا عثروا
ضجّوا من الحرب إذا عضَّت غوارَبهمْ … وقيسُ عيلان من أخلاقها الضجرُ
كانوا ذَوي إمة ٍ حتى إذا علقتْ … بهمْ حبائلُ للشيطانِ وابتهروا
صُكّوا على شارِفٍ، صَعْبٍ مَراكبُها … حَصَّاءَ لَيْسَ لها هُلْبٌ ولا وبَرُ
ولمْ يَزَلْ بِسُلَيْمٍ أمْرُ جاهِلِها … حتى تعايا بها الإيرادُ والصدرُ
إذْ يَنظُرون، وهُمْ يجْنون حَنْظَلَهُمْ … إلى الزوابي فقلنا بعدَ ما نظروا
كروا إلى حرتيهم يعمُرونَهُما … كما تكرُّ إلى أوطانها البقر
وأصْبحَتْ مِنهُمُ سِنْجارُ خالِيَة ً … والمحلبياتُ فالخابورُ فالسرَرُ
وما يُلاقونَ فَرَّاصاً إلى نَسَبٍ … حتى يُلاقيَ جَدْيَ الفَرْقَدِ القَمَرُ
وما سعى فيهم ساعٍ ليدرِكنا … إلا تقاصرَ عنا وهوَ منبهرُ
وقد أصابتْ كلاباً، من عداوتنا … إحدى الدَّواهي التي تُخْشى وتُنْتَظَرُ
وقد تفاقمَ أمرٌ غير ملتئمٍ … ما بَيْنَنا رَحِمٌ فيهِ ولا عِذَرُ
أما كليبُ بن يربوعِ فليسَ لهمْ … عِنْدَ التّفارُطِ إيرادٌ ولا صدَرُ
مخلفونَ، ويقضي الناسُ أمرهمُ … وهُمْ بغَيْبٍ وفي عَمْياءَ ما شَعروا
مُلَطَّمونَ بأعْقارِ الحِياضِ، فما … ينفكّ من دارمي فيهم أثرُ
بئس الصحاة ُ وبئس الشربُ شربهُمُ … إذا جرى فيهمِ المزاءُ والسكرُ
قوم تناهت اليهم كل فاحشة … وكل مخزية سبت بها مضر
على العِياراتِ هَدّاجونَ، قدْ بلَغَتْ … نَجْرانَ أوْ حُدّثتْ سوءاتِهم هَجَرُ
الآكلون خبيثَ الزادِ، وحدهُمُ … والسائلون بظهرِ الغيبِ ما الخبرُ
واذكرْ غدانة ً عداناً مزنمة ً … مِن الحَبَلَّقِ تُبْنى حوْلها الصِّيَرُ
تُمْذي، إذا سَخَنَتْ في قُبلِ أذْرُعِها … وتزرئِمُّ إذا ما بلها المطرُ
وما غُدانَة ُ في شيء مكانَهُمُ … الحابسو الشاءَ، حتى يفضلَ السؤرُ
يتصلونَ بيربوعِ ورفدهمُ … عِنْدَ التّرافُدِ، مغْمورٌ ومُحْتَقَرُ
صُفْرُ اللِّحى مِن وَقودِ الأدخِنات، إذا … ردّ الرفادَ وكفَّ الحالبِ القررُ
وأقسمَ المجدُ حقاً لا يحالفهمْ … حتى يحالفَ بطنَ الراحة ِ الشعرُ