خَفَفتُ إِلى أَوجِ العُلى بِمَقاصِدي … فَأَرجعني صفرَ اليَدَينِ حَواسِدي
وَكم في رُبى لُبنان من ذي مكيدَةٍ … وَما رائِدُ الحُسّادِ غَير المَكائِدِ
يَقولونَ عَنّي عِندَ أَوَّلِ نَظرَةٍ … هُوَ الحُزنُ في جِسمٍ من السَقمِ وارِدِ
أُصيبَ بِمَسٍّ من جُنونِ مزاولٍ … يُرارىءُ بِالعَينَينِ نَحو الفَراقِد
كَأَنَّ العُلى في مَضرَبِ النَجمِ رابِضٌ … يُخال إِلَيهِ هابِطاً بِقَلائِد
فَيَنظُمُ فيهِ لِلوُجودِ قَصائِداً … أَلسنا نَراهُ ذائِباً في القَصائِد
أَجل إِنَّني لِلمَجدِ أَسعى وَمَوطِني … يقصِّرُ عَن إِدراكِ مَجدِيَ ساعِدي
وَفيهِ رجال كَالأَساوِدِ شيمَةً … وَماذا أُرَجّي من سُمومِ الأَساودِ
رَأَتني خَريدٌ عِندَها من جَمالِها … طَلائِعُ لَيسَت في الحسانِ الخَرائِد
منهَّدةُ الثديينِ باسِمَةُ اللمى … وَلَيسَت عَلى ضُعفِ الثَديّ النواهِدِ
فَقالَت لِماذا لا نَرى لكَ بَسمَةً … تعوّدك الدنيا عَلى ذي العَوائِد
كَأَنَّك مولود لتلبثَ شارداً … وَما راقَتِ الأَكوانُ يَوماً لشارِدِ
فَقُلتُ لَها لا أَعرِفُ الخُبثَ وَالريا … لِأَسلُكَ مع رَهطٍ بِلُبنان فاسِدِ
وُلدتُ وَفي صَدري مَزيجٌ مِن العُلى … وَما رائِدي إِلّا كَرائِدِ والِدي
إِلى مِصرَ رَحلي يا اِبنَةَ الجار إِنَّني … سَأَترُكُ أَهلي في الحِمى غير واجِدِ
فَفي أَبطَحِ الأَهرامِ يبسمُ لي غدٌ … وَإِنَّ هنا يَومي يجورُ عَلى غَدي
لَقَد حانَ بُعدي عَن بِلادٍ خبرتها … وَكم راقَ عيشٌ لَلفَتى المُتَباعِدِ
فَيا حَبَّذا تِلكَ الكَنانَةُ مورداً … تحدَّر فيها النَيلُ عَذبَ المَوارِدِ
هناكَ أَبو الخَيراتِ فيهِ فَوائِدٌ … تفيضُ عَلى مَن جاءَهُ لِلفَوائِد
وَليسَ يَضيعُ السعيُ فيهِ لجاهِدٍ … وَكَم ضاعَ في لُبنانَ سعيٌ لجاهِد
غدا وَطنُ الأَحرارِ سلعَةَ تاجِرٍ … تُباعُ وَتُشرى خلسَةً في المَعابِدِ
وَلِلحُرِّ آمالٌ يَراها مشاهداً … تريه بِأُمِّ العَينِ أَنكى المَشاهِدِ
هو الحَرُّ في لُبنانَ أَصبَحَ جانِباً … يَجور عَلَيهِ ظُلمُ تِلكَ العَقائِد
تَبدُ مبادي الكُلِّ مع كُل بائِدٍ … وَلكِنَّ مبدا الحرّ لَيسَ بِبائدِ
زهدتُ بِلادي فَاِترُكي لي لبانَةً … أَمُدُّ إِلَيها في شُسوعِ المَدى يَدي
لَعَلَّ بِلادي إِن رَأَتنِيَ نائِياً … تَحِنُّ إِلى مَرأى الهَوى في نَشائِدي