خَتَمتَ بِالصَمتِ آياتٍ وَعرفانا … لَمّا نَزَلتَ جوارَ اللَهِ سُبحانا
آثَرتَ جيرَةَ إِبراهيمَ فَاِفَتَخَرَت … بِأَن تَكونَ لَكَ الأَفلاكُ جيرانا
مَضيتَ حيثُ المعرّي قبَل ذاكَ مَضى … وَالبُحتُرِيُّ وَأَعشى وَاِبنُ سِفيانا
فَأَقبَلَت لِلقاكَ العربُ قاطِبَةً … مُهَلِّلاتٍ زَرافاتٍ وَوِحدانا
وَخَفَّ هومير بِالإِلياذِ محرقها … أَمامَ عَينَيكَ بخوراً وَقُربانا
فَصافَحَتك أَينا وَهيَ باسِمَةٌ … حُبّاً وَعانَقَتِ اليونانُ لبنانا
يا اِبنَ الأُلى رَفَعوا لِلضّادِ منزِلَةً … وَشَيَّدوا لِجَلالِ العلمِ بنيانا
ناداكَ مجدُك وَالأَجيالُ مصغيةٌ … تَرمي إِلَيكَ أَزاهيراً وَريحانا
نِلتَ الإِمارَةَ في الدارَين عَن ثِقَةٍ … فَكُنتَ فَخراً لِمَوتانا وَأَحيانا
كُنتَ الأَميرَ عَلى جَنّاتِها فَغَدَت … لَكَ الإِمارَة في جَنّاتِ رِضوانا
جَلست عَهداً عَلى عرشِ الجَمالِ فَطر … وَاِجلِس عَلى سِدَّةِ الأَنوارِ أَزمانا
تَرَكتَ يا نسرُ إيوانَ الفَناءِ وَقد … حَلَّقتَ كَي تَنتَحي لِلخُلدِ إيوانا
ما زالَ طَيفَُ وَالأَبصارُ مضجعُهُ … يرودُ حَولَ قصورِ العِلمِ يَقظانا
وَالعُربُ تَجمَعُ من أَنفاسِهِ نَسماً … وَتَستَعيدُ بِها لِلفَضلِ ما كانا
يا واضِعاً نَفسَه في تُربِ بَلدَتِهِ … رِفقاً وَضع نَفسَهُ في قَلبِ غَسّانا
عِظامُهُ كَنزُ غَسّانٍ وَمَفخرةٌ … إِذا هَزَزتَ بلاها عاد مرجانا
فَرجيل قَبَّل عَينَيه وَجَبهَتَه … وَقامَ يَلثَمه موسى بن عمرانا
وَأَنشَدَتهُ بناتُ الشعرِ أُغنِيَةً … وَوَقَّعَتها عَلى القيثارِ أَلحانا
وَجاءَ دانَتي وَهوغو يَسجدانِ لَهُ … وَالماجِنُ بنُ نواسٍ جاءَ سَكرانا
وَالفارِضُ الزاهِد الصوفِيُّ خَفَّ إِلى … تَقبيلِهِ وَأَتاهُ المَجدُ ظَمآنا
ومَن لِلجِهادِ وَلِلأََقلامِ في وَطَني … بَعد الفَقيدِ فَقيدِ العلمِ سلمانا
من لِلسِياساتِ تَأتيهِ فَيصدقها … وَيستعيدُ بِها مَجداً وَسُلطانا
هَل الفَقيدُ سِوى ركنٍ نعزُّ بهِ … هَوى فَأَسقَطَ لِلآدابِ أَركانا
لا العَينُ تَنفَعُ في منعاه إِن دَمَعت … وَلا النواحُ يُعيدُ اليُبسَ رَيّانا
عَرائِس الشِعر في برناس باكِيَةٌ … تضمُّ مِن حُزنِها صَخراً وَصُوّانا
كَأَنَّ أَرجاءَه بَعد الأُلى ذَهَبوا … أَمسَت عَلَيهِم دياجيراً وَأَكفانا