خلعتُ في حبَّ غزلانِ الحمى رسني … وَبِعْتُ بِالسُّهْدِ فِي لَيْلِ الْهَوَى وَسَنِي
وَ أعجبتني على ذمَّ العذولِ لها … صَبَابَة ٌ نَقَلَتْ سِرِّي إِلَى الْعَلَنِ
فليبلغِ العذلُ مني ما أرادَ ؛ فقدْ … أسلمتُ للشوقِ روحي وَ الضنى بدني
تِلْكَ الْحَمَائِمُ لَوْ تَدْرِي بِمَا لَقِيَتْ … أهلُ المحبة ِ لمْ تسجعْ على فننِ
يا ربة َ الخدرِ قومي ، فانظري عجباً … إِلَى غَرَائِبَ لَمْ تُقْدَرْ، وَلَمْ تَكُنِ
هَذِي يَدِي، جَسَّهَا الآسِي، وَخَامَرَهُ … يَأْسٌ؛ فَغَادَرَهَا صَرْعَى مِنَ الْوَهَنِ
وَقَالَ: لاَ تَكْتُمَنْ أَمْراً عَلَيَّ، فَقَدْ … عَلِمْتُ مَا بِكَ مِنْ بَادٍ وَمُكْتَمِنِ
فَلَمْ أُجِبْ، غَيْرَ أَنَّ الدَّمْعَ نَمَّ عَلَى … وَجدي ، وَ دلتهُ أنفاسي على شجني
عَطْفاً عَلَيَّ؛ فَلَمْ أَطْلُبْ إِلَيْكِ سِوَى … أنْ أمتعَ العينَ منْ تمثالكِ الحسنِ
ما للعذولِ رأى وجدي ؛ فأحفظهُ … حتى أتاكمْ بقولٍ منْ هنٍ وهنِ ؟
لاَ تَقْبَلِي الْعَذْلَ فِي مِثْلِي، فَكُلُّ فَتًى … حرَّ الشمائلِ محسودَ على الفطنِ
وَ الناسُ أعداءُ أهلِ الفضلِ مذْ خلقوا … مِنْ عَهْدِ آدَمَ، سَبَّاقُونَ فِي الإِحَنِ
فَلاَ صَدِيقَ عَلَى وُدٍّ بِمُتَّفِقٍ … وَ لاَ خليلَ على َ سرًّ بمؤتمنِ
فَلَيْتَ لِي وَدَوَاعِي النَّفْسِ كَاذِبَة ٌ … خِلاًّ يَكُونُ سُرُورَ الْعَيْنِ وَالأُذُنِ
أصفيهِ وُدي ، وأمليهِ الهوى ، وأرى … منهُ الصوابَ ، وَ أرجوهُ على الزمنِ
هيهاتَ ؛ أطلبُ أمراً ليسَ يبلغهُ … حَيٌّ وَلَوْ سَارَ مِنْ هِنْدٍ إِلَى يَمَنِ
مَهْلاً أَخَا الجَهْلِ، لاَ يُغْوِيكَ مَا نَظَرَتْ … عَيْنَاكَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْفِتَنِ
هَذِي الْبَرِيَّة ُ، فَانْظُرْ، إِنْ وَجَدْتَ بِهَا … غَيْرَ الَّذِي قُلْتُ، فَاهْجُرْنِي، وَلاَ تَرَنِي
أَنَا الَّذِي عَرَفَ الأَيَّامَ، وَانْكَشَفَتْ … لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ
طفتُ البلادَ ، وَ جربتُ العبادَ ، فلمْ … أَرْكَنْ لِخِلٍّ، وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ
خُلِقْتُ حُرًّا؛ فَلاَ قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ … عِنْدَ الْمُلُوكِ، وَلاَ عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ
لا عيبَ فيَّ سوى أني عتبتُ على … دَهْرِي؛ فَقَدَّمَ مِنْ دُونِي، وَأَخَّرَنِي
وَ هذهِ شيمة ُ الدنيا ، وَ منْ عجبٍ … أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي
لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ … يفي بقدرِ الذي يمضي منَ الحزنِ
فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً … وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِربَالِكَ الْخَشِنِ
وَلاَ تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ، إِنَّ بِهِ … شَرَّ الْحَيَاة ِ، وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ
وَ لاَ تسلْ أحداً عوناً على أملٍ … حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ
خَيْرُ الْمَعِيشَة ِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَة ً … هَوْناً، وَثَوْبُكَ مَعْصُومٌ مِنَ الدَّرَنِ
وَعَاشِرِ النَّاسَ بِالْحُسْنَى ، فَإِنْ عَرَضَتْ … إساءة ٌ فتغمدها على الظننِ
فالصفحُ عنْ بعض ما يمنى الكريمُ بهِ … فَضْلٌ يَطِيرُ بِهِ شُكْرٌ بِلاَ ثَمَنِ