خذوا حديث غرامي عن ضنا بدني … أغنى لسان الهوى عن دمعي اللسن
إذا استقل محل السر محتملا … عن الضمير فهل يبقى سوى العلن
وخبروني عن قلبي ومالكه … فربما أشكل المعنى على الفطن
من ذا الذي ترهب الأبطال صولته … زيد الفوارس أم سيف بن ذي يزن
وما جفون إذا سلت صوارمها … تجاذبت مهج الأقران من قرن
هذا الذي سلب العشاق نومهم … أما ترى عينه ملأى من الوسن
تفرق الحسن إلا في محاسنه … ويلاه من فتن جمعن في فنن
إذا الصبابة عاطتني مدامتها … فما فؤادي على سر بمؤتمن
أمسى غرامي بذاك القد يوهمني … أن اعتلال الصبا شوق إلى الغصن
أعيا اللوائم سمعي غير لائمة … للشيب مالت إلى عيني عن أذني
حتى إذا ما تناهى العذل عن كلفي … قامت إلي بنات الدهر تعذلني
فما ثنت ناظري عن منظر حسن … حتى أرتني مكاني من أبي الحسن
وكيف يخشى جناني مس حادثة … وقد جعلت صفي الدين من جنني
فتى يجاوز بالآمال غاياتها … حتى ترى في المنى ما ليس في المنن
المشتري الحمد غضا من معادنه … يغضي على الغبن فيه لا على الغبن
يعتد بذل عطاياه لطالبها … من الفروض عليه لا من السنن
حتى كأن خطوط الكف من يده … كتاب وقف على الإحسان والمنن
يولي وينسى الذي أولاه محتقرا … كأن ما كان من نعماء لم يكن
أرى الوفود رباع الجود عامرة … من بعد ما وقفوا منها على دمن
إذا احتبى الحلم في حضن رياسته … رأيت عقد الحبى منه على حضن
معترك الوفد هذا قد قضى عللا … من راحتيه وذا في ساحة العطن
تمده من بني العجلان مأثرة … بمثلها فخرت قيس على اليمن
قوم إذا ناظروا عن سرح جارهم … تكلمت ألسن الخطية اللدن
تجول أسيافهم في قلب من وتروا … مجالها موهنا في أعين البدن
إذا تهادوا بها في البرك آونة … شفوا نحول الظبي من ذلك السمن
إذ لا ترد ذراها عن قوائمها … ولا تحامي عن اللبات باللبن
ترى القوائم تبدي في أكفهم … مباسم الجود بين السيف والسفن
كأنهم عندما جاد الزمان بهم … تخيروك له جودا على الزمن
فلا تعفت سبيل من مكارم … أصبحت من نهجها إلا على سنن
يا ناصح الدولة الإحسان مرتهن … على الثناء وهذا ما على الرهن
والعيد عندي كيوم عاد ذاهبه … وإنما فعله من فعلك الحسن
فاحرز به حبرات الحمد مطرحا … ما يصنع القوم في صنعاء أو عدن
من اللواتي إذا غالى الكرام بها … في موطن لم يراعوا مبلغ الثمن
غراء إذ حللت من معشر أجنا … فربما عاقدت قوما على الأجن
كأنها بعد إعلان الضمير بها … لا تستخير سوى الأسماع من وطن
ترى البصائر في صافي بلاغتها … ما في سواها من الأقذاء والدرن
والشعر مرآة عقل يستدل بها … على موازنة الألباب والفطن
فلا تغرك أشباح معطلة … فإنما الشعر مثل الروح في البدن