حَرَمُ الجَمالِ عَلى سَريرِكِ يَحلُمُ … وَعَلَيكِ مِن سورِ الهَوى مُتَرَدَّمُ
وَالشَمسُ تِبرٌ في أَديمِكِ كُلَّما … شَبَّ النَهارُ نَما وَأَينَعَ مَوسِمُ
لُبنانُ يا ريفَ السَماءِ وَثَغرَها … في كُلِّ شِبرٍ مِن تُرابِكَ مُلهَمُ
ما أَنتَ بِالبَلَدِ اليَتيمِ وَإِنَّما … في كُلِّ عَينٍ لا تَراكَ تَيَتُّمُ
لَكَ في الفُضولِ عَلى الطَبيعَةِ ذِمَّةٌ … وَعَلى الجَمالِ مُؤَخَّرٌ وَمُقَدَّمُ
فَمنَ الشِتاءِ أَبٌ يَدِبُّ بِصُلبِهِ … جَيشٌ مِنَ الخَضَرِ الجَنِيِّ عَرَمرَمُ
وَمِنَ الرَبيعِ أَجِنَّةٌ لَم يَختَمِر … في مِثلِها نورٌ وَلَم يَطهَر دَمُ
وَلَكَ الشَبابُ كَريمَةٌ أَغصانُهُ … في الصَيفِ تَرتَزِقُ الجِنانُ وَتولَمُ
وَإِذا الخَريفُ تَكَمَّشَت أَعراقُهُ … أَجرى الفُتوَّةُ فيكَ حَتّى المَأتَمُ
لَكَ مِن شَبابِكَ أُسرَةٌ مَيمونَةٌ … فَأَبٌ يَفيضُ نَدىً وَأُمٌّ تَراَمُ
ما اليُتمُ أَن تُشقيكَ أُمٌّ أَو أَبٌ … اليُتمُ أَن تُزريكَ عَينٌ أَو فَمُ
إِنَّ اليَتيمَ مَنِ اِمَّحى وجدانُهُ … هُوَ مَن يَسوقُ الظُلمَ لا مَن يُظلَمُ
هُوَ حاكِمٌ يَشقى اليَتيمُ بِعَهدِهِ … جَوراً وَمِن خُبزِ اليَتامى يُطعَمُ
الخَزُّ يُنكَرُ إِن أَتى بِنَصيحَةٍ … وَالعَنكَبوتُ إِذا تَثَعلَبَ يُكرَمُ
يُعطيكَ مِن طَرَفِ اللِسانِ حَلاوَةً … وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الأَرقَمُ
كُلُّ اِمرىءٍ شَطرانِ في سُلطانِهِ … رَأسٌ لَهُ يُحنى وَقَلبٌ يُشتَمُ
في كُلِّ مَأدُبَةٍ يَسيلُ لُعابُهُ … كَالهِرِّ يُؤمَنُ شَرُّهُ إِذ يُلقَمُ
عَسَلُ الزَبيبِ يَسيلُ مِن أَحداقِهِ … وَعَلى سَريرَتِهِ يَجِفُّ الحِصرِمُ
يَخشى لِضَعفِ يَقينِهِ هَمسَ الصَدى … وَيَرى الشفاهَ كَأَنَّها تَتَهَكَّمُ
وَلَهُ مِنَ الأَبوابِ أَنظارٌ تَرى … وَمِنَ السُقوفِ مَسامِعٌ تَتَفَهَّمُ
يا حاكِماً في أَيِّ يَومٍ تَستَحي … أَوَلَستَ تَدري كَيفَ أَنتَ وَتَعلَمُ
هُوَ مُرشِدٌ خُبزُ السَماءِ طَعامُهُ … يُصغي إِلى أَسرارِها فَيُتَرجِمُ
سُوَرُ التَقى تُتلى عَلى فَمِهِ وَفي … وِجدانِهِ الهاري تَفُحُّ جَهَنَّمُ
الدينُ حانوتٌ يَبيعُ بِهِ الرَجا … وَاللَهُ نَهبٌ في حِماهُ مُقَسَّمُ
وَلَهُ كَلامٌ في السِياسَةِ فاصِلٌ … خَطَأُ الشَرائِعِ أَن يُعابَ فَتُرجَمُ
أَأَبا اليَتامى وَالحَياةُ قَصيرَةٌ … ماذا يُعَلِّمُكَ اليَتيمُ الأَعظَمُ
لَكَ في الجَحيمِ مَتى تَهِمُّ إِلى السَما … في كُلِّ إِسطَبلٍ يُحَمحِمُ مِرجَمُ
هُوَ عاشِقٌ لَم يَدرِ شِيَمُ الهَوى … فَإِذا أَحَسَّ فَعِرقُهُ المُتَأَثِّمُ
روحٌ مُهَرَّأَةٌ وَلَحمٌ جائِعٌ … وَفَمٌ يَنِمُّ وَمُقلَةٌ تَتَضَرَّمُ
ما بَينَ غَدرَتِهِ وَبَينَ يَمينِهِ … إِلّا تَسَلُّفُ حاجَةٍ تَتَكَتَّمُ
فَحَذارِ مِن جُرحِ الهَوى فَجِراحُهُ … يَبقى الأَذى فيها وَيَفنى المَرهَمُ
تَاللَهِ عَصرُكَ يا جَميلُ فَعَصرُنا … فيهِ رُقِيٌّ لِلهَوى وَتَقَدُّمُ
الفاجِرُ الزَنديقُ فَحلٌ راشِدٌ … وَالعاشِقُ العُذرِيُّ أَبلَهُ مُسقَمُ
يا بُثنُ كَم يَحلو زَمانُكِ حينَما … تَصفو لَنا لَيلى وَتَغدُرُ مَريَمُ
ماذا عَسى الواشونَ أَن يَتَحَدَّثوا … إِلّا يَقولوا إِنَّهُ بِكِ مُغرَمُ
هُوَ تاجِرٌ أَدنى وَأَبخَسُ سِلعَةٍ … وِجدانُهُ يُعطيهِ لا يَتَلَعثَمُ
حَجَرٌ تَحَجَّرَتِ العُيونُ بِعَينِهِ … فَالناسُ نَقدٌ وَالمَصائِبُ أَسهُمُ
حَتّى دُموعُ البائِسينَ شَهِيَّةٌ … في قَلبِهِ إِن كانَ فيها مَغنَمُ
يا تاجِراً تَعلو بِهِ أَسعارُهُ … مِقدارَ ما يَدنى الضَميرُ المُجرِمُ
سَتَذوبُ في الدُنيا كَأَنَّكَ تَركَةٌ … بِيَدِ المُبَذِّرِ أَو كَأَنَّكَ دِرهَمُ
هُوَ شاعِرٌ إِن لَم يَذُق أَلَمَ الهَوى … يَكفيكَ مِنهُ أَحرُفٌ تَتَأَلَّمُ
ما الشِعرُ إِلّا حِليَةٌ بَرّاقَةٌ … خَزَفٌ يَغُرُّكَ أَو زُجاجٌ يوهِمُ
صُوَرُ الحَياةِ كَثيرَةٌ أَلوانُها … وَأَحَبُّها ما قَد حَواهُ المُعجَمُ
إِنَّ اليَتامى مَن يَمُجُّهُمُ الوَرى … لَيسَ اليَتامى مَن يَضُمُّ المَيتَمُ