حَذَرْتُ الحُبّ، لَوْ أغْنى حِذاري، … وَرُمْتُ الفَرّ، لَوْ نَجّى فِرَاري
وَما زَالَتْ صُرُوفُ الدّهْرِ، حَتّى … غَدَتْ أسْمَاءُ شاسِعَةَ المَزَارِ
وَما أُعْطى القَرَارَ، وَقَدْ تَناءَتْ، … وَهَذا الحُبُّ يَمْنَعُني قَرَاري
يَغارُ الوَرْدُ، إنْ سَفَرَتْ، وَيَبْدُو … تَغَيّرُ كَأبَةٍ في الجُلّنَارِ
هَوَاك ألَجّ في عَيْني قَذَاها، … وَخَلّى الشّيّبَ يلعَبُ في عِذَاري
بمَا في وَجْنَتَيْكِ مِنِ احْمِرَارٍ، … وَما في مُقْلَتَيْكِ مِنِ احْوِرَارِ
لئِنْ فارَقْتُكُمْ عبثاً، فَإنّي … عَلى يَوْمِ الفِرَاقِ الجِدّ زَارِ
وكَمْ خَليْتُ عِنْدَكِ منْ ليالٍ … مُعشَّقَةٍ، وَأيّامٍ قِصَارِ
فهَلْ أنا بائِعٌ عَيْشاً بِعَيْشٍ … مَضى، أوْ مُبْدِلٌ داراً بِدَارِ
أعاذِلَتي عَلى أسْمَاءَ، ظُلْماً، … وإجْرَاءِ الدّموعِ لهَا الغِزَارِ
مَتَى عَاوَدْتِني فِهيا بِلَوْمٍ، … فَبِتِّ ضَجِيعَةً للْمُسْتَعَارِ
لأسْلَحُ، حِينَ يُمْسي، من حُبارى، … وَأضراطُ، حِينَ يُصْبِحُ، مِنْ حِمارِ
إذَا أحْبَابُهُ أمْسَوْا عِشيا، … أعَدّوا، وَاسْتَعَدّوا لِلْبَوَارِ
إذَا أهْوى لِمَرْقَدِهِ بِلَيْلٍ، … فَيَا خِزْيَ البرَاقَعِ وَالسّرَاري
وَيَا بُؤس الضجيع قَدْ تَطَلّى … بِخِلْطَي جامِدٍ مَعْهُ، وَجارِ
وَما كانَتْ ثِيابُ المُلْكِ تحْشَى … جَرِيرَةَ بَائِلٍ، فيهِنّ، خاد
فلو أنا استطعنا لأفتديناه … قطوع الرقم منه بالبواري
يُبِيدُ الرّاحَ في يوْمِ النّدَامَى، … وَيُفْني الزّادَ في يوْمِ الخِمارِ
يَعُبُّ فيُنْفِدُ الصّهْبَاءَ جِلْفٌ، … قَرِيبُ العَهْدِ بالدّبْسِ المُدارِ
رَدَدْنَاهُ بِرْمّتِهِ ذَمِيماً، … وَقَدْ عَم البَرِيّةَ بالدّمَارِ
وكانَ أضَرّ فِيهِمْ مِنْ سُهَيْلٍ، … إذا أوْبا، وَأشْأمَ مِنْ قُدَارِ
تَفَانَى النّاسُ، حتى قُلْتُ عَادُوا … إلى حَرْبِ البَسُوسِ، أوِ الفُجارِ
فَلَوْلا الله وَالمُعْتَزُّ بِدْنَا، … كَما بَادَتْ جَدِيسٌ في وَبارِ
تَدَارَكَ عُصْبَةً منهُمْ حَيَارَى … على جُرُفٍ، منَ الحَدَثانِ، هَارِ
تَلافاهُمْ بِطَوْلٍ مِنْهُ جَمٍّ، … وَعَفْوٍ شَامِلٍ، بَعْدَ اقْتِدَارِ
إمَامُ هُدىً يُحَبَّبُ في التّأنّي، … وَيَخشى في السّكِينةِ، وَالوَقَارِ
إذا نَظَرَ الوُفُودُ إلَيْهِ قالوا: … أبَدْرُ اللّيْلِ أم شمسُ النّهارِ؟
لَهُ الفَضْلانِ، فَضْلُ أبٍ وَأُمٍّ، … وَطِيبُ الخِيمِ في كَرَمِ النّجَارِ
هَزَزْنَاهُ لأحْداثِ اللّيَالي، … فَأحْمَدْنَا مضارب ذي القِفارِ
أمِيرَ المُؤمِنِينَ نَداكَ بَحْرٌ، … إذا مَا فَاضَ غض منْ بِحَارِ
لأنْتَ أمَدُّ بِالمَعْرُوفِ كَفّاً، … وَأوْهَبُ لِلُّجَيْنِ وَلِلنُّضَارِ
وأحْفَظُ للذّمَامِ، إذا مَتَتْنَا … إلَيْكَ بهِ، وَأحْمَى لِلذّمَارِ
لَئِنْ تَمّ الفِداءُ، كما رَجَوْنَا، … بِيُمْنِكَ بَعْدَ مُكْثٍ، وَانْتِظارِ
فمِنْ أزْكى خُلالِكَ أنْ تُفادي … أسَارَى المُسْلِمينَ مِنَ الإسَارِ
بَذَلْتَ المالَ فِيهمْ، أن يَعُودوا … إلى الأهْلينَ مِنهُمْ، وَالدّيارِ
فيا لك فعلة يُهْدَى ثَنَاهَا … إلى أهْلِ المُحَصَّبِ وَالجِمارِ
حَبَوْتَ بحُسْنِ سُمْعَتِها وَصِيفاً، … فَنَالَ، بِنَيْلِها، شَرَفَ الفَخَارِ
رَعَيْتَ أمَانَةً مِنْهُ وَنُصْحاً، … وَأنْتَ مُوَفَّقٌ في الإخْتِبارِ
وفَاز مِنَ الوفاءِ لكُمْ عزِيزاً، … وَخاطَرَ عِنْدَ تَغْرِيرِ الخِطَارِ
وَآثرَكُمْ، ولمْ يُؤثِرْ عَلَيْكُمْ، … وَقَدْ شُرِعَتْ لَهُ دُنْيَا المُعَارِ
إذَا مَا قَرّبُوهُ، وَآنَسُوهُ، … غَلا في البُعْدِ عنْهُمْ، وَالنِّفَارِ
حَيَاءً أنْ يُقالَ أتَى بغدر … وَنَيْلاً أنْ يَحُلّ مَحَلّ عَارِ
وَهِمّةُ مُسْتَقِلّ النّفْسِ يَسمو، … بهِمّتِهِ، إلى الرُّتَبِ الكِبارِ
شَكَرْتُكَ بالقَوَافي عنْ شَفِيعي … إلَيْكَ، وَصَاحبي الأدْنَى وَجاري
فَلا نُعْدَمْ بَقَاءَكَ في سُرُورٍ، … وَعِزٍّ، ما سرى الظّلْماءِ سَارِ