جفون البيض أم بيض الجفون … وسمر الخط أم هيف الغصون
قيان ناظرت عن نصول … أحدت غربها أيدي القيون
مريضات المعاطف والتثني … سقيمات اللواحظ والعيون
سوافر مشرفيات التجلي … سواحر مشرقيات الجفون
حللن ببابل وحللن سحرا … عقود عقولنا بيد الجفون
سلبن القلب حين سكن فيه … منحن غرامه بعد السكون
ألا يا عاذلي دعني وشأني … وما تجري المدامع من شؤوني
فإن صبابتي داء دفين … وكم أبقى على الداء الدفين
حسبتك لي على وجدي معينا … ألا ما للمعنى من معين
جعلت ضمانتي لهم ضماني … ومالي في الضمانة من ضمين
أنا الصب الذي لهواي هانت … على قلبي مصاعب كل هون
بكل خدينة للحسن ما لي … سوى بلوى هواها من خدين
كريم أو كغصن أو كبدر … بلحظ أو بقد أو جبين
تبسم درها عن أقحوان … وأزهر وردها في ياسمين
غريم غرامها عسر التقاضي … وقد علقت بحبيها رهوني
لوت دين الوصال وما قضته … ولو كانت وفت وفت ديوني
سقى الله العراق وساكنيه … وحياه حيا الغيث الهتون
وجيرانا أمنت الجور منهم … وما فيهم سوى واف أمين
صفوا والدهر ذو كدر وقدما … وفوا بالعهد في الزمن الخؤون
ليالي أشرقت منها الدياجي … بحور من جنان الخلد عين
أرى ربحي إذا أنفقت مالي … وما أنا بالغبي ولا الغبين
فلا عيش الإخاء بمستكن … ولا عيش الرخاء بمستكين
وقد طلعت شموس من كؤوس … كما شهرت سيوف من جفون
يطوف بها على الندماء ساق … شمائله معشقة الفنون
ويطفي جذوة منها بماء … ويمزج شدة منها بلين
كأن عذاره اللاهي لام … وحاجبه المقوس حرف نون
ولما سل عارضه حساما … وفوق لحظه سهم المنون
بدا زرد العذار فقلت هذا … يدير لنا رحى الحرب الزبون
وثقت إلى الزمان وغاب عني … بأن الحادثات على كمين
وشطت دار أحباب كرام … تبدل وصلهم بنوى شطون
فيا شوقا لكل أخ كريم … ضنين بالمودة لا ظنين
خلصت من الشباب إلى شبيب … مشوب عند أحبابي مشين
وقاربت البياض فجانبتني … مودة بيضها السود القرون
وجائلة الوشاح رأت جماحي … على هوجاء جائلة الوضين
عشية ودعت والعيش تخذي … نواحل قد برين من البرين
بكت شجوا وأرزمت المطايا … وهاج أنينها الشاجي أنيني
فلي ولها وللأنضاء شجو … حنين في حنين في حنين
تناشدني وتذكرني بعهدي … وتبعثني على حفظ اليمين
وقالت ما ظننتك قط تنوي … مفارقتي لقد ساءت ظنوني
قد استسهلت أحزاني ببين … يرد بك السهول على الحزون
فقلت سراي للعليا وإني … تخذت لها أمينا من أمون
إلى عمر بن شاهنشاه قصدي … ثقي بغناي منه وارقبيني
أسافر عنك أبغي العز منه … مدل في الهدوء وفي الهدون
حويت فضيلة العالي ولكن … رأيت الدون يحوي الحظ دوني
صفا ورد الزلال لوارديه … ومثلي ليس يظفر بالأجون
لقد جمحت حظوظي بي وماذا … تفيد رياضة الحظ الحزون
ولا لوم إذا لم ألق كفوا … إذا أعنست أبكاري وعوني
وليس سوى تقي الدين مولى … زماني في ذراه يتقيني
وإني بالمدائح أصطفيه … كما هو بالمنائح يصطفيني
بنيل ظماء أهل الفضل ريا … خضم نواله الصافي المعين
يبدل فضله رثا وغثا … لحظي بالجديد وبالسمين
ويوضح منهج العليا بجود … يجدد منهج الحمد المبين
رحيب الصدر طلق الوجه ثبت الجنان … ندي المحيا واليمين
غزير الفضل جم الجود ملك … عديم المثل مفقود القرين
أخو العم المؤيد بالمساعي التي … نجحت وذو الرأي المتين
فعند الجود كالجود اندفاعا … وعند الحلم كالطود الرصين
له عرض لعافيه مذال … يذود به عن العرض المصون
له يوما ندى ووغى عطاء … وكسر للألوف وللمئين
صوارمه صوالجه إذا ما … رؤوس عداه كانت كالكرين
وما لطيور أسهمه المواضي … سوى مقل الأعاد من وكون
إذا اعتقل القنا الخطي سالت … له أعنقاها بدم الوتين
ويجمد منه بطن النسر ما قد … شكته لبة الذمر الطعين
بنو أيوب زانوا الملك منهم … بحيلة سؤدد وتقى ودين
ملوك أصبحوا خير البرايا … لخير رعية في خير حين
أسانيد السيادة عن علاهم … معنعنة مصححة المتون
كأن لدان سمرهم أفاع … تصرفها القساور في العرين
عزائمهم متى نهدوا لغزو … مفاتيح المعاقل والحصون
وتشرق في مثار النقع منهم … إذا ركبوا شموس في دجون
إذا ركبوا ظهور الخيل ردوا العداة … من القشاعم في البطون
بسطوة بأسهم في كل أرض … جبال الشرك عادت كالعهون
غدا الفضلاء منهم في مكان … من الإكرام محروس مكين
بكل مبجل لمؤمليه … وللأعداء والدنيا مهين
ضنين بالعلاء لمعتفيه … ولكن باللها غير الضنين
براه الله من طهر وطيب … وكل الناس من حمأ وطين
فزين أمر راجيه الموالي … وشين شان شائنه اللعين
بنو أيوب مثل قريش مجدا … وأنت لهم كأنزعها البطين
فقل لملوك هذا العصر طرا … أروني مثله فيكم أروني
بجد سام عالي كل فخر … ومجانا طلبتم بالمجون
إذا خف الملوك لكل خطب … حلوما كنت ذا حلم رزين
تزان بكل منقبة وفضل … علاك فلا مزيد على المزين
عدوك كالذباب له طنين … وفيه ذباب سيفك ذو طنين
أخفت الشرك حتى الذعر منهم … يرى قبل الولادة في الجنين
ويوم الرملة المرهوب بأسا … تركت الشرك منزعج القطين
وقد غادرت أشلاء الفرنج … كمحصود الزروع على الجرين
وأضحى الدين منك قرير عين … وظل الشرك ذا طرف سخين
وكنت لعسكر الإسلام كهفا … أوى منه إلى حصن حصين
وقد عرف الفرنج سطاك لما … رأوا آثارها عين اليقين
وأنت ثبت دون الدين تحمي … حماه أوان ولى كل دون
ولو لبوا نداء الحزم درت … عليهم لقحمة النصر اللبون
وليك منك في ظل ظليل … من الإعزاز في كن كنين
وتهمي للموالي والمعادي … بسحب للندى والباس جون
أنهاب المحامد بالعطايا … ووهاب المسرة للحزين
ألا يا كعبة للفضل أضحى … إلى أركان دولته ركوني
حجاه وحجره لمساجليه … مقام الحجر منه والحجون
تقي الدين إن حديث فضلي … لمن يصغي إليه لذو شجون
فعتبى للزمان على اهتضامي … وشكوى من جنون المنجنون
ولست أرى سوى علياك تاجا … تليق بدر مدحتي الثمين