ثنائي عليك ونعماك فينا … كواكب تشرق للعالمينا
تلالأ بالجود مما يليك … عليهم وبالحمد مما يلينا
جواهر فصلتها في سلوك … ملأن الصدور ورقن العبونا
مبرزة السبق في الأولينا … ومأثورة الذكر في الآخرينا
كسبقك في كل علياء حتى … أضر غبارك بالسابقينا
فيا بعد مسراك للمدلجينا … ويا قرب مأواك للرائحينا
فحقا إليك رحلنا المهاري … تقاسمنا جهد ما قد لقينا
أهلة سفر وقفر قطعنا … إليك الشهور والسنينا
نلاقي السيوف إذا ما فزعنا … ونسقي الحتوف إذا ما ظمينا
فطورا نرى العيش ظنا كذوبا … وطورا نرى الموت حقا يقينا
وحقا إليك ركبنا الرياح … مطايا رحلنا عليها السفينا
كأن على لجج البحر منها … هوادج تخفق بالظاعنينا
ولله من أمهات حنين … علينا الظهور وجبن البطونا
تقود المنايا بها حيث شاءت … وتثنى كلاكلها حيث شينا
خطوبا تباذلن منا نفوسا … جلبن لك الحمد غضا مصونا
فعادرن أوطاننا عافيات … وجئن إليك بنا معتفينا
ديارا تسح عليها الدموع … وفيها قتلنا وفيها سبينا
وفيها صدقنا إليك الرجاء … وهن يرجمن فينا الظنوناأ
أهمنا بغربتنا أم هدينا … ومتنا بكربتنا أم حيينا
فإن يعجب الدهر أنا صبرنا … فأعجب من ذاك أنا بقينا
فهل بلغت عن ركاب أجرت … بأن قد سعدن بما قد شقينا
وإني انتحينا إليك المطي … كما قصف العاصفات الغصونا
دأبن كجدك حزما وعزما … وعدن كحلمك عطفا ولينا
وأنك حييتها بالحياة … وأمنتها في ذراك المنونا
وأوطأتها البر حتى سكن … وسقيتها الجود حتى روينا
فأرضيت ربك في ابن السبيل … وفي العائلين من المسلمينا
وأحييت في الأرض فضلا وعدلا … وعطفا وعرفا ودنيا ودينا
ودائع لله في الروض ضاعت … وكنت عليها القوي الأمينا
فوفاك عنا الجزاء الجزيل … ولقاك منا الثناء الثمنيا
وبوأنا منك جنات عطف … جزاك بها جنة الفائزينا
حدائق في غرس يمناك وقفا … على الرائحين أو الطارقينا
كفيل بأثمارها كل حين … غيوث سمائك حينا فحينا
وأزهرها منك للناظرينا … وأبهرها عنك للسامعينا
نفجرها نهرا حيث كنا … ونأكلها رغدا حيث شينا
ذرا جنة كتب الله فيها … لمن شرد الخوف حظا مبينا
وزادت بعدلك أكلا وظلا … فزادت على أمل الآملينا
رأيت لنا موضع الحق فيها … بما قد أرتك المقادير فينا
فنادى نداك بها نحوها … سلام لكم فادخلوا آمنينا
لكم ذمة الله في صدق عهدي … فلا خائفين ولا مخرجينا
فظلت تنفس عن روحها … غريبا سليبا ونضوا حزينا
وتبرد من حر نار السيوف … ونار الهواجر ما قد صلينا
فنسلى بها عن ديار نأين … ونغنى بها عن مغان غنينا
وبلغة عيش لمن قد سترت … ضعاف البنات وشعث البنيناب
نعللهم بجنى روضها … إذا أوحشتهم عطاياك حينا
وتشفي بها بث ما قد أصبنا … ونأسو بها جرح ما قد رزينا
وفخرا لنا منك سارت به … ركاب التهامين والمنجدينا
وبشرى أهل بها الشاكرون … إلى من فجعنا من الأقربينا
فما راعنا غير قول الخبير … يذكرنا أسوة المؤتسينا
بآدم إذ أخرجته الغواة … من جنة الخلد مستظهرينا
ببغي حسود له طالب … كما قد لقينا من الحاسدينا
فها نحن أقعد هذا الأنام … بميراثها مثلها عن أبينا
وهاتيك جنتنا والتي … حبانا بها سيد المنعمينا
وأبين آياتنا أننا … حللنا لديه المكان المكينا
ومن شك في حظنا من رضاه … فتلك لنا أعدل الشاهدينا
قفوا فاسمعوا هدة الأرض رجلا … وركبا إلى نصبها يوفضونا
وداعي الزيادة فيها سميع … مصيخ إلى ألسن الزائدينا
يجمجم فيهم بأن قد سخطت … علينا وأنا من المبعدينا
ليجلو أستارك الخضر عنا … ويمحو آثارك الغر فينا
وقد أسمع الصم فيها مناد … يؤذن حي على الشامتينا
فمن هاتف زائد بالألوف … لبغي أراه احتقار المئينا
ومن كاشح كاشر قد أرته … أمانيه ما ظن أن لن يكونا
بذي حرمة منك ألبسته … كرامة أضيافك المكرمينا
ومن حل سترك في أهل بيت … بحبل وفائك مستمسكينا
فيا مشهدا سامني تحت ظلك … خسفا وخزيا وذلا وهونا
بكل مفيض علي القداح … ليقسم لحمي في الآكلينا
وكل مبيح حماك العزيز … علينا لعادية المعتدينا
فمدوا حبالهم طامعين … وألقوا عصيهم واثقينا