تسمع لدعوة ناء غريب … كثير الدعاء قليل المجيب
يهيم إليك بهم شجاع … ويجبن عنك بستر هيوب
ويقتاده منك صدق اليقين … فيرتاب منه بظن كذوب
أيأذن سمعك لي من بعيد … ولحظك قد رابني من قريب
وكيف بأشجان قلب عزيز … فيسعده لهو قلب طروب
فناداك من غمرات التناسي … وناجاك في ظلمات الخطوب
ببالغة للتراقي حدتها … إليك وصاة القريب المجيب
بما خط للجار وابن السبيل … وأوجب للمستضام الغريب
وما قد حباك الرضا من مليك … بلاك بلاء الحسام الرسوب
فحلاك إكرامه في العيون … لتقدم أعلامه في الحروب
وأذكى سراجك وسط القصور … ليعلي عجاجك خلف الدروب
فأرعيته صدق حر شكور … تسربل إخلاص عبد منيب
وأبليته نصح جيب سليم … وفي الضمان بنصح الجيوب
تقود إليه رجاء البعيد … وتتلو عليه ثناء القريب
وتلقى وجوه المحبين عنه … ببشر المحب ووصل الحبيب
وكم منبر للعلا قد بناه … له الله من معظمات الصليب
حميت ذراه بأنف حمي … ورحب ذراه بصدر رحيب
وضاق بمن أسمع الضيم عنه … فيا لخطيب صريع الخطوب
قريب إلى كل أفق بعيد … بعيد على ذكر مولى قريب
وقد أطلع الشرق والغرب عنه … كواكب تهوي لغير الغروب
نجوما أضاءت بفصل الخطاب … له الدهر إلا مكان الخطيب
وعنه تنكبت قوس النضال … فرشت لها كل سهم مصيب
فأوترتها لقلوب العداة … وأغرقت فيها لرمي الغيوب
فما لك عن غرض كالصباح … تجلل أفق الصبا والجنوب
يضاحك من روض فكري بذكري … أزاهير نور بنور مشوب
فلله إشراق ذاك الشباب … تألق في حسن ذاك المشيب
ففاح تضوع ذا من ضياعي … كما لاح مطلع ذا من غروبي
فتلك نقائض سعيي وسعدي … ينادين يا للعجاب العجيب
وتلك بضائع نثري ونظمي … ضوارب في الأرض هل من ضريب
ويا للخلائق هل من مساو … ويا للدواوين هل من مجيب
ويا نشأتي عبد شمس . . . . … ومن أعقبت هاشم من عقيب
وما خطه أثر عن أمير … وسطره أرب عن أريب
فهل في الورى غير سمع شهيد … يلبيه كل فؤاد لبيب
وغير لسان صدوق البيان … يقر له كل زعم كذوب
بأن لم يفز قبلها ملك ملك … بقدح كقدح مليكي تجيب
فأنجب بمورثه من مليك … وأسعد بوارثه من نجيب
وأعجب بأوفى مليك أضاع … من الذكر والفخر أوفى نصيب
لواء ثناء كبرق الغمام … يهل إليه لواء الحروب
وما قد كسا كل بر وبحر … بذكراه من كل حسن وطيب
حدائق من زهرات العقول … تفوح إلى ثمرات القلوب
تغنى العذارى بها في الخدور … وتحدى المهارى بها في السهوب
وقد أينع الحزن والسهل منها … بشرب ذنوب محا من ذنوبي
بلاغ حياة وأحجمت عنه … لعود الخباء وللعندليب
كما ابتز صيد العقاب الذباب … وصاد النعام حسير الدبيب
وذلي أودع هذا وهذا … أظافير ليث وأنياب ذيب
مظالم أظلم حق المحق … بهن وأشرق ريب المريب
وأنت عليها شهيد العيان … وحكمك فيها صريح الوجوب
ووعدك ألزمني من ذراك … وصال المحب ورعي الرقيب
فحين افتتحت بنصر عزيز … يبشر عنك بفتح قريب
ب … ترقيت في هضبة العز عنيوأهويت بي لمهيل كثيب
ولفتك دوني غصون النعيم … وأسلمت ضاحي مرعى جديب
فمليتها جنة لا يزال … يمد بها كل عيش خصيب
ولا برحتها طيور السرور … يميد بها كل غصن رطيب
وإن شاقني من صباها نسيم … يفرج عني بروح الهبوب
وأظميت منها إلى رشف ما … يمثل لي فيه ريق الحبيب
وكم سمت أوراقها في الرياح … لأخصف فيها لعار سليب
وأمسحها في مآقي جفون … دوامي القذى قرحات الغروب
بما فت فيهن رمي العداة … وما غض منهن ذل الغريب
فإن رمدت فقليل لعين … يقلبها شجو قلب كئيب
وإن قدحت بالحشا في الحشايا … فزندا ضرام لنار الكروب
تؤججها حسرات التناسي … وتنفخها زفرات النحيب
وكلا وسعت بصبر جميل … وبعضا كففت بدمع سكوب
لأوقد منها مصابيح جمر … تنير إليك بسر الغيوب
ولو غاب علمك عن بحر ظمء … وما غيض من شربه في الشروب
لأغناك عن شبهة الشك فيه … ذبول الجنى في ذبول القضيب
وحسبي لها منك حر كريم … وفي الشهود أمين المغيب
وأرجى عليل لبرء السقام … عليل تيقن يمن الطبيب
وحسن الظنون لصدق اليقين … نسيب ولا كالنسيب الحسيب
فإن تنه عني فأولى مجاب … دعا للمكارم أهدى مجيب
وكنت بذلك أحظى مثاب … له من ثنائي أوفى مثيب
ومن يمنع الضيف رحب الفناء … فقد قاده للفضاء الرحيب