عَشِقَ المَجدَ مُنذُ سُحرَةِ عُمرِه … فَغَزا سِرَّهُ بِأَسرارِ شِعرِه
شاعِرٌ يَسحَرُ الدُمى بِأَغاني … هِ فَتَجري فيها الحَياةُ بِسِحرِه
لَو أَصاخَ الماضي البَعيدُ إِلَيهِ … لَتَمَنّى لَو كانَ أُذناً لِعَصرِه
وَلَو أَنَّ الزُهورَ شَمَّت شَذاهُ … لَتَمَنَّت لَو خَبَّأَت بَعضَ عِطرِه
وَلَو أَنَّ جاراهُ في الري … حِ لَضَلَّ الخَيالُ عَن مُستَقَرَّه
وَلَو أَنَّ النسورَ خُبِّرنَ عَنهُ … لَتَمَنَّينَ لَو دَرَجنَ بِوَكرِه
طارَ في عالَمِ النُجومِ يُدِبُّ الر … روحَ في عالَمِ النُجومِ بِأَسرِهِ
يا لَهُ في العُلى جَناحاً كَأَنَّ … الطَيرَ غارَت مِنهُ فَهَمَّت بِكَسرِه
في الخُلودِ … عَلى ذُراك
طِر وَدَعني أَحَلّ … أَخشابَ نَعشِك
لَيسَ لِلشاعِرِ المُسجّى عَلى الأَح … لامِ نَعشٌ مِنَ الجُذوعِ حِجابَه
إِنَّ نَعشاً تَغَلغَلَ الخُلدُ فيهِ … عالَمٌ ضاقَ بِالشُموسِ رحابُه
أَلساميرُ فيهِ مِن مَنجَمِ النور … رِ وَمِن جَنَّةِ الرُؤى أَخشابُه
عالَمٌ أُفقُهُ الخَيالُ الإِلهِ … يُّ وَنورُ المُخَيّلاتِ سَحابُه
الشُعورُ النَقِيُّ كَوثَرُهُ المُن … سابُ وَالنَدُّ وَالبَخورُ تُرابُه
عالَمٌ قوتُهُ ثِمارٌ مِنَ الحُ … بِّ وَخَمرٌ مِنَ السَلامِ شَرابُه
نَسَماتُ الغُفرانِ هَبَّت عَلَيهِ … فَتَلاشَت أَتعابُهُ وَعَذابُه
عالَمُ الخُلدِ لَيسَ يُفتَحُ إِلّا … لِمُلوكِ الخَيالِ وَالحُبِّ بابُه
فُتِحَ النَعشُ لي فَأَبصَرتُ قَصرَ ال … روحِ قامَت عَلى قُلوبٍ عِمادُه
وَرَأَيتُ الفَجرَ المُذهَّبَ بِالنور … رِ أَحاطَت بِعَرشِهِ أَجنادُه
وَتَراءى ليَ الأَثيرُ بِلَونِ ال … عاجِ يَقتاتُ بِالشُعورِ جَمادُه
وَنُجومٌ تَموجُ فيها حَياةٌ … كُلُّ نَجمٍ مِنها يَسيلُ فُؤادُه
وَالأَعاصيرُ وَالصَواعِقُ في زِيِّ … حَمامٍ واللَيلُ ذابَ سَوادُه
وَرَأَيتُ الخَيالَ في ثَوبِ مَلكٍ … تَتَنَزّى مِنَ الرُؤى قُوّادُه
وَرَأَيتُ الفِكرَ الصَريحَ إِلهاً … لا يُرى غُلّهُ وَلا جَلّادُه
كانَ عيدٌ ذلِكَ النَعشِ لَو … أَصغى إِلَيهِ الوَرى لَزالَ حِدادُه
في يَدَيهِ رَبابَةٌ وَعَلى جَف … نَيهِ كُحلٌ تَحارُ في أَلوانِه
إِنَّ كُحلاً تَراهُ مُقلَةِ الشا … عِرِ تَحنيطُ حُبِّهِ وَحَنايِه
هُوَ فَوزي أَتى إِلى الخُلدِ لا يَح … مِلُ إِلّا العَفافَ مِن لُبانِه
وَسِوى آلةِ الشَقا في يَدَيهِ … وَجَفافِ الدُموعِ في أَجفانِه
فَأَحاطَت بِهِ مِنَ النورِ هالا … تٌ صِباحٌ كَأَنَّها مِن بَيانِه
وَأَتَتهُ النُجومُ في زَورَقِ الحُ … بِّ لِتُصغي سَكرى إِلى أَلحانِه
وَإِذا أَبَّلونُ يَأخُذُ تاجاً … لُؤلُؤيَّ الإِطارِ مِن تيجانِه
وَبِذَوبِ اللُبانِ يَمسَحُ صُدغَي … هِ وَعِطرُ الخُلودِ مِن أَدهانِه
قالَ لِلزُهرِ أَبَّلونُ أَطِلّي … وَاِسمَعي أَيّ ضَجَّةٍ مَشؤومَه
أَيّ صَوتٍ أَتى يَذُرُّ عَلَينا … في حِمانا كِبريتَهُ وَسُمومَه
ما سَمِعنا مِن قَبلُ نَدباً كَهذا … وَرياحاً كَهذِهِ مَحمومَه
فَأَطَلَّت كَواكِبُ الخُلدِ حَيرى … ثُمَّ قالَت بِمُهجَةٍ مَكلومَه
يَزعمونَ السَماءَ قَد ظَلَمتَهُم … فَغَزَت شَعبَهُم وَأَردَت نَديمَه
ثُمَّ سادَت سَكينَةٌ عَقِبتَها … خَلَجاتٌ مِنَ الحُسونِ العَظيمَه
وَرَأَيتُ الخُلودَ يُصغي وَشاهَد … تُ عَذارهُ خُشَّعاً وَنُجومَه
تَتَلَقّى طوالَ أَروِقَهِ الأَولَمبِ … أَلفاظَ أَبَّلونَ الحَكيمَه
أَيّ شَأنٍ لِلنّاسِ بِالشاعِرِ المُل … هَمِ لا شَأنَ لِلتُّرابِ بِنَفسِه
هُوَ مِن عالَمِ الخُلودِ فَفي عَي … نَيهِ نورٌ مِنَ الخُلودِ وَقُدسِه
أَطلَقَتهُ الأَرضُ الَّتي قَيَّدَتهُ … فَاِنثَنى عائِداً لِمَسقَطِ رَأسِه
نَحنُ أَولى بِهِ فَهُم ظَلَموهُ … يَومَ دَسّوا سُمّاً بِخَمرَةِ كَاسِه
يَومَ راحوا يُكَدّرونَ نَدى الوَح … يِ عَلَيهِ وَيَشتُمونَ بِبُؤسِه
أَزعَجوهُ عَهدَ الشَقاءِ وَلَمّا … زُفَّ لِلخُلدِ أَزعَجوهُ بِعُرسِه
وَإِذا بِالخُلودِ يُغلِقُ في وَج … هي فَأَهوي إِلى الفَناءِ وَيأسِه
وَبِقَلبي مِمّا سَمِعتُ نَشيدٌ … لَم أَزَل مُصغِياً لِرِقَّةِ هَمسِه