(الجزء الثاني من قصيدة بيروت : القصيدة كاملة موجودة بعنوان بيروت)
تم فصلها لتتوافق مع الملف الصوتي المصاحب لكل جزء.
.
و أهبط الدرج الذي لا ينتهي بالقبو و الأعراس
أصعد مرة أخرى على الدرج الذي لا ينتهي بقصيدة …
أهذي قليلا كي يكون الصحو و الجلاّد…
أصرخ: أيّها الميلاد عذّبني لأصرخ أيّها الميلاد…
من أجل التداعي أمتطي درب الشآم
لعلّ لي رؤيا
و أخجل من صدى الأجراس و هو يجيئني صدأ
و أصرخ في أثينا: كيف تنهارين فينا؟
ثم أهمس في خيام البدو :
وجهي ليس حنطيّا تماما و العروق مليئة بالقمح…
أسأل آخر الإسلام :
هل في البدء كان النفط
أم في البدء كان السخط ؟
أهذي ،ربمّا أبدو غريبا عن بني قومي
فقد يفرنقع الشعراء عن لغتي قليلا
كي أنظفها من الماضي و منهم…
لم أجد جدوى من الكلمات إلا رغبة الكلمات
في تغيير صاحبها …
وداعا للذي سنراه
للفجر الذي سيشقّنا عمّا قليل
لمدينة ستعيدنا لمدينة
لتطول رحلتنا و حكمتنا
وداعا للسيوف و للنخيل
لحماية ستطير من قلبين محروقين بالماضي
إلى سقف من القرميد …
هل مرّ المحارب من هنا
كقذيقة في الحرب؟
هل كسرت شظاياه كؤوس الشاي في المقهى؟
أرى مدنا من الورق المسلح بالملوك و بدلة الكاكي ؟
أرى مدنا تتوج فاتحيها
و الشرق عكس الغرب أحيانا
و شرق الغرب أحيانا
و صورته و سلعته…
أرى مدنا تتوّج فاتحيها
و تصدّر الشهداء كي تستورد الويسكي
و أحدث منجزات الجنس و التعذيب …
هل مرّ المحارب من هنا
كقذيفة في الحرب؟
هل كسرت شظايا كؤوس الشاي في المقهى ؟
أرى مدنا تعلّق عاشقيها
فوق أغصان الحديد
و تشرّد الأسماء عند الفجر…
…عند الفجر يأتي سادن الصنم الوحيد
ماذا نودّع غير هذا السجن ؟
ماذا يخسر السجناء؟
نمشي نحو أغنية بعيدة
نمشي إلى الحرية الأولى
فنلمس فتنة الدنيا لأول مرة في العمر …
هذا الفجر أزرق
و الهواء يرى و يؤكل مثل حبّ التين
نصعد
واحدا
و ثلاثة
مائة
و ألفا
باسم شعب نائم في هذه الساعات
عند الفجر عند الفجر، نختتم القصيدة
و نرتب الفوضى على درجات هذا الفجر
بوركت الحياة
و بورك الأحياء
فوق الأرض
لا تحت الطغاة
تحيا الحياة
تحيا الحياة
قمر على بعلبك
ودم على بيروت
يا حلو، من صبّك
فرسا من الياقوت
قل لي، و من كبّك
نهرين في تابوت
يا ليت لي قلبك
لأموت حين أموت
…من مبنى بلا معنى إلى بلا مبنى وجدنا الحرب …
هل بيروت نرآه لنكسرها و ندخل في الشظايا
أم مرايا نحن يكسرنا الهواء؟
تعال يا جندي حدثني عن الشرطيّ:
هل أوصلت أزهاري إلى الشبّاك ؟
هل بلّغت صمتي للذين أحبّهم و لأول الشهداء؟
هل قتلاك ماتوا من أجلي و أجل البحر …
أم هجموا عليّ وجرّدوني من يد امرأة
تعدّ الشاي لي و النّاي للمتحاربين ؟
و هل تغيّرت الكنيسة بعدما خلعوا على المطران زيّا عسكريا؟
أم تغيّرت الفريسة ؟
هل تغيرت الكنيسة
أم تغيّرنا؟
شوارع حولنا تلتفّ
خذ بيروت من بيروت، وزّعها على المدن
النتيجة: فسحة للقبو
ضع بيروت في بيروت ،واسحبها من المدن
النتيجة: حانة للهو
…نمشي بين قنبلتين
_هل نعتاد هذا الموت ؟
_هل تعرف القتلى جميعا؟
_أعرف العشّاق من نظراتهم
و أرى عليها القاتلات الراضيات بسحرهن و كيدهن
..و ننحني لتمر قنبلة؟
نتابع ذكريات الحرب في أيامها الأولى
_ترى، ذهبت قصيدتنا سدى
_لا… لا أظنّ
_إذن، لماذا تسبق الحرب القصيدة
_نطلب الإيقاع من حجر فلا يأتي
و للشعراء آلهة قديمة
…و تمرّ قنبلة، فندخل حانة في فندق الكومودور
_يعجبني كثيرا صمت رامبو
أو رسائله التي نطقت بها إفريقيا
_و خسرت كافافي
_لماذا
_قال لي: لا تترك الاسكندرية باحثا عن غيرها
_ووجدت كافكا تحت جلدي نائما
و ملائما لعباءة الكابوس ،و البوليس فينا
_ارفعوا عنيّ يدي
_ماذا ترى في الأفق؟
_أفقا آخرا
_هل تعرف القتلى جميعا ؟
_و الذيت سيولدون…
سيولدون
تحت الشجر
و سيولدون
تحت المطر
و سيولدون
من الحجر
و سيولدون
من الشظايا
يولدون
من المرايا
يولدون
من الزوايا
و سيولدون
من الهزائم
يولدون
من الخواتم
يولدون
من البراعم
و سيولدون
من البداية
يولدون
من الحكاية
يولدون
بلا نهاية
و سيولدون، و يكبرون، و يقتلون ،
و يولدون، و يولدون، و يولدون