بلوتُ الحَياةَ فَما مِن أَنيسٍ … يُؤآسي هُمومي وَما من صديقِ
تَقولُ ليَ وَإِمّا رَأَتني … مجدّاً تَقف عَثرةً في طَريقي
فَيا ربِّ أَطفىء سراجَ شُعوري … لِأَصبحَ ذا بَصرٍ مُستَفيقِ
وَأَخرس بِصَدري الشَبابَ فَإِنّي … أَوَدُّ اِستِماعَ فُؤادي الحَقيقي
لَقَد طالَ عَهديَ بِالظُلُماتِ … وَلم أَستَنِر بِسِوى الظُلُماتِ
كَأَنَّ الدُجى مَشعَلٌ في فُؤادي … تَزيّتُه بِالشَقاءِ الحَياةُ
فَما الزَهراتُ أَمام عُيوني … سِوى ذِكرَيات الهَوى الماضِيات
تمُرُّ بِمشهدِها المُستَحَبِّ … وَتذبلُ كَالأَزهَر الذابِلات
أُقَضّي لَيالِيَّ في مخدعٍ … بَكى والدي حَظَّه فيهِ قَبلي
فَكَم زارَني فيهِ من زائِرٍ … وَأَبصَرَني بِالدُموعِ أُصَلّي
نَشَأتُ تَشفّ بيَ الحسراتُ … فَتضوي فُؤادي الكَئيبَ وَتُبلي
تَمرَّد كلُّ غَريبٍ عَلَيَّ … وَلما كَبِرتُ تَمَرَّد أَهلي
أَرى اللَيلَ يَفتَحُ إيوانَهُ … لِيَستَقبلَ الأَجفنَ النائِمَه
وَنَفسيَ هائِمَةٌ في فَضاءٍ … تَخوَّفَ من نَفسِيَ الهائِمَه
فَيا مَن لهُ الأَعيُنُ الباسِماتُ … أَنِرني بِأَعيُنِكَ الباسِمَه
تَعالَ وَأَغمِض ذبولَ جُفوني … بِأَنمُلِكَ البَضَّةِ الناعِمَه
تَعالَ إِلَيَّ فَقَد سَكَتَ الطَيرُ … وَاللَيلُ مُنسَدِلٌ فَوقَ عشِّه
وَقَد نامَ فَلّاح تِلكَ الحقول … وَفي جَنبِهِ ما جَناهُ برفشِه
فَكم ملكٍ أَيُّها اللَيلُ يَبكي … أَمام جلالِكَ فَقدانَ عرشِه
وَكم بائِسٍ ظَلَمته الحَياةُ … يَخالُ سوادَكَ ظلمَةَ نَعشِه
تَعالَ وَأَنشِد عَلى مَسمَعي … أَغاني الهَوى بِلُغاتِ الخُلود
وَخُذ ذِكرَياتي إِلى إِلى عالَمٍ … يَطيبُ لِروحيَ فيهِ السُجودِ
فَهذي الحَياةُ ثَمالَةُ كَأسٍ … سَقاها رَجيمُ الرَدى لِلوُجودِ
فَدَعني أُنلها بَقايا جمادي … لِتمتَصَّها حَشَراتُ اللحود
تَعالَ فَإِنَّ دَقائِقَ عمري … تَمُرُّ عَلى مُهجَتي راحِلَه
وَقَد حَمَلت ليد اللانهايَةِ … أَكياسَ آماليَ الزائِلَه
غَداً إِن رَأَيتَ خَيالَ الحِمامِ … يَمُرُّ عَلى وَجنَتي الناحِلَه
تَعالَ وَضع قبلاتِ الوَفاءِ … عَلى شفةِ المائِتِ الذابِلَه
وَفي الغَدِ حينَ تمرُّ السنونُ … حَيارى عَلى خَدِّكَ الناعِمِ
وَتَنزِعُ عَنهُ سناءَ الجَمالِ … وَيَبقى سنا روحِكَ الدائِمِ
سَتذكُرُني ملقِياً هامَتي … بِعَطفٍ عَلى صَدرِكَ النائِمِ
وَأُسمِعُكَ الشِعرَ عَذباً طَرِيّا … كَسِحرٍ بِمرشفِكَ الباسِمِ
فَيا مَن ظَهَرتَ لريّقِ قَلبِيَ … في عالَمٍ مقفِرٍ منتنِ
وَأَشعَلتَ في لَيليَ المكفهرِّ … مشاعِلَ حُبِّكَ في أَعيُني
وَقُلتَ لِقَلبِيَ كُن عاشِقاً … فَكانَ وَفاضَ من الأَجفُنِ
تَعالَ إِلَيَّ وَلامس فُؤادي … وَلا تَخشَ من جرحِيَ المُزمِنِ