بعُمرِكَ تَدرِي أيَّ شَانَيَّ أعْجَبُ، … فَقَدْ أشكَلا: باديهِمَا وَالمُغَيَّبُ
جُنُونيَ في لَيلى، وَلَيلى خَلِيّةٌ، … وَصَغْوِيَ إلى سعدى وسعدى تجنب
إذا لَبِسَتْ كانَتْ جَمَالَ لِبَاسِها، … وَتَسْلُبُ لُبّ المُجتَلي، حينَ تَسلُبُ
وَسَمّيْتُها، من خَشيَةِ النّاسِ، زَيْنَباً، … وَكم سَترَتْ حُبّاً عنِ النّاسِ زَينَبُ
غَضَارَةُ دُنْيَا، شَاكَلَتْ بفُنُونِها … مُعَاقَبَةَ الدّنْيَا الّتي تَتَقلَّبُ
وَجَنّةُ خُلْدٍ، عَذّبَتْنا بدَلّها، … وَمَا خِلْتُ أنّا بالجِنَانِ نُعَذَّبُ
ألا رُبّمَا كأسٌ سَقَاني سُلافَهَا، … رَهيفُ التّثَنّي، وَاضِحُ الثّغرِ أشنَبُ
إذا أخذت أطْرَافُهُ مِنْ قنُوئِهَا، … رَأيْتَ اللُّجَينَ بالمُدامَةِ يُذْهَبُ
كَأنّ بِعَيْنَيْهِ الّذي جَاءَ حَامِلاً … بكَفّيْهِ مِنْ ناجُودِها، حينَ يَقْطِبُ
لأسْرَعُ في عقلي الذي بِتُّ، مَوْهِناً، … أرَى من قَرِيبٍ لا الذي بِتُّ أشرَبُ
لَدَى رَوْضَةٍ جَادَ الرّبيعُ نَبَاتَهَا … بغُرّ الغَوَادي، تَستَهِلُّ وَتَسكُبُ
إذا أصْبَحَ الحَوْذانُ في جَنَباتِهَا، … يُفَتِّحُ، وهِمتَ الدّنانيرَ تُضرَبُ
أجِدَّكَ، إنّ الدّهرَ أصْبَحَ صَرْفُهُ … يَجِدُّ، وَإنْ كُنّا، معَ الدّهرِ، نلعبُ
وَقد رَدّتِ الخمَسونَ رَدَّ صَرِيمَةٍ … إلى الشّيبِ، مَن وَلّى عن الشّيبِ يهرُبُ
فقَصرَكَ، إنّي حَائِمٌ، فَمُرَفْرِفٌ … على خُلُقي، أوْ ذاهبٌ حيثُ أذْهَبُ
نَظَرْتُ، وَرَأسُ العَينِ منّيَ مَشرِقٌ، … صَوَامِعَهَا، وَالعَاصِمِيّةُ مَغْرِبُ
بقَنطَرَةِ الخَابورِ، هَلْ أهلُ مَنبِجٍ … بمَنْبِجَ أمْ بادونَ عَنْهَا، فغُيَّبُ
وَمَا بَرِحَ الأعْداءُ، حتّى بدَهتَهمْ … بظَلْمَاءِ زَحْفٍ، بِيضُهَا تَتَلَهّبُ
إذا انبَسطتْ في الأرْضِ زَادتْ فُضُولُها … على العَينِ حتّى العينُ حسرَى تَذَبذَبُ
وَإنّ ابنَ بِسطامٍ كَفَاني انْفِرَادُهُ … مُكاثَرَةَ الأعْداءِ، حينَ تَألّبُوا
أخي عِنْدَ جِدّ الحادِثاتِ، وَإنّمَا … أخوكَ الذي يأتي الرّضَا، حينَ تغضَبُ
يُؤَمَّلُ في لينِ اللُّبُوسِ، وَيُرْتَجَى … لطَوْلٍ، وَيُخشَى في السّلاحِ وَيُرْهَبُ
وَما عاقَهُ أنْ يَطعَنَ الخَيلَ، مُقدِماً … على الهَوْلِ فيها، أنّهُ باتَ يكتُبُ
تَرُدُّ السّيُوفُ الماضِياتُ قَضَاءَهَا … إلى قَلَمٍ، يُومي لهَا أينَ تَضرِبُ
مُدَبِّرُ جَيشٍ، ذَلّلَ الأرْضَ شَعبُه، … وَعَزْمَتُهُ من ذلكَ الجَيشِ أشغَبُ
إذا الخَطبُ أعْيَا أينَ مأخذهُ اهتدى … لِمَا يَتَوَخّى مِنْهُ، أوْ يَتَنَكّبُ
نُعَوِّلُ، وَالإجْداءُ فيهِ تَبَاعُدٌ، … عَلى سَيّدٍ يَدْنُو جَداهُ، وَيَقرُبُ
على مَلِكٍ لا يَحجُبُ البخلُ وَجْهَهُ … علَينا، وَمن شأنِ البَخيلِ التّحَجّبُ
وَأبيَضَ يَعلُو، حينَ يَرْتَاحُ للنّدَى، … على وَجهِهِ لوْنٌ، من البِشرِ، مُشرَبُ
تَفَرّعَ أخْلاقَ الرّجالِ، وَعِنْدَهُ … شَوَاغلُ من مَجدٍ تُعَنّي، وَتَنصِبُ
لَهُ هِزّةٌ مِنْ أرْيَحِيّةِ جُودِهِ … تكادُ لها الأرْضُ الجَديبَةُ تُعشِبُ
تَحُطُّ رِحَالُ الراغبين إلى فَتًى، … نَوَافِلُهُ نَهْبٌ لِمَنْ يَتَطَلّبُ
إلى غَمَرٍ في مَالِهِ، تَسْتَخِفُّهُ … صِغَارُ الخُطوبِ، وَهوَ عَوْدٌ مجَرَّبُ
تُجَاوِزُ غَايَاتِ العُقُولِ مواهِبٌ، … نَكَادُ لهَا، لَوْلا العِيانُ، نُكذِّبُ
جَدًى، إنْ أغَرْنا فيه كانَ غَنيمَةً، … وَيَضْعُفُ فيهِ الغُنمُ، حينَ يُعَقَّبُ
خَلائِقُ لَوْ يلقى زِيَادٌ ِمِثاْلِهَا، … إذن لمْ يَقُلْ: أيُّ الرّجالِ المُهَذَّبُ
عَجِبْتُ لَهُ لمْ يَزْهُ عُجْباً بنَفْسِهِ، … وَنحنُ بهِ نَختالُ زَهْواً، وَنُعجَبُ
فِداكَ، أبا العَبّاسِ، من نُوَبِ الرّدى … أُنَاسٌ يَخيبُ الظّنُّ فيهِمْ، وَيكذبُ
طَوَيْتُ إلَيْكَ المُنعِمينَ، وَلمْ أزَلْ … إلَيكَ أُعَدّي عَنهُمُ، وَأُنَكِّبُ
وَما عَدَلَتْ عَنْكَ القَصَائدُ مَعدِلاً، … وَلا ترَكَتْ فَضْلاً لغَيرِكَ يُحسَبُ
نُنَظّمُ مِنْهَا لُؤلؤاً في سُلُوكِهِ، … وَمن عَجَب تَنظيمُ ما لا يُثَقَّبُ
فلَوْ شارَكَتْ في مَكرُماتِكَ طَيِّءٌ … لَوُهّمَ قَوْمي أنّني أتَعَصّبُ
متى يَسألِ المَغرُورُ بي عن صَرِيمَتي، … يُخَبّرْهُ عَنْهَا غَانمِ، أوَمُخَيَّبُ
يَسُرُّ افْتِنَاني مَعشَراً، وَيَسُوءُهُمْ، … وَيَخْلُدُ ما أفتَنُّ فيهِمْ وَأُسْهِبُ
لمْ يُبْقِ كَرُّ الدّهْرِ غَيرَ عَلائِقٍ … من القَوْلِ تُرْضِي سامعينَ، وَتُغضِبُ