بشراك هذا منار الحي ترمقه … وهذه دور من تهوى وتعشقه
وهذه الروضة الغناء مهدية … مع النسيم شذا الأحباب تنشقه
وتلك أعلامهم للعين بادية … تزهو بها بهجة النادي ورونقه
فحي سكان ذاك الحي إن شهدت … عيناك سرب الغواني حين يطرقه
واخلع به النعل والثم تربة عبقت … بالمسك لما مشى فيها مقرطقه
جد في الربوع بمرجان الدموع ولا … تبخل فمحمر دمع الحب أصدقه
واقرع على البخت باب الحنان عن أدب … لعل بفتح عند القرع مغلقه
فَثَمَّ تلق الحسان البيض عاكفة … في منظر ورده يذكو وزنبقه
على تناول شيء من خصائصه … سلب النهى إن سرى فيها معتقه
تجلو أشعته غيم الهموم إذا … تصاعدت ويد الساقي تروقه
يدعو إلى كرم الأخلاق ساكبه … بسائل من دم العنقود يهرقه
من كل غان كأن الليل طرته … والشمس غرته والسحر منطقه
يزهو به من عقود الجيد لؤلؤها … كأنه من دراري الثغر يسرقه
لدن القوام دقيق الخصر خاتمه … لو شاء من غير تكليف يمنطقه
ما أطيب العيش في أكنافهن وما … أولى الفتى بنفيس العمر ينفقه
ألذه حيث كان الشمل مجتمعا … وشره لا قضى المولى تفرّقه
لله فرصة أنس قد ذكرت بها … عصراً بنيل المنى يشدو مطوقه
أبان نيلي في شرخ الشباب من الأحباب … ما لا أظن الغير يرزقه
انآء عز بساحات لبست بها … من الصبا ما يكاد البين يخلقه
في مربع ممرع نيطت علي به … تمائمي وبفؤدي شد بخنقه
أهكذا ليت شعري كل ذي كرم … يصيبه تذكاره المأوى ويقلقه
يا أيها الراكب الغادي إلى بلد … جرعاؤه خصبة المرعى وأبرقه
ناشدتك الله والود القديم إذا … ما بَانَ مِن بَانِ ذاك السفح مورقه
وشاهدت عينك الغناء غادرها … مخضلة بالحيا الوسمي مغدقه
أن تستهل صريخاً بالتحية عن … باك من البعد كاد الدمع يغرقه
يثير أشجانه فوج الصبا سحراً … وساجع الورق بالذكرى يؤرقه
له فؤاد نزوع لا يفارقه … حر الغرام وجفن ليس يطبقه
بالهند ناءْ أخي وجدْ يَحِنُّ إلى … أوطانه وسهام البين ترشقه
وللظباء بهاتيك السفوح له … تأله برقيق الشعر ينطقه
لم يسل عنهم ولم ينس العهود ولم … ينقض وإن طالت الأيام موثقه
وما دعاه لطول الإغتراب سوى … أمر به ظل سعد الحظ يسبقه
وكيف لا يحمد المسعى وقد بلغت … به إلى الدكن المأنوس أنيقه
حتى أناخ بباب الآصفي نظام … الملك أهيب سلطان وأليقه
النير الفرد محبوب العلي ومن … من أفضل الدولة العالي تألقه
سامي المقام أغرّ الوجه مسفره … زاكي النجار حسيب الأصل معرقه
من دوحة في روابي العز منتبها … وماء عين العلا فيها تدفقه
خيار من ملك الدنيا أبوتّه … ورهطه لرهان المجد سبقه
أصول مجد إلى الصديق نسبتهم … وشاهد القول أفعال تصدقه
كأنهم عقد زهر في تناسبهم … يد الخلافة للهادي تنسقه
جاءت بأكرم فرع طاب منشؤه … وخير من أمل الراجي يحققه
صافي الرغام فلم يلمم به أشب … يشين أو قتر في الوجه يرهقه
ليث العرين تصك الخطب همته … وتنطح الشامخ الراسي فتسحقه
ثبت إذا مكفهر النائبات دهى … فبالقنا وسديد الرأي يفتقه
نجيع هام العدا صهباء مرهَفِه … محكم في تراقيهم مذلقه
الرابط الجاش والهيجاء كاشرة … إذ كل قرم خفوق القلب مشفقه
والقاحم الهول لو أدنى قوارِعِه … طنت بسمع أخي عبس تصعقه
والخائض الغمرات اللاء لو هدأت … وخاض شاطئها ابن الورد تغرقه
والقائد الجيش كرّاراً بمعترك … تهوى هوي البزاة الشهب سبقه
والقائل الفصل ما بين الملوك فلو … ناجاه ذو لهجة بالريق يشرقه
والواهب الذهب الآبي لكثرته … عن أن يحيط به عَدَّاً مفرقه
لا يشهد الفضل في بذل النوال سوى … لقابليه ولا بالمن يمذقه
يعلي إذا أمه الحر الكريم له … شأوا ومن رق صرف الدهر يعتقه
يهوي إلى جوده من كل قاصية … مقيد الدهر بالأرزا ومطلقه
ما في الملوك له ندّ ولا مثل … لا هم إلا إن الباري سيخلقه
تجري سباقاً إلى العلياء ضمرهم … ومن إذا ما جرت حاشاه يلحقه
ميزان عدل يحق الحق مقتدراً … ويدمغ الجور تنزيهاً ويزهقه
يولي ذوي الفضل فضلاً والمسيء بما … جنى وما كسبت أيديه يوبقه
بسبقه في مجال الفخر يشهد في المسكون … مغربه الأقصى ومشرقه
ولم يزل لاقتناء المجد مجتهداً … وبارتقا فلك العليا تعلقه
لنيل ما عجزت عنه الملوك على … علاته أبداً ينمو تشوقه
يا أيها الملك الميمون لا برحت … على لوائك ريح النصر تخفقه
وافتك من نازح ذابت حشاشته … بالبين فهو كئيب الصدر ضيقه
عذراء يعنو جرير لو أصاخ لها … سمعاً ويسجد تعظيماً فرزدقه
تزهو وتختال في برد البيان لكي … ترد دعوى مضاهيها وتحنقه
تَمُتُّ بالصدق إذ لم تأت مُخْتَلَقاً … من الثناء وخير القول أصدقه
ضمنت أبياتها آي البديع فلم … يقدر عليها بليغ القول مفلقه
فإن قبلت فأهل للقبول وإن … تعرض فيكبو لحظ المرء أبلقه