يا لهفة النفس على غاية … كنت وهندا نلتقي فيها
أنا كما شاء الهوى و الصّبا … و هي كما شاءت أمانيها
تكاد من لطف معانيها … يشربها خاطر راثيها
آمنت بالله و آياته … أليس أنّ الله باريها ظ
نباغت الأزهار عند الضّحى … متّكئات في نواحيها
ألوى على الزّنبق نسرينها … و التفّ عاريها بكاسيها
و اختجلت في الشّمس ألوانها … كأنّها تذكر ماضيها
تآلفت ، فالماء من حولها … يرقص و الطير تغنّيها
من لقّن الطير أناشيدها ؟ … و علّم الزهر تآخيها ؟
يا هند هذي معجزات الهوى … و إنّها فينا كما فيها
لا تستحي الزهر بإعلانها … فما لنا نحنت نواريها ؟
و تهتف الطير بها في الربى … فما لنا نحن نعمّها ظ
لله في الغابة أيّمنا … ما عابها إلاّ تلاشيها
طورا علينا ظلّ أدواحها … و تارة عطف دواليها
و تارة نلهو بأعنابها … و تارة نحصى أقاحيها
تسكت إذ نشكو شحاريرها … كأنّما التغريد يؤدّيها
و إن تضاحكا سمعنا الصدى … يضحك معنا في أقاصيها
و إن مشينا فوق كئبانها … لاحت فشاقتنا أدانيها
و فوقنا الأغصان معقودة … ذوائب طال تدلّيها
إذا هززها عن غرّة … ألقت من الذعر لآليها
نسير من كهف إلى جدول … نكتشف الأرض و نطويها
و النور عطر في تعاريجها … و العطر نور في حواشيها
و تختبي هند فأشتاقها … و أختبي عنها فأغريها
كم أوهمتني الخوف من طارىء … تشجي بذا نفسي فتشجيها
فرحت أعدو نحوها مشفقا … فكان ما حاذرت تمويها
فاعجب لأطواري و أطوارها … تعبت منّي و أجاريها
ألله لو دام زمان الهوى … و دام من هند تجنّيها
لا غابتي اليوم كعهدي بها … و لا التي أحببتها فيها
و لا تلال كهنود الدمى … و لا سفوح كتراقيها
و لا الندى درّ على عشبلها … و لا الأقاحي في روابيها
و لا الضّحى يلقى على أرضها … شبّاك تبر من أعاليها
أهبطني أمس إلى حضنها … شوقي إلى سجع قماريها
فلم تخمّشني بأوراقها … و لم تهلّل لي سواقيها
قد بدّل الإنسان أطوارها … و اغتصب الطيّر مآويها
وفتّ بالبارود جلمودها … واتثّ بالفأس دواليها
و شاد من أحجارها قرية … سكّانها الناس و أهلوها
يا لهفة النّفس على غابة … كنت و هندا نلتقي فيها
جنّة أحلامي و أحلامها … ودار حبّي و تصابيها
نبكي من اليأس على شوكها … و كان يدميني و يدميها
كانت تغطّينا بأوراقها … فصارت الدّور تغطّيها