الدارُ ناطقة ٌ وليستْ تنطقُ … بدثورها أنَّ الجديدَ سيخلقُ
دمنٌ تجمعتِ النوى في ربعها … وتَفَرَّقَتْ فيها السَّحابُ الفُرَّقُ
فترقرقتْ عيني مآقيها إلى … أَنْ خِلْتُ مُهْجَتي التي تَتَرقْرَقُ
يا سهمُ كيفَ يفيقُ من سكرِ الهوى … حَرَّانُ يُصْبَحُ بالفِرَاقِ ويُغْبَقُ؟
ما زالَ مشتملَ الفؤادِ على أسى ً … والبَيْنُ مُشْتَمِلٌ على مَنْ يَعْشَقُ
حكمتْ لأنفسها الليالي أنَّها … أَبداً تُفَرقُنا ولاتَتَفَرَّقُ
عمرِي لقَدْ نَصَحَ الزَّمانُ وإِنَّه … لمنَ العجائبِ ناصحٌ لا يشفقُ
إنْ تلغِ موعظة َ الحوادثِ بعدما … وضحتْ فكمْ منْ جوهرٍ لا ينفقُ
إِنَّ العَزَاءَ وإِنْ فَتى ً حُرِمَ الغِنَى … رزقٌ جزيلٌ للذي لا يُرزقُ
هممُ الفتى في الأرضِ أغصانُ الغنى … غُرِسَتْ وليسَتْ كلَّ عامٍ تُورِقُ
يا عُتْبَة َ ابنِ أَبي عُصَيْمٍ دَعْوَة ً … شَنْعَاءَ تَصْدِمُ مِسْمَعَيْكَ فتَصْعَقُ
أخرست إذْ عاينتني حتى إذا … ما غبت عنْ بصري ظللتَ تشدَّقُ ؟
وكذا اللئيم يقولُ إنْ نأتِ النوى … بِعَدوهِ ويَحُولُ ساعَة َ يُصْدَق
عَيْرٌ رَأَى أَسدَ العَرينِ فَهَالَه … حتَّى إِذَا وَلَّى تَوَلَّى يَنْهَقُ
أَوْ مِثْلَ رَاعي السُّوءِ أَتلفَ ضأْنَه … ليلاً وأصبحَ فوقَ نشزٍ ينعقُ
هيهاتَ غالكَ أنْ تنالَ مآثري … إستٌ بها سعة ٌ وباعٌ ضيقُ
وتَنْقُّلٌ مِنْ مَعْشَرٍ في مَعْشَرٍ … فكأنَّ أمَّكَ أوْ أباكَ الزئبقُ
أإلى بنِي عَبدِ الكَريمِ تَشاوَسَتْ … عَيْنَاكَ وَيْلَكَ خِلْفَ مَنْ تَتَفَوَّقُ
قَوْمٌ تَراهُمْ حينَ يَطْرُقُ مَعْشَرٌ … يسمونَ للخطبِ الجليلِ فيطرِقُ
قومٌ إذا اسودَّ الزمانُ توضحوا … فيهِ فغُودِرَ وَهوَ مِنْهُمْ أَبلَقُ
ما زالَ في جرمِ بن عمروٍ منهمُ … مفتاحٌ بابٍ للندى لا يُغلقُ
ما أنشئتْ للمكرمات سحابة ٌ … إلا ومنْ أيديهمُ تتدفَّقُ
أنظرْ فحيثُ ترى السيوفَ لوامعاً … أَبَداً فَفَوْقَ رُؤُوسِهِم تَتَأَلَّقُ
شوسٌ إذا خفقتْ عقابُ لوائِهمْ … ظلَّتْ قلوبُ الموتِ منهمْ تخفقُ
بُلْهٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِيدَ حَسِبتَهُم … لم يحسبوا أنَّ المنية َ تخلقُ
قلْ ما بدا لك يا ابنَ ترنَا فالصَّدا … بِمُهَذَّبِ العِقيانِ لا يَتَعَلَّقُ
أَفَعِشْتَ حتَّى عِبْتَهم قُل لي مَتى … فَرزِنتُ سُرْعَة َ ما أرَى يا بَيدَقُ
جدعاً لأنفِ طيءٍ إنْ فتَّها … وَلَوَأنَّ رُوحَك بالسماكَ مُعَلَّقُ
إني أراكَ حلمتَ أنَّكَ سالمٌ … مِنْ بَطْشِهِمْ ما كلُّ رُؤيا تَصْدُقُ
إِيَّاكَ يَعني القائلونَ بِقَوْلِهِم … إنَّ الشقيَّ بكلِّ حبلٍ يخنقُ
سِر أَينَ شِئْتَ مِنَ البِلادِ فإِنَّ لي … سوراً عليكَ من الرجالِ يخندقُ
وقبيلة ً يدعُ المتوجُ خوفهمْ … فكأنَّما الدنيا عليهِ مطبقُ
وقَصائداً تَسْري إليكَ كأنَّها … أَحلامُ رُعْبٍ أَوْ خُطُوبٌ طُرَّقُ
من منهضاتكَ مقعداتِكَ خائفاً … مستوهلاً حتى كأنَّكَ تطلِقُ
مِنْ شاعِرٍ وقَفَ الكَلامُ بِبابهِ … واكْتَنَّ في كَنَفي ذَرَاهُ المَنْطِقُ
قدْ ثقفتْ منهُ الشآمُ وسهلتْ … منه الحجازُ ورققتْهُ المشرِقُ