الحقُّ أبلجُ والسيوفٌ عوارِ … فَحَذَارِ مِنْ أَسَدِ العَرِينِ حذَارِ
ملكٌ غدا جارَ الخلافة َ منكمُ … واللهُ قد أوصى بحفظِ الجارِ
يارُبَّ فِتْنَة ِ أُمَّة ٍ قَدْ بَزَّها … جبارها في طاعة ِ الجبارِ
جالتْ بخيذرِ جولة ِ المقدارِ … فأَحَلَّهُ الطُّغْيَانُ دَارَ بَوَارِ
كمْ نعمة ٍ للهِ كانتْ عندهُ … فكأنها في غربة ٍ وإسارِ
كسيتْ سبائبِ لومهِ فتضاءلتْ … كتضاؤلِ الحسناءِ في الأطمارِ
موتورة ٌ طلبَ الإلهُ بثأرها … وكفى بربِّ الثأرِ مدركَ ثارِِ
صَادَى أَمِير المُؤْمِنينَ بَزِبْرجٍ … في طَيهِ حُمَة ُ الشُّجاعِ الضَّارِي
مَكْراً بَنَى رُكْنَيْهِ، إلاَّ أَنَّهُ … وطدَ الأساسَ على شفيرٍ هارِ
حتَّى إذا ما اللَّهُ شَقَّ ضَمِيرَهُ … عَنْ مُسْتَكِن الكُفْرِ والإصْرَارِ
ونحا لهذا الدينِ شفرتهُ انثنى … والحَقُّ مِنْهُ قانئُ الأظفَارِ
هَذَا النَّبيُّ وكانَ صَفْوَة َ رَبهِ … منْ بينٍ بادٍ في الأنامِ وقارِ
قدْ خصَ منْ أهلِِ النفاقِ عصابة ً … وهمْ أشدُ أذى ً منَ الكفار
واختارَ منْ سعدٍ لعينِ بني أبي … سَرْحٍ لِوَحْي الله غَيْرَ خِيَارِ
حتى َّ استضاءَ بشعلة ٍ السورِ التي … رفعتْ لهُ سجفاً عنِ الأسرارِ
والهاشميونَ استقلتْ عيرهمُ … مِنْ كَرْبَلاَءَ بأَثْقَلِ الأَوْتارِ
فشفاهمُ المختارُ منهُ ولم يكنْ … في دينهِ المختارُ بالمختارِ
حتَّى إذا انكشفَتْ سَرائِرُه اغتَدَوْا … منهُ براءَ السمعِ والأبصارِ
ما كانَ لولا فحشُ غدرٌ خيذرَ … ليكونَ في الإسلام عامُ فجارِ
ما زالَ سرُّ الكفرِ بينَ ضلوعهِ … حتَّى اصطلَى سِرَّ الزنادِ الوَاري
ناراً يُساوِرُ جِسْمَهُ مِنْ حَرها … لهبٌ كما عصفرتَ شقَّ إزارِ
طارتْ لها شعلٌ يهدمُ لفحها … أرْكَانَهُ هَدْماً بغيْرِ غُبَارِ
مشبوبة ً رفعتْ لأعظمِ مشركِ … ما كانَ يَرفَعُ ضَوْءَها للسَّارِي
صلى لها حياً وكانَ وقودها … مَيْتاً ويَدخُلُها معَ الفُجَّارِ
فصلنَ منهُ كلِّ مجمعِ مفصلٍ … وفعلَ فاقرة ً بكلِّ فقارِ
وكذَاكَ أَهْلُ النَّارِ في الدُّنيا هُمُ … يومَ القيامة ِ جلُّ أهل النارِ
يا مشهداً صدرتْ بفرحتهِ إلى … أَمْصَارِها القُصْوَى بَنُو الأمْصَارِ
رمقوا أعالي جذعهِ فكأنما … وجَدُوا الهلالَ عَشِيَّة َ الإفْطَارَ
واستنشأوا منهُ قتاراً نشرهُ … مِنْ عَنْبَرٍ ذَفِرٍ ومِسْكٍ دَارِي
وتحدثوا عنْ هلكهِ كحديثِ منْ … بالْبَدْوِ عن مُتتَابِعِ الأمطارِ
وتَبَاشَرُوا كتَباشُرِ الحَرَمْين في … قُحَمِ السنينِ بأَرْخَصٍ الأسْعَارِ
كانَتْ شَماتَة ُ شامتٍ عاراً فَقَدْ … صارتْ بهِ تنضو ثيابِ العارِ
قدْ كانَ بوأهُ الخليفة ُ جانباً … مِنْ قَلْبِهِ حَرَماً على الأَقْدَارِ
فَسَقَاهُ ماءَ الْخَفْضِ غَيْرَ مُصَرَّدِ … وأنامهُ في الأمْنِ غَيْرَ غِرَارِ
ورَأَى بهِ مالم يكُنْ يَوْماً رَأَى … عَمْرُو بنُ شَأْسٍ قَبْلَهُ بِعِرَارِ
فإذا ابنُ كافرة ٍ يسرُّ بكفرهِ … وجداً كوجدِ فرزدقٍ بنوارِ
وإذا تذكرهُ بكاهُ كما بكى … كعبٌ زمانُ رثى أبا المغوارِ
دلتْ زخارفهُ الخليفة َ أنهُ … ما كلُّ عودٍ ناضرِ بنضارِ
يا قابضاً يدَ آلِ عادلاً … أتبعْ يميناً منهمُ بيسارِ
أَلْحِقْ جَبيناً دَامِياً رَمَّلْتَهُ … بِقَفاً، وصَدْراً خائِناً بِصدارِ
واعلمْ بأنكَ إنما تلقيهمُ … في بعضِ ما حفروا منَ الآبارِ
لوْ لم يكدْ للسامري قبيلهُ … ما خَارَ عِجْلُهُمُ بِغَيْرِ خُوَارِ
وثَمُودُ لَوْ لَمْ يُدْهِنُوا في رَبَّهم … لم تَدْمَ ناقَتُه بِسَيْفِ قُدَارِ
ولقد شفى الأحشاءَ منْ برحائها … أَنْ صَارَ بَابَكُ جارَ مازَيَّارِ
ثانيهِ في كبدِ السماءِ ولم يكنْ … لاثنْينِ ثانٍ إذْ هُما في الغَارِ
وكأنما انتبذا لكيما يطويا … عنْ ناطسٍ خبراً منَ الأخبارِ
سودُ الثيابِ كأنما نسجتْ لهمْ … أَيْدِي السَّمُومِ مَدَارِعاً مِنْ قَارِ
بَكرُوا وأسْروْا في مُتُونِ ضَوَامِرٍ … قِيدَت لَهُمْ مِنْ مَرْبِطِ النَّجارِ
لا يبرحونَ ومن رآهم خالهمْ … أَبَداً على سَفَرٍ مِنَ الأسفارِ
كادُوا النُّبُوَّة َ والهُدَى ، فتَقطَّعَتْ … أعناقهمْ في ذلكَ المضمارِ
جَهِلُوا، فلم يَسْتَكثِرُوا مِنْ طاعة ٍ … معروفة ٌ بعمارة ِ الأعمارِ
فاشددْ بهارونَ الخلافة َ إنهُ … سكنٌ لوحشتها ودارُ قرارِ
بفتى بني العباسِ والقمرِ الذي … حَفَّتْهُ أنْجُمُ يَعْرُبٍ ونِزَارِ
كَرَمُ العُمُومَة ِ والخؤولَة ِ مَجَّهُ … سَلَفا قُرَيْشٍ فيهِ والأنْصَارِ
هُوَ نَوْءُ يُمْنٍ فيهمُ وسَعَادة ٍ … وسراجُ ليلٍ فيهمُ ونهارِ
فاقْمَعْ شَياطينَ النفاقِ بِمُهْتَدٍ … تَرْضَى البَرِيَّة ُ هَدْيَهُ والبَاري
ليسيرَ في الآفاقِ سيرة َ رأفة ٍ … ويَسُوسَها بِسَكينة ٍ ووَقارٍ
فالصينُ منظومٌ بأندلسٍ إلى … حِيطانِ رُومية ٍ فَمُلْكِ ذَمَارِ
ولقَدْ عَلِمْتُ بأنَّ ذلك مِعْصَمٌ … ما كنْتَ تَتْرُكُهُ بغَيْرِ سِوَارِ
فالأرض دارٌ أقْفَرت مالم يَكُنْ … مِنْ هَاشِمٍ رَبٌّ لتِلكَ الدَّارِ
سورُ القرانِ الغرُّ فيكمْ أنزلتْ … ولكمْ تصاغُ محاسنُ الأشعارِ